149
التّصحيفُ في متن الحديث

۲. عند البحث عن جذور التصحيف لا يعنينا تأثير النماذج المذكورة للتصحيف على معنى الحديث أو عدم تأثيرها، إذ المهمّ هو استكشاف الجذور. نعم من خلاله قد نتعرّف على نماذج ذات تأثير على معنى الحديث.
۳. اتّضح ممّا ذكرناه أنّ جذور التصحيف متنوّعة، فمنها ما يرجع إلى نفس الكتابة، ومنها ما يرجع إلى الناسخ، ومنها ما يرجع إلى النطق، ومنها ما يرجع إلى ضعف ثقافة الراوي، ومنها ما يرجع إلى أساليب الطباعة والنشر في العصر الحاضر.
۴. بعض الجذور المذكورة له نماذج أكثر من غيره، فما يرجع إلى نفس الكتابة له شيوع أكثر في الحديث باعتبار سريانه على مدى الزمان، مضافاً إلى أنّ الخطّ الكوفي ـ المسبّب للكثير من التصحيفات ـ هو من أقسام هذا السبب.
۵ . ذكرنا في «ما يرجع إلى الكتابة» أربعة أقسام هي: الخطّ الكوفي، التشابه بين أشكال الكلمات، التشابه بين مجموع كلمتين أو أكثر مع كلمتين أُخريين، عدم الفواصل بين الكلمات، فمع أهمّية القسمين الأخيرين وتأثيرهما على المعنى لم أجد من تعرّض لهما، فلابدّ من إمعان النظر في الأحاديث من هذه الزاوية.
۶. ذكرنا في «ما يرجع للناسخ» ستّة أقسام، وسلّطنا الأضواء على القسمين الأخيرين منهما «قراءة جزء الكلمة مرّتين» و«قراءة الحرف الأخير من الكلمة مرّتين»؛ وذلك باعتبارهما من الجذور التي لم تذكر حتّى الآن ولها نماذج متنوّعة في الحديث.


التّصحيفُ في متن الحديث
148

وسبب ذلك هو أنّه لم تميّز النصوص بعضها عن البعض الآخر في كتاب المواعظ العددية، ممّا أدّى إلى أن تختلط الأحاديث فلا يُعلم أولها من آخرها، ممّا انجرّ إلى وقوع الخطأ في علامات الترقيم، وبالتالي صار الحديث الواحد حديثين.
وأمّا قوله: «في الدين» في آخره فهو إضافة توضيحية من المصحّح أو المؤلّف، ولا أثر لها في النصوص الواردة. وسبب هذه الإضافة هو أنّه لمّا جعل المقطع «ليس الخيانة والكذب» حديثاً مستقلّاً صار معناه غامضاً، فأُضيف إليه «في الدين» بتصوّر أنّ المراد منه ذلك.
ويشهد لما ذكرنا مضافاً إلى عدم ورود الحديث بهذا اللفظ في شيء من المصادر ، أنّنا إذا راجعنا الأحاديث الواردة في كتاب المواعظ العددية وجدنا أنّ المصدر لغالبها هو كتاب مسند الشهاب، ولهذا نراها بنفس النصّ، بل بنفس التسلسل أيضاً، وعند مراجعة الحديث المذكور في «مسند الشهاب» نجده بالشكل التالي:

۱۹۶.يُطبَعُ المُؤمِنُ عَلى كُلِّ خُلُقٍ، لَيسَ الخيانَة وَالكَذِب . ۱

وهذا التصحيف صار سبباً لوقوع الشيخ آية اللّه‏ علي الأحمدي الميانجي في الخطأ في فهم الحديث، فعلّق عليه بما سبق نقله أوّل النموذج، مع أنّ ما ذكره أجنبي عن الحديث بالمرّة، والمراد من الحديث كما يظهر من النصوص التي نقلناها عن مصادر عديدة هو ذمّ الكذب والخيانة، وأنّ الإيمان لا يجتمع مع هاتين الخصلتين.
نعم ، ينبغي القول إنّ هذا النوع من التصحيف نادر في كتب الحديث ؛ لأنّ الغالب فيها هو ذكر الأحاديث مع الأسانيد، وهو كافٍ لتمييز الأحاديث عن بعضها.

فذلكة البحث

۱. الهدف من عقد هذا الفصل هو معرفة جذور التصحيف لأجل التعرّف على التصحيفات المشابهة الواقعة في الحديث من جانب، واختيار العلاج المناسب من جهةٍ أُخرى.

1.مسند الشهاب: ج ۱ ص ۳۴۴ ح ۵۹۰.

  • نام منبع :
    التّصحيفُ في متن الحديث
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4306
صفحه از 277
پرینت  ارسال به