بالمجتمع والمشكلات التي كان يواجهها آنذاك في مجال الكتابة، نظير ما يواجهه في تهيئة الورق؛ فلم يكن الورق آنذاك كما هو هذا اليوم كثرةً وتنوّعاً، ولهذا يحاول النسّاخ كتابة أكثر مقدار ممكن من المتن في الصفحة الواحدة، شبيه الكتب الحجريّة في عصرنا الحاضر.
من جانب آخر فإنّنا إذا لاحظنا الكتب القديمة وجدناها محشوّة بالنصوص خالية عن علائم الترقيم، ممّا يجب لحاظه في دراسة أسباب التصحيف؛ إذ عدم فصل الأحاديث بعضها عن بعض قد يعكس أثره على اختلاط متونها فيما لو كانت خالية عن الأسانيد، وبالتالي حذف بعض النصّ لتصورّه من الحديث اللّاحق، أو إلصاق بعض النصّ السابق أو اللّاحق بالحديث بتصوّر أنّه جزء من هذا الحديث، وهذا النوع من التصحيف نجده عياناً في بعض الكتب في زماننا الحاضر مع كونها مطبوعة ومحقّقة، وإليك نموذجان من ذلك:
النموذج الأوّل:
أورد صاحب كتاب المواعظ العددية جملة من الأحاديث القصيرة والمتناسبة موضوعاً من دون إسناد، وبشكل متتالي وبفاصل نقطة، من جملتها الأحاديث التالية والتي تدور حول الصدقة:
۱۸۳.الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ. ما وَقى المَرءُ بِهِ عِرضَهُ كُتِبَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ. الصَّدَقَةُ عَلى القَرابَةِ صَدَقَة. وصلَةُ الصَّدَقَةِ تَمنَعُ ميتَهَالسَّوءِ . ۱
وفي تصحيح الكتاب للطبعة اللّاحقة جعل كلّ حديث في سطر مستقلّ، فجعلت الأحاديث المذكورة بهذه الصورة:
الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ.
ما وَقى المَرءُ بِهِ عِرضَهُ كُتِبَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ.