الفصل الرابع: ما يكشف عن التصحيف
اتّضح ممّا ذكرناه في الفصول السابقة أنّ التصحيف أمرٌ واقع في الحديث لا محالة، وأنّ له آثاراً سلبية مختلفة، وعليه فلابدّ من إبداء السبل العلاجية لهذه المشكلة؛ فكما أنّ الإنسان قد يصاب ببعض الأمراض، كذلك الحديث قد يصاب ببعض العوارض ومنها التصحيف. وكما أنّنا لا نعامل المرضى معاملة الموتى، كذلك ينبغي لنا ألّا نسقط هذه الأحاديث عن الحجّية بالمرّة ونعاملها معاملة الأحاديث الموضوعة رأساً، وإنّما ينبغي لنا الكشف عن التصحيفات الطارئة عليها أوّلاً، وإبداء العلاج المناسب ثانياً.
والذي نبغيه في هذا الفصل من الكتاب هو استعراض الأُمور التي من شأنها الكشف عن التصحيف، وقدح هذا الاحتمال في ذهن الباحث؛ لئلّا يُبتلى بالآثار السلبية للتصحيف.
والذي توصّلت إليه أثناء مطالعاتي في الحديث والدقّة فيه هو أنّ جملة من الأُمور يمكن من خلالها الظنّ بوقوع التصحيف، فلكي أضفي على الموضوع صبغة عملية، خصّصت لها هذا الفصل من الكتاب، عسى أن يكون قبساً ينير لنا هذا الطريق.
و إنّني لا أدّعي استقصاء الأُمور الكاشفة عن التصحيف أو حصرها فيما ذكرته، بل أذكر ما عثرت عليه وتوصّلت إليه أثناء مطالعاتي وعملي على الحديث، وأفتح بهذا المقدار باب البحث للآخرين، إذ قد توجد أُمور أُخرى من شأنها الكشف عن التصحيف لم ألتفت إليها.