33
التّصحيفُ في متن الحديث

حجّية كلّ من النسختين حتّى يحصل العلم المذكور.

فذلكة البحث

۱. اتّضح ممّا تقدّم أنّ التصحيف أمر عارض للمتون المختلفة ، ولا يخصّ متناً دون آخر. وذلك أنّه : «تغيير اللفظ خطأً حتّى يتغيّر المعنى المراد» ، كما صرّح به الفيومي، أو : «قراءة المتن وروايته على غير ما هو؛ لاشتباه حروفه» ، كما صرّح به الراغب الإصفهاني. وهذا الخطأ كما يمكن وقوعه في النصوص الأدبية يمكن وقوعه في النصوص الدينية أيضاً.
نعم ، مقدار الخطأ في النصوص المختلفة تابع لأهمّية النصّ ومقدار الدقّة التي بُذلت في نقله؛ فكلّما كانت أهمّية النصّ أكبر، فمن الطبيعي أن يُعتنى بنقله ويُدقّق فيه بشكل أكثر، والعكس بالعكس.
وبما أنّ الأحاديث الشريفة من المحاور المهمّة في اكتساب المعارف الإسلامية وتعيين الوظيفة العملية في السلوك الفردي والاجتماعي المطلوب، فإنّ علماءنا بذلوا جهدهم في الحفاظ عليها ونقلها بشكل أفضل، وبطبيعة الحال فإنّ نسبة التصحيف فيها ستكون أقلّ منها في غيرها. نعم هذا لا يعني عدم وقوع التصحيف فيها بالمرّة؛ فالخطأ من سجايا البشر الملازمة لنقصه.
۲. بما أنّ التصحيف بمعنى الخطأ في الصحيفة ، فلا فرق بين أسبابه ومناشئه، فيُطلق على الخطأ الحاصل بسبب السماع أو القراءة أو غيرهما. كما لا فرق فيه بين مقداره؛ فكما يقع في كلمة واحدة قد يقع في أكثر منها، كما لو زاغ البصر من كلمة في السطر الأوّل إلى شبيهتها في السطر الثاني.
۳. من الطبيعي زيادة مقدار التصحيفات على مرور الزمان؛ بسبب استنساخ الكتاب أو النصّ الواحد ونقله من نسخة إلى أُخرى، فالتصحيفات الموجودة في النسخة الأُولى تنتقل إلى النسخة اللّاحقة ، مضافاً للتصحيفات التي يمكن وقوعها


التّصحيفُ في متن الحديث
32

الوثوق» و«مسلك الوثاقة»، فمن اختار «مسلك الوثوق» قال بحجّية الخبر الذي تحفّه جملة من القرائن توجب الوثوق بمضمونه، سواء كان رواته ثقاة أم لا. وفي قبال ذلك اختار آخرون المسلك الثاني «مسلك الوثاقة» وجعلوا المعيار في قبول الخبر دائراً مدار وثاقة رواته، فإن كانوا ثقاة كان حجّة، وإلّا فلا.
وقد استدلّ أتباع كلّ من المدرستين للمسلك المختار ببعض الأدلّة، ليس هنا محلّ استعراضها وتقييمها. إنّما الذي نريد التعرّض له هنا هو الإجابة على السؤال التالي:
سؤال: هل للتصحيف وعلاجه تأثير على حجّية الخبر؟
الجواب: بناء على ما ذكرناه من وجود مسلكين في حجّية الخبر، لابدّ من الإجابة على هذا السؤال وفقاً لكلّ من المسلكين، فنقول:
أمّا المسلك الذي يرى حجّية الخبر الموثوق به، فواضح؛ لأنّه لا يمكن الوثوق بالخبر ما لم نطمئنّ بصحّة متنه، ولهذا فإنّ علاج التصحيف يلعب دوراً أساسياً وفق هذا المسلك.
وأمّا المسلك الآخر والقائل بأن حجّية الخبر تابعة لوثاقة رواته، فإنّ الحجّية المذكورة إنّما تنال الخبر الذي لا علم لنا بوقوع الخطأ فيه كما هو واضح، وأمّا الذي نعلم بوقوع الخطأ والتصحيف فيه فلا يمكن تعلّق الحجّية بجميع أطرافه. وبعبارة أُخرى: إذا علمنا بوقوع التصحيف في خبر معيّن فإنّ الحجّية لا تنال كلتا النسختين (الصحيحة والمصحّفة)، وإنّما تنال إحداهما فحسب؛ لأنّ المفروض أنّ الخبر واحد ونسخه مختلفة، وهذا يعني وجود علم إجمالي بأنّ إحدى النسختين على خلاف الواقع وعلى خلاف ما نطق به المعصوم، ومع وجود العلم الإجمالي المذكور لا يمكن الحكم بحجّيتهما معاً كما هو واضح.
نعم ، إذا لم نعلم بوقوع التصحيف في الخبر المذكور ، فإنّ مقتضى القاعدة هو

  • نام منبع :
    التّصحيفُ في متن الحديث
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4395
صفحه از 277
پرینت  ارسال به