131
التّصحيفُ في متن الحديث

ج ـ لثغة الراوي أو الناسخ

مرّ الحديث الشريف خلال هذه القرون الطويلة بمراحل متعدّدة وبظروف مختلفة، أثّر كلّ منها أثره على الحديث بنحو ما، فمن ذلك أنّ أساليب نشر الكتب لم تكن على ما هي عليه اليوم من الطباعة بهذه الأجهزة الحديثة، وإنّما يتمّ نشرها بأساليب تتناسب مع تلك العصور والأدوات التي كانت فيها، فكان الورّاقون (أصحاب دور النشر) يستخدمون عدّة أفراد لأداء عمل النشر، وذلك بأن يقرأ أحدهم نصّ الكتاب الذي يراد نشره، ويكتب الباقون، فإذا كان عدد الكتّاب عشرة مثلاً فإنّه سيتمّ تدوين عشر نسخ من هذا الكتاب في آنٍ واحد، ثمّ يتمّ بثّها ونشرها في البلاد الإسلامية المختلفة.
من هنا تنشأ بعض الاشتباهات والتصحيفات الصوتية؛ إمّا لسوء تلفّظ القارئ، أو لسوء سماع الكاتب، فمن التصحيفات الراجعة إلى لثغة الراوي أو من يقرأ نسخة الكتاب على الباقين النموذج التالي:

النموذج

۱۶۱. ۱) في كتاب من لا يحضره الفقيه: قالَ الحَلَبيُّ: وَحَدَّثَني مَن سَمِعَهُ يَقولُ: إِذا اغتَمَسَ الجُنُبُ في الماءِ اغتِماسَةً واحِدَةً، أَجزاهُ ذَلِكَ مِن غُسلِهِ . ۱

۱۶۲. ۲) وفي الكافي: عَليُّ بنُ إِبراهيمَ، عَن أَبيهِ، عَنِ ابنِ أَبي عُمَيرٍ، عَن حَمّادٍ، عَنِ الحَلَبيِّ قالَ: سَمِعتُ أَبا عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام يَقولُ: إِذا ارتَمَسَ الجُنُبُ في الماءِ ارتِماسَةً واحِدَةً، أَجزاهُ ذَلِكَ مِن غُسلِهِ . ۲

فالحديث واحد، وراويه واحد وهو الحلبي، ومع ذلك اختلف النقل عنه، والسبب في هذا الاختلاف والتصحيف على ما يبدو هو لثغة الراوي للنسخة ، فقرأ قوله: «ارتَمَسَ الجُنُبُ في الماءِ ارتِماسَةً» بإبدال الراء غيناً «اغتَمَسَ الجُنُبُ في الماءِ اغتِماسَةً»، والعامل المساعد على هذا التصحيف هو انسجام العبارة مع كلا اللفظين.

1.كتاب من لا يحضره الفقيه: ج ۱ ص ۸۶ ح ۱۹۱ باب صفة غسل الجنابة، وسائل الشيعة: ج ۲ ص ۲۳۳ ح ۲۰۲۷.

2.الكافي: ج ۳ ص ۴۳ ح ۵، تهذيب الأحكام: ج ۱ ص ۱۴۸ ح ۱۱۴، الاستبصار: ج ۱ ص ۱۲۵ ح ۶.


التّصحيفُ في متن الحديث
130

الواسِعَةِ، كُنتَ إِذ لَم يَكُن شَيءٌ... . ۱

۱۵۸. ۲) وفي بحار الأنوار: أَنتَ الرَّبُ وَأَنا المَربوبُ... تَعَطَّفتَ الفَخرَ بِالكِبرياءِ، وَتَجَلَّلتَ البَهاءَ بِالمَهابَةِ وَالجَمالِ وَالنّورِ، وَاستَشعَرتَ العَظَمَةَ بِالسُّلطانِ الشّامِخِ، وَالعِزِّ الباذِخِ، وَالمُلكِ الظّاهِرِ، وَالشَّرَفِ القاهِرِ، وَالكَرَمِ الفاخِرِ، وَالنّورِ السّاطِعِ، وَالآلاءِ المُتَظاهِرَةِ، وَالأَسماءِ الحُسنى، وَالنِّعَمِ السّابِغَةِ، وَالمِنَنِ المُتَقَدِّمَةِ، وَالرَّحمَةِ الواسِعَةِ، كُنتَ إِذ لَم يَكُن شَيءٌ . ۲

فالدعاء واحد، وقد وقع فيه تصحيف في نسخة مهج الدعوات ، وذلك في قوله: «النعم السابقة» ؛ وذلك أنّ الغين والقاف يُلفظان بشكل واحد في اللغة الفارسية، والصحيح على ما يبدو هو «النعم السابغة» كما في نسختي البلد الأمين وبحار الأنوار. وسبب هذا التصحيف هو إمّا عجمة الناسخ أو التشابه بين الغين والقاف كتابةً، وقد أوردناه هنا بناء على الاحتمال الأوّل.

النموذج السادس:

۱۵۹. ۱) في مهج الدعوات: اللَّهُمَّ فَلَكَ الحَمدُ حَمداً مُتواتِراً مُتَوالياً مُتَّسِقاً مُستَوثِقاً، يَدومُ وَلا يَبيدُ، غَيرَ مَفقودٍ في المَلَكوتِ، وَلا مَطموسٍ في العالَمِ، وَلا مُنتَقَصٍ في العِرفانِ . ۳

۱۶۰. ۲) وفي بحار الأنوار: اللَّهُمَّ فَلَكَ الحَمدُ حَمداً مُتواتِراً مُتَوالياً مُتَّسِقاً مُستَوسِقاً، يَدومُ وَلا يَبيدُ، غَيرَ مَفقودٍ في المَلَكوتِ، وَلا مَطموسٍ في العالَمِ، وَلا مُنتَقَصٍ في العِرفانِ . ۴

فإنّ تلفّظ الثاء والسين في الفارسية بشكل واحد ، ممّا كان سبباً في التصحيف.

1.مهج الدعوات: ص ۲۳۶.

2.بحار الأنوار: ج ۹۲ ص ۴۴۴ ح ۱ نقلاً عن الكتاب العتيق الغروي، البلد الأمين: ص ۳۸۹ باختلاف يسير.

3.مهج الدعوات: ص ۱۲۹.

4.بحار الأنوار: ج ۹۲ ص ۲۶۱.

  • نام منبع :
    التّصحيفُ في متن الحديث
    سایر پدیدآورندگان :
    حيدر المسجدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4406
صفحه از 277
پرینت  ارسال به