حجّية كلّ من النسختين حتّى يحصل العلم المذكور.
فذلكة البحث
۱. اتّضح ممّا تقدّم أنّ التصحيف أمر عارض للمتون المختلفة ، ولا يخصّ متناً دون آخر. وذلك أنّه : «تغيير اللفظ خطأً حتّى يتغيّر المعنى المراد» ، كما صرّح به الفيومي، أو : «قراءة المتن وروايته على غير ما هو؛ لاشتباه حروفه» ، كما صرّح به الراغب الإصفهاني. وهذا الخطأ كما يمكن وقوعه في النصوص الأدبية يمكن وقوعه في النصوص الدينية أيضاً.
نعم ، مقدار الخطأ في النصوص المختلفة تابع لأهمّية النصّ ومقدار الدقّة التي بُذلت في نقله؛ فكلّما كانت أهمّية النصّ أكبر، فمن الطبيعي أن يُعتنى بنقله ويُدقّق فيه بشكل أكثر، والعكس بالعكس.
وبما أنّ الأحاديث الشريفة من المحاور المهمّة في اكتساب المعارف الإسلامية وتعيين الوظيفة العملية في السلوك الفردي والاجتماعي المطلوب، فإنّ علماءنا بذلوا جهدهم في الحفاظ عليها ونقلها بشكل أفضل، وبطبيعة الحال فإنّ نسبة التصحيف فيها ستكون أقلّ منها في غيرها. نعم هذا لا يعني عدم وقوع التصحيف فيها بالمرّة؛ فالخطأ من سجايا البشر الملازمة لنقصه.
۲. بما أنّ التصحيف بمعنى الخطأ في الصحيفة ، فلا فرق بين أسبابه ومناشئه، فيُطلق على الخطأ الحاصل بسبب السماع أو القراءة أو غيرهما. كما لا فرق فيه بين مقداره؛ فكما يقع في كلمة واحدة قد يقع في أكثر منها، كما لو زاغ البصر من كلمة في السطر الأوّل إلى شبيهتها في السطر الثاني.
۳. من الطبيعي زيادة مقدار التصحيفات على مرور الزمان؛ بسبب استنساخ الكتاب أو النصّ الواحد ونقله من نسخة إلى أُخرى، فالتصحيفات الموجودة في النسخة الأُولى تنتقل إلى النسخة اللّاحقة ، مضافاً للتصحيفات التي يمكن وقوعها