فاختلاف قراءة الحديث الواحد تركت أثرها على الفتوى، مع أنّ الحديث واحد، كما هو واضح من سياق العبارة، وإلّا لزم الحكم بمقتضى الجميع دون تنافٍ بينها.
النموذج الثاني:
۹. ۱) أورد الشيخ الكليني في الكافي الحديث التالي: عِدَّةٌ مِن أَصحابِنا، عَن سَهلِ بنِ زيادٍ، عَن إِسماعيلَ بنِ مِهرانَ، عَن دُرُستَ، عَن جَميلٍ قالَ: سَأَلتُ أَبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام عَن شَهادَةِ الأَصَمِّ في القَتلِ، قالَ: يُؤخَذُ بِأَوَّلِ قَولِهِ، وَلا يُؤخَذُ بِالثّاني. ۱
وقد أفتى بمضمونها الشيخ الطوسي في النهاية ۲ ، وتبعه القاضي ابن البرّاج ۳ ، وهو المحكي عن ابن حمزة أيضاً ۴ ، بل هو ظاهر الشيخ الكليني حيث أورده تحت عنوان «باب شهادة الأعمى والأصمّ»، والشيخ الحرّ العاملي حيث أورده تحت عنوان «باب قبول شهادة الأعمى والأصمّ فيما يمكنهما العلم به» ۵ وهو مشعر بفتواهما به.
لكن أورد الشيخ التستري هذا الحديث في كتابه الأخبار الدخيلة ۶ ، وقال: إنّ «الأصمّ» تحريف «الصبي» لتشابههما. وبناء على ذلك فإنّ تصحيف كلمة «الصبي» ب «الأصمّ» ترك أثره على الفتوى أيضاً.
أقول: يمكن تأييد ما قاله الشيخ التستري بما يلي:
۱. إنّ التعبير التالي: «يُؤخَذُ بِأَوَّلِ كَلامِهِ وَلا يُؤخَذُ بِالثّاني» ورد في أربع روايات ، ثلاث منها في باب شهادة الصبيان ۷ ، ولم يرد في شأن الأصمّ إلّا هذا النصّ، مع
1.الكافي: ج ۷ ص ۴۰۰ ح ۳ باب شهادة الأعمى والأصمّ، تهذيب الأحكام: ج ۶ ص ۲۵۵ ح ۶۹ .
2.قال: «ولا بأس بشهادة الأصمّ، غير أنّه يؤخذ بأوّل قوله، ولا يؤخذ بثانيه» النهاية: ص ۳۲۷ .
3.قال: «وشهادة الأصمّ، ويؤخذ بأوّل قوله ولا يؤخذ بثانيه» المهذّب: ج ۲ ص ۵۵۶ .
4.المهذّب البارع: ج ۴ شرح ص ۵۳۴ .
5.وسائل الشيعة: ج ۲۷ ص ۴۰۰ ح ۳۴۰۵۷ .
6.الأخبار الدخيلة: ص ۵۳ ، الفصل الخامس في أخبارٍ وقع فيها التحريف من المتشابه الخطّي أو اتّحاد الشكل الكتبي أو السقط الجزئي .
7.انظر: الكافي: ج ۷ ص ۳۸۹ ح ۲ و ۳ و ۶ وتهذيب الأحكام: ج ۶ ص ۲۵۱ ح ۵۰ و ۵۱ و ۵۴ .