549
الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة

لَأَذْهَلَتْ جَميعَ الْخَلائِقِ عَنْ مَعايِشِهمْ ، وَصَدَعَتِ الْجِبالَ إِلّا ما شاءَ اللّه‏ُ ، فَلا يَزالونَ يَبكونَ حَتّى يَبكونَ الدَّمَ .
ثُمَّ يَجتَمِعونَ في مَوطِنٍ يُستَنطَقُونَ فيهِ ، فَيَقُولونَ : «وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشرِكِينَ» ولا يُقِرّونَ بِما عَمِلوا ، فَيُختَمُ عَلى أَفواهِهِم وَيُستَنطِقُ الايدِي وَالارجُلُ وَالجُلُودُ ، فَتَنطِقُ ، فَتَشهَدُ بِكُلِّ مَعصِيَةٍ بَدَت مِنهُم ، ثُمَّ يُرفَعُ الخاتَمُ عَن أَلسِنَتِهِم فَيَقولونَ لِجُلودِهِم وَأَيديهِم وَأَرجُلِهِم : لِمَ شَهِدتُم عَلَينا ؟ فَتَقولُ : أَنطَقَنا اللّه‏ُ الَّذي أَنطَقَ كُلَّ شَيءٍ !
ثُمَّ يَجْتَمِعونَ في مَوطِنٍ يُستَنطَقُ فيهِ جَميعُ الخَلائِقِ ، فَلا يَتَكلَّمُ أَحَدٌ « إِلَا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَ قَالَ صَوَابًا » . وَيَجتَمِعونَ في مَوطِنٍ يَختَصِمونَ فيهِ ، وَيُدانُ لِبَعضِ الخَلائِقِ مِن بَعضٍ ، وَهُوَ القَولُ ، وَذلِكَ كُلُّهُ قَبلَ الحِسابِ . فَإِذا أُخِذَ بِالحِسابِ شُغِلَ كُلُّ اِمرِىٍ بِما لَدَيهِ ، نَسأَلُ اللّه‏َ بَرَكَةَ ذلِكَ اليَومِ . ۱

۱۳۷۰. الإمام الباقر عليه ‏السلام : لَيسَت تَشهَدُ الجَوارِحُ عَلى مُؤمِنٍ ، إِنَّما تَشهَدُ عَلى مَن حَقَّت عَلَيهِ كَلِمَةُ العَذابِ ، فَأَمّا المُؤمِنُ فَيُعطى كِتابَهُ بِيَمينِهِ ، قالَ اللّه‏ُ عز و جل : «فَمَن أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَـئِكَ يَقرَءُونَ كِتَابَهُم وَ لَا يُظلَمُونَ فَتِيلاً» . ۲

۹ / ۴

مُكالَمَةُ أهلِ الجَنَّةِ والنّارِ

الكتاب

«وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ

1.تفسير العيّاشي : ج ۱ ص ۳۵۷ ح ۱۶ ، التّوحيد : ص ۲۵۵ ح ۵ عن أبي المعمر السّعداني ، الاحتجاج : ج ۱ ص ۵۶۱ ح ۱۳۷ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۷ ص ۳۱۳ ح ۷ .

2.الكافي : ج ۲ ص ۳۲ ح ۱ عن محمّد بن سالم ، بحار الأنوار : ج ۷ ص ۳۱۸ ح ۱۴ .


الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
548

كِتابِ اللّه‏ِ المُنزَلِ ؟ فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ : لِأَنّي وَجَدتُ الكِتابَ يُكَذِّبُ بَعضُهُ بَعضا وَيَنقُضُ بَعضُهُ بَعضا ! قالَ : فَهاتِ الَّذي شَكَكتَ فيهِ ، فَقالَ : لِأَنَّ اللّه‏َ يَقُولُ : «يَومَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ المَلَـئِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَا مَن أَذِنَ لَهُ الرَّحمَانُ وَ قَالَ صَوَابًا» ۱، وَيَقُولُ حَيثُ استُنطِقُوا ، قالَ اللّه‏ُ : «وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشرِكِينَ» ، ويقول : «يَومَ القِيَامَةِ يَكفُرُ بَعضُكُم بِبَعضٍ وَيَلعَنُ بَعضُكُم بَعضًا» ، وَيَقُولُ : «إِنَّ ذَ لِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهلِ النَّارِ» ، وَيَقُولُ «لَا تَختَصِمُوا لَدَىَّ» ، وَيَقُولُ : «اليَومَ نَختِمُ عَلَى أَفوَاهِهِم وَ تُكَلِّمُنَا أَيدِيهِم وَ تَشهَدُ أَرجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ» ، فَمَرَّةً يَتَكَلَّمونَ ، وَمَرَّةً لا يَتَكَلَّمُونَ ، وَمَرَّةً يُنطِقُ الجُلودَ وَالْأَيْدِيَ وَالْأَرْجُلَ ، وَمَرَّةً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً ، فَأَنّى ذلِكَ يا أَميرَ المُؤمِنينَ ؟
فَقالَ لَهُ عليه ‏السلام : إِنَّ ذلِكَ لَيسَ في مَوطِنٍ واحِدٍ ، وهِيَ في مَواطِنَ في ذلِكَ اليَومِ الَّذي مِقدارُهُ خَمسونَ أَلفَ سَنَةٍ ، فَجَمَعَ اللّه‏ُ الخَلائِقَ في ذلِكَ اليَومِ في مَوطِنٍ يَتَعارَفونَ فيهِ ، فَيُكَلِّمُ بَعضُهُم بَعضا وَيَستَغفِرُ بَعضُهُم لِبَعضٍ ، اُولئِكَ الَّذينَ بَدَت مِنهُم الطّاعَةُ مِنَ الرُّسُلِ وَالْأَتْباعِ ، وَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوى في دارِ الدُّنْيا . وَيَلْعَنُ أَهْلُ المَعاصي_'۲۰بَعضُهم بَعضا مِنَ الَّذينَ بَدَت مِنهُمُ المَعاصي في دارِ الدُّنيا ، وَتَعاوَنوا عَلَى الظُّلمِ وَ العُدوانِ في دارِ الدُّنيا ، وَالمُستَكبِرُونَ مِنهُم ، وَالمُستَضعَفُونَ يَلعَنُ بَعضُهُم بَعضا وَ يُكَفِّرُ بَعضُهُم بَعضا .
ثُمَّ يُجمَعُونَ في مَوطِنٍ يَفِرُّ بَعضُهُم مِن بَعضٍ ، وَذلِكَ قَولُهُ «يَومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أَخِيهِ * وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ * وَ صَاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ» إِذا تَعاوَنوا عَلَى الظُّلمِ وَالعُدوانِ في دارِ الدُّنيا «لِكُلِّ امرِئٍ مِّنهُم يَومَـئِذٍ شَأنٌ يُغنِيهِ» .
ثُمَّ يُجمَعونَ في مَوطِنٍ يَبكُونَ فيهِ ، فَلَو أَنَّ تِلكَ الْأَصْواتَ بَدَتْ لِأَهْلِ الدُّنْيا

1.. النبأ : ۳۸ .

  • نام منبع :
    الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10156
صفحه از 904
پرینت  ارسال به