155
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

البلاذري أنّ عددهم في يثرب كان أحد عشر شخصاً۱، إلّا أنّهم كانوا قد أسلموا تدريجياً ولا يوجد دليل واضح على كتابة الوحي من قبل بعضهم. وفي المقابل، فإنّ بعض الأشخاص مثل المقداد، لم يُطرحوا في عداد كتّاب الوحى علي الرغم من معرفتهم بالقراءة والكتابة۲. وقد كذّب بعض الباحثين كون الكثير منهم كتّاباً ورفضوه.۳

ويبدو أنّ المنافسات القبلية والتعصّب المذهبي - فيما بعد - كان لهما بعد وفاة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله دور كبير في اختلاق الفضائل لبعض الصحابة، فنظراً إلى أهمّية كتابة القرآن وامتيازها ذكرت أسماء بعض الأشخاص في المصادر على أنّهم كتّاب للوحي.۴

وعلى سبيل المثال: فقد ولد سعيد بن العاص بن سعيد في السنة الثالثة من الهجرة، ومارس الكتابة لعثمان في عهد خلافته، وكان من الأشخاص الأربعة الذين عيّنوا لاستنساخ القرآن‏۵، ولعلّ ذلك أدّى إلى أن يعدّ من كتّاب الوحي، في حين أنّ عمره كان أقلّ من تسع سنوات عند وفاة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ۶. كما كان لأبي عبيدة الجرّاح دور في جمع القرآن في عهد الخليفة الأول ولذلك عُدّ كاتباً للوحي‏۷. وكانت النتيجة أن اعتبره بعض المؤرّخين كاتباً للنبيّ صلى اللّه عليه و آله سهواً أو عمداً؛ وعليه يجب النظر بعين الشكّ إلى هذه النسبة.

كتابة الوحي في مكّة

شُغل رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله بالدعوة إلى الإسلام في مكّة لثلاثة عشر عاماً، ونزل خلال هذه المدّة ما مجموعه ۸۲ ۸ أو ۸۶ سورة من القرآن، وما بقي منه نحو ۱۶۰۰ آية من

1.فتوح البلدان: ص ۴۵۵.

2.فتوح البلدان: ج ۳ ص ۵۸۱.

3.تاريخ تحقيقى إسلام: ج ۱ ص ۷۰.

4.مكاتيب الرسول: ج ۱ ص ۱۱۵؛ تاريخ قرآن، محمود راميار: ص ۲۶۳.

5.الإصابة: ج ۱ ص ۱۷۱.

6.إمتاع الأسماع: ج ۶ ص ۳۳۹.

7.تاريخ اليعقوبي: ج ۲ ص ۳۳.

8.سير أعلام النبلاء: ج ۱ ص ۸.


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
154

تصحيف بعض الأسماء

من الأسباب الاُخرى لتعدّد الكتّاب: تصحيف المعلومات المتعلّقة بالأشخاص، وعلى سبيل المثال فإنّ بعض المؤرّخين اعتبر أبا حمّاد عقبة بن عامر الجهني من كتّاب رسول اللَّه، واستشهدوا برسالة للنبيّ صلى اللّه عليه و آله ذكرها ابن سعد وجاء في نهايتها اسم عقبة، إلّا أنّ الكاتب المذكور هو علاء بن عقبة استناداً إلى المخطوطات الموجودة.۱

كما حدث خلط بين المعلومات المتعلّقة بأبي الوليد أبان بن سعيد وأخويه خالد وعمرو الذين اعتُبروا من كتّاب الوحي. فخلافاً للروايات التي دار الحديث فيها عن هجرة أبان إلى الحبشة۲، وذكرته في عداد كتّاب النبيّ صلى اللّه عليه و آله ۳، فقد كان من أعداء الرسول صلى اللّه عليه و آله ومع المشركين في معركة بدر۴ ثم أسلم بعد الحديبية (السنة السادسة)۵، حيث آوى عثمان عندما ذهب للتفاوض مع قريش من الحديبية إلى مكّة۶، واشترك في غزوة خيبر (السنة السابعة)، وولي البحرين بعد ذلك من قبل رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وبقي فيها حتّى وفاة النبيّ صلى اللّه عليه و آله .۷

اختلاق الفضائل لبعض الصحابة

كان في مكّة، تزامناً مع البعثة، نحو سبعة عشر شخصاً على علم بفن الكتابة۸. واعتبر أبو عبداللَّه الزنجاني‏۹ عدد المتعلمين في مكة أربعة عشر شخصاً فقط، وذكر

1.البداية والنهاية: ج ۵ ص ۳۷۰؛ مكاتيب الرسول: ج ۱ ص ۱۴۶.

2.تاريخ دمشق: ج ۶ ص ۱۳۲؛ الإصابة، ج ۱ ص ۱۶۹.

3.أنساب الأشراف، ج ۲ ص ۱۹۳؛ فتوح البلدان: ج ۳ ص ۵۸۰.

4.أسد الغابة: ج ۱ ص ۱۴۹؛ الإصابة: ج ۱ ص ۱۶۸.

5.الاستيعاب، ج ۱ ص ۶۲؛ تاريخ دمشق: ج ۶ ص ۱۳۳.

6.السيرة النبوية: ج ۲ ص ۳۱۵.

7.الاستيعاب: ج ۱ ص ۶۲؛ أسد الغابة: ج ۱ ص ۵۷۵.

8.فتوح البلدان، ج ۳ ص ۵۸۰.

9.تاريخ القرآن: ص ۵۱.

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27293
صفحه از 616
پرینت  ارسال به