المقنع في رسم مصاحف الأمصار.۱
وفضلاً عن مقدّمات التفاسير، فإنّ بحث جمع القرآن له مكانة خاصّة في مصادر علوم القرآن أيضاً، بل إنّ بعض المعاصرين اتّجهوا في هذا المجال إلى تأليفات مستقلّة. وفي القرون الأخيرة، كان موضوع جمع القرآن من أهمّ المباحث التي حظيت باهتمام المستشرقين، فتناول المستشرق الألماني ثيودور نولدكه بحوثَ جمع القرآن لأوّل مرّة في الفصل الثاني من كتابه تاريخ القرآن.۲
ثم درس روجيه بلاشير مباحث جمع القرآن في قسم من مقدمة ترجمته للقرآن.
واستمرّ هذا الاتّجاه حتّى ألّف جان بيرتون، في دراساته الأخيرة كتاباً مستقلاًّ في موضوع جمع القرآن بعنوان جمع القرآن وتدوينه.
ويبدو أنّ جهود المستشرقين هذه تواصلت بهدف إضعاف مكانة القرآن السامية وإثبات عدم انسجام القرآن الحاضر مع القرآن في عهد النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، ومن ثمّ الإيحاء بشبهة التحريف، في حين أنّ موضوع جمع القرآن يمثّل قضية مختلفة تماماً عن موضوع تحريفه وتتّفق الآراء المختلفة في موضوع جمع القرآن مع صيانته من التحريف بل إنّ توقيفية ترتيب القرآن أو اجتهاديته ليس لهما دور مؤثّر في فهم القرآن وتفسيره؛ ولذلك شكّك عدد من المفسرين في توقيفية ترتيب الآيات والسور مع التأكيد على حفظ القرآن من أيّ نوع من التحريف.۳
المسألة الاُولى: كيفية تكوّن السور
يجدر الالتفات إلى الملاحظات التالية بشأن كيفية تكوّن السور وهويّتها المستقلّة:
۱. ذكر القرآن بعض أجزائه بكلمة «السورة»، ولا شكّ في أنّها كانت ذات معنى ومفهوم واضح بالنسبة إلى مخاطبيه المعاصرين له، كما أنّ رواية صفوان الجمّال عن