وسبب ذلك هو أنّه لم تميّز النصوص بعضها عن البعض الآخر في كتاب المواعظ العددية، ممّا أدّى إلى أن تختلط الأحاديث فلا يُعلم أولها من آخرها، ممّا انجرّ إلى وقوع الخطأ في علامات الترقيم، وبالتالي صار الحديث الواحد حديثين.
وأمّا قوله: «في الدين» في آخره فهو إضافة توضيحية من المصحّح أو المؤلّف، ولا أثر لها في النصوص الواردة. وسبب هذه الإضافة هو أنّه لمّا جعل المقطع «ليس الخيانة والكذب» حديثاً مستقلّاً صار معناه غامضاً، فأُضيف إليه «في الدين» بتصوّر أنّ المراد منه ذلك.
ويشهد لما ذكرنا مضافاً إلى عدم ورود الحديث بهذا اللفظ في شيء من المصادر ، أنّنا إذا راجعنا الأحاديث الواردة في كتاب المواعظ العددية وجدنا أنّ المصدر لغالبها هو كتاب مسند الشهاب، ولهذا نراها بنفس النصّ، بل بنفس التسلسل أيضاً، وعند مراجعة الحديث المذكور في «مسند الشهاب» نجده بالشكل التالي:
۱۹۶.يُطبَعُ المُؤمِنُ عَلى كُلِّ خُلُقٍ، لَيسَ الخيانَة وَالكَذِب . ۱
وهذا التصحيف صار سبباً لوقوع الشيخ آية اللّه علي الأحمدي الميانجي في الخطأ في فهم الحديث، فعلّق عليه بما سبق نقله أوّل النموذج، مع أنّ ما ذكره أجنبي عن الحديث بالمرّة، والمراد من الحديث كما يظهر من النصوص التي نقلناها عن مصادر عديدة هو ذمّ الكذب والخيانة، وأنّ الإيمان لا يجتمع مع هاتين الخصلتين.
نعم ، ينبغي القول إنّ هذا النوع من التصحيف نادر في كتب الحديث ؛ لأنّ الغالب فيها هو ذكر الأحاديث مع الأسانيد، وهو كافٍ لتمييز الأحاديث عن بعضها.
فذلكة البحث
۱. الهدف من عقد هذا الفصل هو معرفة جذور التصحيف لأجل التعرّف على التصحيفات المشابهة الواقعة في الحديث من جانب، واختيار العلاج المناسب من جهةٍ أُخرى.