۷. إذا كان كلّ القرآن قد نزل دفعة واحدة في بداية البعثة، فسوف يبدو الكثير من الخطابات الإلهية في القرآن الكريم عبثاً وغير عقلائي؛ لأنّها خاطبت الأشخاص الذين لم يكونوا حاضرين في وقت الخطاب، والأشخاص الذين وقع عليهم اللوم بسبب عمل لم يقوموا به بعد.۱
۸ . تفيد بعض الروايات - مثل الروايات المتعلّقة بأصحاب الكهف والظهار - أنّ الناس كانوا يسألون أحياناً عن بعض المواضيع والنبي صلى اللّه عليه و آله يقول بأنّ الوحي لم ينزل عليه بعد في هذا المجال، فكان يطلب منهم الانتظار حتّى نزول الوحي عليه في ذلك. ويدلّ هذا الكلام على أنّ القرآن المعهود لم ينزل على النبيّ صلى اللّه عليه و آله بنحو دفعي.۲
۹. ما يقال في بيان النزول الدفعي من أنّ «روح القرآن» هي التي نزلت على النبيّ صلى اللّه عليه و آله هو مجرّد ادّعاء؛ لأنّ أيّة آية أو رواية لم تُشِر إلى «روح القرآن»، ولم تقرن القرآن ب«الروح» أو الكلمات المشابهة لها، ولم تتحدّث عن «نزول القرآن على وجه الإجمال». ثمّ ماهو المراد من روح القرآن وإجماله؟ إن كان يعني خلاصة لمضامين القرآن، فمن المفترض أن يقدّم النبيّ صلى اللّه عليه و آله جواباً عن سؤال الناس، لا أن يدعوهم إلى الانتظار حتّى نزول الوحي.۳
النتيجة
تدلّ دراسة أدلّة الرأيين وشواهدهما على ترجيح الرأي «الدفعي والتدريجي» على «التدريجي». فالرأي الأول لا يرد النزول التدريجي للقرآن؛ وعليه فإنّه لا يتنافى مع صراحة الآيات التي تخبرنا عن النزول التدريجي للقرآن. وهذه الآيات لا تثبت إلا وجود النزول التدريجي ولا تدلّ بأيّ وجه على نفي نزول آخر. إضافة إلى أنّ في