55
الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة

من بعض الروايات.
ونحن نقرأ في حديث رواه الراوندي في «الخرائج» حول أصحاب الحسين عليه ‏السلام في عاشوراء حينما أعلنوا ولاءهم الكامل له عليه ‏السلام وامتنعوا عن ترك ساحة كربلاء ونقض البيعة: دعا لهم بالخير وكشف عن أبصارهم ، فرأوا ما حباهم اللّه‏ من نعيم الجنان وعَرّفهم منازلهم فيها ۱ . ۲
وممّا ينبغي ذكره هو أنّ هناك رواية عن الإمام عليّ عليه ‏السلام تؤيّد هذا الرأي، إلّا أنّ الإمام عليه ‏السلام في هذه الرواية يعتبر الدنيا في قلب الآخرة والآخرة محيطة بالدنيا، وذلك حين سأله الجاثليق عن الجنّة ، أ في الدنيا هي أم في الآخرة؟ فأجابه عليه ‏السلام قائلاً :
الدنيا في الآخرة ، والآخرة محيطة بالدنيا . ۳
وبناءً على ذلك، فعلى الرغم من عدم وجود دليل قاطع وواضح يحدّد بشكل دقيق مكان جنّة الخلد، ولكن يبدو أنّ الرأي الثالث أقرب إلى الواقع .
واستنادا إلى ذلك، فإنّ جنّة البرزخ هي جزء صغير من جنّة الخلد ، وهي موضوعة تحت تصرّف الصالحين، إلّا أنّهما ستنتقلان بعد القيامة إلى المكان الأصلي والدائمي ، وكذلك الحال بالنسبة الى نار البرزخ .
والجدير بالذكر هو أنّ هذا المعنى ينسجم تماما مع روايات الثواب والعقاب في البرزخ .

1.الخرائج والجرائح : ج ۲ ص ۸۴۷ ح ۶۲ ، مقتل الحسين للمقرّم : ص ۲۶۱ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۹۸ ح ۳ .

2.پيام قرآن (بالفارسيّة) : ج ۶ ص ۳۴۱ ـ ۳۴۳ .

3.مرّ الحديث بتمامه في عنوان مكان الجنّة فراجع : ص ۴۷ ح ۳۹ .


الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
54

الجو في وقت واحد ، وقد تصل إلى العالم كلّه عن طريق الأقمار الصناعية، وتوجد في كلّ بيت أنواع من هذه الأمواج، ولكنّ أحدا لا يشعر بها، وقد تبثّ بعض محطّات الإرسال أصواتا جميلة تنجذب إليها القلوب، فيما يبثّ البعض الآخر صفّارات الأنذار والأصوات المرعبة والمثيرة للاشمئزاز، كما تعرض بعض محطّات الإرسال التلفزيونية مشاهد جميلة وساحرة ومناظر خلّابة ورائعة في حين تبثّ أمواج اُخرى مشاهد الحرب والدمار والحرائق والجرائم، وكلّ هذه المشاهد والصور والأصوات المختلفة توجد في عالمنا المادّي هذا وفي هذا الجو المحيط بنا، وهي تخلق بدورها جنّة وجحيما مصغّرين في داخل هذا العالم .
ويكيّف البعض من الناس أمواج أجهزة الاستلام لديهم مع الأصوات الجميلة والنغمات الساحرة، والمشاهد والمناظر الطريفة والمثيرة للبهجة، في حين أن البعض الآخر يماثل أجهزة الاستلام لديهم بشكل اختياري أو اضطرارا مع الأصوات والمشاهد المتناقضة مع تلك المشاهد، فالمجموعة الاُولى تعيش في عالم ممتع ، فيما تعيش المجموعة الثانية في عالم لا يطاق ، في حين أنّ عالمنا عالم مادّي، هذه الاُمور كامنة هي أيضا في قلب هذا العالم المادّي.
ونحن نرجو أن لا يقع أحد في الخطأ فيظنّ أنّنا نقصد أنّ الجنّة والنار هما كذلك بالضبط، بل إنّنا نقصد عدم وجود مانع من أن تكون في عمق هذا العالم، عالم وعوالم اُخرى لا يمكننا أبدا في الظروف الحالية أن نحيط بها علما، لوجود العديد من الحجب بيننا وبينها، ولكنّ الأشخاص الذين يمكنهم إزالة هذه الحجب، ربما استطاعوا رؤية تلك العوالم في هذا العالم أيضا ، فتأمّلوا ذلك .
وقد أزاح النبيّ الأعظم صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله الحجب في رحلته السماوية حيث ضجيج عالم المادّة بصورة أقلّ ، وعوامل الإلهاء أضعف، ومظاهر جلال اللّه‏ وجماله أكثر، وشاهد هناك جوانب من هذين العالمين (الجنّة والنار) كانت في باطن هذا العالم وداخله .
على أنّ هذا لا يعني أنّ النبيّ الأعظم صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله أو سائر الأولياء لا يمكنهم رؤية الجنّة أو النار على الأرض أيضا، بل إنّ هذه المسألة قد تحدث على الأرض أحيانا كما يبدو

  • نام منبع :
    الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11076
صفحه از 904
پرینت  ارسال به