اعتبار ذلك من خصوصيات التراث الروائي للشيعة؛ لأن الحديث لم يدر في مصادر أهل السنة الروائية حول إنكار هذا القسم من الروايات. وقد نقل الكليني روايتين معتبرتين في هذا المجال:
أ - قال الإمام الباقر عليه السلام :
إنَّ القُرآنَ واحدٌ نَزَلَ مِن عِندِ واحدٍ وَلكِنَ الاختِلافَ يَجىءُ مِن قِبَلِ الرُّواةِ .۱
فلم يعتبر الإمام الوحي مصدراً للاختلاف في القراءات، ونسبه إلى الرواة. واستناداً إلى هذه الروايات فإنّ مبدأ القرآن ومنشأه واحد، وإنّ ما يصدر منه - أي القرآن - يجب أن يكون واحداً أيضاً.
ب - وجاء في رواية اُخرى:
عن الفضيل بن يسار : قُلتُ لِأَبي عَبدِاللَّهِ عليه السلام : إنَّ النّاسَ يَقولونَ : إنَّ القُرآنَ نَزَلَ عَلى سَبعَةِ أحرُفٍ ، فَقالَ : كَذَبوا أعداءُ اللَّهِ ، ولكِنَّهُ نَزَلَ عَلى حَرفٍ واحِدٍ مِن عِندِ الواحِدِ .۲
ويمكننا أن نستنبط من عبارة الراوي: «يقول الناس» أنّ روايات نزول القرآن على سبعة أحرف شاعت بين عامّة الناس استناداً إلى روايات أهل السنّة. كما أنّ التعبير «كَذَبوا أعداءُ اللَّهِ» عنيف وشديد اللهجة صدر على لسان الأئمة عليهم السلام في حالات خاصة وفي الانحرافات الكبيرة.
۲. أيد بعض آخر من الروايات نزول القرآن على سبعة أحرف، إلا أن المراد منه مفهوم غير القراءات. فنقل الشيخ الصدوق الرواية الآتية عن الإمام الصادق عليه السلام :
عن حمّاد بن عثمان : قُلتُ لِأَبي عَبدِاللَّهِ عليه السلام : إنَّ الأَحاديثَ تَختَلِفُ عَنكُم!
قالَ : فَقالَ : إنَّ القُرآنَ نَزَلَ عَلى سَبعَةِ أحرُفٍ ، وَأدنى ما لِلإِمامِ أن يُفتِيَ عَلى سَبعَةِ وُجوهٍ . ثُمَّ قالَ : «هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ » .۳