11
مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل

ما بالُ القُرآنِ لا يَزدادُ عِندَ النَّشرِ وَ الدِّراسَةِ إلّا غَضاضَةً؟

فأجابه الإمام عليه السلام :
لِأَنَّ اللَّهَ لَم يُنزِلهُ لِزَمانٍ دونَ زَمانٍ ، و لا لِناسٍ دونَ ناسٍ ، فَهُو فى كُلِّ زَمانٍ جَديدٌ ، و عِندَ كُلِّ قَومٍ غَضٌّ ، إلى‏ يَومِ القِيامَةِ .۱

وتدلّ هذه الخصوصية على أنّ معارف القرآن لها طبقات عميقة وعديدة تكتشف في مراحل التاريخ المختلفة وينتفع منها. وبالطبع فليس كل شخص قادراً على كشف المعارف العميقة للقرآن وحقائقه الدقيقة، والأشخاص الذين يتمتّعون بهذه المقدرة هم الذين يمتلكون الصلاحيات اللازمة من الناحيتين العلمية والعملية.

۶. الاشتمال على البطون والطبقات الدلالية

القرآن لا يشبه أيّ نص يكتبه الإنسان؛ حيث يمكن بلوغ عمقه وكنهه مهما كان عميقاً، فالقرآن كلام اللَّه الحكيم والعالم المطلق الذي خلق العالم والإنسان ويعلم بأعماق وجود الكون، والحقيقة والاعتبار بيده، والذهن والعين تحت تصرّفه، والمكتوب والمخلوق له. وقد نظّم اللَّه كتابه على أساس هذه الحكمة والعلم بنحو لا يمكن لأحد بلوغ كنهه سواه وسوي من شاء أن يطلعه عليها، وهو ما يعبّر عنه ب «بطون القرآن» أو «الطبقات الدلالية للقرآن»۲وكذلك «الحقائق القرآنية».

وقد جاء في حديث للإمام الباقر عليه السلام :
إنَّ لِلقُرآنِ بَطناً ، وَ لِلبَطنِ بطناً .۳
وقد نقل في حديث عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله :
إنَّ لِلقُرآنِ ظَهراً وَ بَطناً ، وَ لِبَطنِهِ بَطنٌ إلى‏ سَبعَةِ أبطُنٍ .۴

1.راجع : ج ۲ ص ۱۷ ح ۷۳۸ و عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۲ ص ۸۷ ح ۳۲ .

2.راجع: ج ۲ ص ۲۴۷ (القسم السادس / الفصل الأول / بحث في عدد بطون القرآن).

3.راجع : ج ۲ ص ۲۴۵ ح ۱۴۶۷ .

4.راجع : ج ۲ ص ۲۴۵ ح ۱۴۶۸ .


مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
10

۴. الخلود

من أبرز الملاحظات التي ورد التأكيد عليها في أحاديث النبيّ صلى اللّه عليه و آله وأهل البيت عليهم السلام في بيان مكانة القرآن في الإسلام: استمرار حياة هذا الكتاب السماوي وخلوده‏۱، فقد جاء في حديث عن الإمام الباقر عليه السلام :
إنَّ القُرآنَ حَىٌّ لا يَموتُ ، وَ الآيَةَ حَيَّةٌ لا تَموتُ ، فَلَو كانَتِ الآيَةُ إذا نَزَلَت فِى الأَقوامِ ماتوا ماتَتِ الآيَةُ ، لَماتَ القُرآنُ ، و لكِن هِىَ جارِيَةٌ فِى الباقينَ كَما جَرَت فِى الماضينَ .۲

كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام :
إنَّ القُرآنَ حَىٌّ لَم يَمُت ، وَ إنَّهُ يَجرى كَما يَجرِى اللَّيلُ وَ النَّهارُ ، وَ كَما تَجرِى الشَّمسُ وَ القَمَرُ ، وَ يَجرى عَلى‏ آخِرِنا كَما يَجرى عَلى‏ أوَّلِنا .۳

وهذا يعني أنّ ما يقدّمه القرآن من علوم لمعرفة العالم والذات، ومن برامج لبلوغ السعاوي الإنسانية، تتطابق مع المقاييس العقلية والعملية والحاجات الفطرية للإنسان؛ ولذلك فإنه لا يقتصر على زمن معيّن، بل هو حيّ وخالد على مرّ الزمان.

۵. الطراوة

قد يبقى الشي‏ء حيّاً لسنوات إلّا أنّه يبلى على مرّ الزمان ويفقد طراوته ونضارته، وأمّا القرآن فإنّه لا يصيبه البلى والقدم، ولا يتطرّق إليه الفناء أبداً، فهو جديد طريّ دائماً، كما جاء في حديث عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله :
كَلامُ اللَّهِ جَديدٌ غَضٌّ طَرِىٌّ .۴

وجاء في رواية اُخرى أنّ رجلاً سأل الإمام الصادق عليه السلام :

1.راجع: ج ۲ ص ۱۹ (القسم الثالث / الفصل الثاني: حياة القرآن و جريه).

2.راجع : ج ۲ ص ۱۹ ح ۷۴۳ و تفسير العيّاشى : ج ۲ ص ۲۰۳ ح ۶ .

3.راجع : ج ۲ ص ۱۹ ح ۷۴۵ و تفسير العيّاشى : ج ۲ ص ۲۰۳ ح ۶ .

4.راجع : ج ۲ ص ۱۶ ح ۷۳۵ و الطرف لابن طاووس : ص ۱۴۴ .

  • نام منبع :
    مَعرفةُ القرآنِ علی ضُوءِ الکتاب و السّنّة المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد محمّدی ری‌شهری، با همکاری: جمعی از پژوهشگران
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27255
صفحه از 616
پرینت  ارسال به