بِقَولٍ هُوَ سِحرٌ يُفَرِّقُ بِهِ بَينَ المَرءِ وَأَبيهِ ، وَبَينَ المَرءِ وَأَخيهِ ، وَبَينَ المَرءِ وَزَوجَتِهِ ، وَبَينَ المَرءِ وَعَشيرَتِهِ . فَتَفَرَّقوا عَنهُ بِذلِكَ ، فَجَعَلوا يَجلِسونَ بِسُبُلِ النّاسِ حينَ قَدِمُوا المَوسِمَ ، لا يَمُرُّ بِهِم أَحَدٌ إِلّا حَذَّروهُ إِيّاهُ ، وَ ذَكَروا لَهُم أَمرَهُ . فَأَنزَلَ اللّهُ تَعالى فِي الوَليدِ بنِ المُغيرَةِ وَفي ذلِكَ مِن قَولِهِ : «ذَرنِى وَ مَن خَلَقتُ وَحِيدًا * وَ جَعَلتُ لَهُ مَالًا مَّمدُودًا * وَ بَنِينَ شُهُودًا * وَ مَهَّدتُّ لَهُ تَمهِيدًا * ثُمَّ يَطمَعُ أَن أَزِيدَ * كَلَا إِنَّهُ كَانَ لِأَيَـتِنَا عَنِيدًا» ۱ أَي خَصيماً . ۲
۲۰۷۵. المستدرك على الصّحيحين عن ابن عبّاس : إِنَّ الوَليدَ بنَ المُغيرَةِ جاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَقَرَأَ عَلَيهِ القُرآنَ ، فَكَأَنَّهُ رَقَّ لَهُ ، فَبَلَغَ ذلِكَ أَبا جَهلٍ فَأَتاهُ ، فَقالَ : يا عَم ، إِنَّ قَومَكَ يَرَونَ أَن يَجمَعوا لَكَ مالاً . قال : لِمَ ؟ قال : لِيُعطوكَهُ ؛ فَإنَّكَ أَتَيتَ مُحَمَّدا لِتَعرِضَ لِما قِبَلَهُ . قالَ : قَد عَلِمَت قُرَيشٌ أَنّي مِن أَكثَرِها مالاً ! قالَ : فَقُل فيهِ قَولاً يَبلُغُ قَومَكَ أَنَّكَ مُنكِرٌ لَهُ أَو أنَّكَ كارِهٌ لَهُ . قالَ : وَماذا أَقولُ ؟ فَوَاللّهِ ما فيكُم رَجُلٌ أَعلَمُ بِالأَشعارِ مِنّي ، وَلا أَعلَمُ بِرَجزٍ وَلا بِقَصيدَةٍ مِنّي ، وَلا بِأَشعارِ الجِنِّ ، وَاللّهِ ! ما يُشبِهُ الّذي يَقولُ شَيئا مِن هذا . وَوَاللّهِ ! إِنَّ لِقَولِهِ الَّذي يَقولُ حَلاوَةً ، وَإِنَّ عَلَيهِ لَطَلاوَةً ، وَإنَّهُ لَمُثمِرٌ أَعلاهُ ، مُغدِقٌ ۳ أَسفَلُهُ ، وَإِنَّهُ لَيَعلو وَما يُعلى ، وَإِنَّهُ لَيَحطِمُ ما تَحتَهُ ۴ . قالَ : لايَرضى عَنكَ قَومُكَ حَتّى تَقُولَ فيهِ . قالَ فَدَعني حَتّى أُفَكِّرَ . فَلَمّا فَكَّرَ قالَ : هذا سِحرٌ يُؤثَرُ يَأثُرُهُ عَن غَيرِهِ . فَنَزَلَت «ذَرنِى وَ مَن خَلَقتُ وَحِيدًا» . ۵
1.. المدّثّر : ۱۱ ـ ۱۶ .
2.. السّيرة النبويّة لابن هشام : ج ۱ ص ۲۸۸ ، تاريخ الإسلام للذّهبي : ج ۱ ص ۱۵۵، تفسير ابن كثير : ج ۴ ص ۴۶۸ نحوه عن ابن عبّاس وكلّها نقلاً عن ابن إسحاق ، إمتاع الأسماع : ج ۴ ص ۳۴۸ ، سبل الهدى والرّشاد : ج ۲ ص ۳۵۴ .
3.. المُغدِق : من الغَدقِ وهو الماء الكثير ـ إشارة لكثرة الخير ـ (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۱۳۰۶ «غدق») .
4.. في المصدر : «فاتحته» ، والصواب ما أثبتناه كما في المصادر الاُخرى .
5.. المستدرك على الصّحيحين : ج ۲ ص ۵۵۰ ح ۳۸۷۲ ، تفسير الطبري : ج ۱۴ الجزء ۲۹ ص ۱۵۶ ، أسباب النّزول : ص ۴۶۸ ح ۸۴۲ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۱ ص ۱۵۴ ، تفسير ابن كثير : ج ۸ ص ۲۹۲ .