15
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

إنّ التأمّل في هذا الكلام ذي اللهجة التحذيرية يستلزم أن يتعرّف الفضلاء الشباب في الحوزات العلمية - في بداية حياتهم العلمية - على مكانة القرآن الكريم قبل كلّ شي‏ء في مجالات المعارف العقيدية والأخلاقية والعملية، فلو حصلوا على مثل هذه المعرفة فسوف يسعون بكلّ جهدهم لأن ينتفعوا من أسرار هذا الكتاب السماوي ويمتّعوا الآخرين أيضاً بها، وسوف لا يأسفون في أواخر أعمارهم على ماضيهم، وبالطبع فإنّ عليهم أن يبحثوا عن أفضل عالم بالقرآن من أجل معرفة مكانة هذا الكتاب السماوي في ساحة حقائق الوجود والمعارف الدينية.

أفضل عالم بالقرآن‏

لا شكّ في أنّ أفضل عالم بالقرآن هو منزّله، أي اللَّه تعالى، ومن بعده رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام ؛ لأنّ معرفتهم لا تقوم على الحدس والظنّ، بل على أساس الوحي والإلهام الإلهيين؛ وبناء على ذلك فإنّ ما بيّنه القرآنُ في وصف نفسه، وما قاله النبيّ صلى اللّه عليه و آله وأهل البيت عليهم السلام في التعريف بهذا الكتاب أفضل وأتقن وثيقة لمعرفة القرآن.

التعريف بموسوعة «معرفة القرآن من منظار الكتاب والسنّة»

إن موسوعة معرفة القرآن من منظار الكتاب والسنة هي - في الحقيقة - معرفة القرآن من وجهة نظر أفضل العالمين بالقرآن. وسوف نقدّم في هذا الكتاب - ولأوّل مرة للباحثين في القرآن - ما قاله اللَّه تعالى في وصف كتابه وما بينه رسوله صلى اللّه عليه و آله وأهل


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
14

وأبعاده المختلفة. اجعلوا تدريس القرآن في كلّ فروعه ومجالاته محطّ نظركم وهدفكم السامي. ربما تندمون وتأسفون في آواخر عمركم - لا قدّر اللَّه - على ما فاتكم أيّام الشباب، وذلك بعدما يهجم عليكم ضعف المشيب ككاتب هذه السطور.۱

ومن الجدير ذكره أنّ ما جاء في نهاية كلمة الإمام الخميني‏قدس سره قد جاءنظيره في أقوال شخصيات أخرى أيضاً مثل: الفيض الكاشاني وصدر الدين الشيرازي.۲

1.صحيفة الإمام، ج ۲۰ ص ۸۱ - ۸۲. (كلمة الإمام الموجّهة لحجّاج بيت اللَّه الحرام في ۱۶ / ۵ / ۱۳۶۵) ه . ش .

2.كتب صدر المتألّهين في مقدّمة تفسير سورة الواقعة: ج ۷ ص ۱۰ - ۱۱: إنّي كنت سالفاً كثير الاشتغال بالبحث وشديد المراجعة لمطالعة كتب الحكماء الكبار حتّى ظننت أنّي على شي‏ء، فلمّا انفتحت بصيرتي قليلاً ونظرت إلى حالي رأيت نفسي - وإن حصلتُ شيئاً من أحوال المبدأ وتنزيهه عن صفات الإمكان والحدثان وشيئاً من أحكام المعاد لنفوس الإنسان - فارغة من علوم الحقيقة وحقائق العيان مما لا يدرك إلا بالذوق والوجدان، وهي الواردة في الكتاب والسنّة من معرفة اللَّه وصفاته وأسمائه وكتبه ورسله، ومعرفة النفس وأحوالها؛ من القبر والبعث والحساب والميزان والصراط والجنة والنار وغير ذلك مما لا يعلم حقيقتها إلا بتعليم اللَّه وبكشف نور النبوة والولاية ... . فعلمت يقيناً أن هذه الحقائق الإيمانية لا تدرك إلا بتصفية القلب عن الهوى، والتهذيب عن أعراض الدنيا، والعزلة عن صحبة الناس وخصوصاً الأكياس، والتدبّر في آيات اللَّه وحديث رسوله وآله عليهم السلام ، والسير بسير الصالحين في بقية العمر القليل، وبين يدي السير الطويل. فلما أحسست بعجزي وأيقنت أني لست على شي‏ء وقد كنت قنعت عن ضوء النور بظلّه، انقدحت شرارة كبرى في نفسي لكثرة الاضطرار، فتوقد نور في قلبي فتداركته العناية الأزلية بالرحمة، ونظرت إليه العطوفة الربانية بشي‏ء من لوامع الملكوت، فأفاض عليّ من بحر الجود شيئاً من أسرار الوجود، وافادني مظهر الخفيات ومنور المهيات بعضاً من أسرار الآيات وشواهد البينات، فاطلعت على بعض أسرار التنزيل وحقائق التأويل، فشرعت باختيار اللَّه ورسوله بتفسير طائفة من السور والآيات، وقرعت باب رفع الحجب وكشف النقاب عن وجوه البينات، فرأيتها بحمد اللَّه كطبقات الجنان مفتحة الأبواب فيها وجوه من الحور العين ينادون أصحاب الكشف واليقين: (سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) (الزمر : ۷۳). هكذا فسّرت كثيراً من الآيات والسور الطوال والقصار... كما كتب الفيض الكاشاني في رسالة الإنصاف: خضت في مطالعة مجادلات المتكلمين لمدة، وسعيت لإزالة الجهل بآلة الجهل، ومضيت في التعلّم والتفهّم في طريق مكالمات المتفلسفين، وشاهدت بعض طموحات المتصوفة في أقاويلهم، وقضيت مدّة في غمرات إيّنتي حتى ألفت كتباً ورسائل في تلخيص كلمات الطوائف الاربع أحياناً، ومزجت بعضها ببعض للجمع والتوفيق من غير تصديق بكلها ولا عزيمة قلب على جلها، بل أحطت بما لديهم في ذلك على التمرين زبراً، فلم أجد في شي‏ء من إشاراتهم شفاء علتي، ولا في أدوات عباراتهم بلال غلّتي حتى خفت على نفسي.. ثم أنبت إلى اللَّه وفوّضت أمري إليه؛ فهداني اللَّه ببركة متابعة الشرع المبين إلى التعمق في أسرار القرآن وأحاديث آل سيد المرسلين - صلوات اللَّه عليهم - (ده رساله: ص ۱۸۳ - ۱۸۴ "الإنصاف").

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27244
صفحه از 616
پرینت  ارسال به