433
الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة

ه ـ العمل قرين دائم

روي عن قيس بن عاصم أحد أصحاب النبيّ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله أنّه قال : دخلنا ذات يوم مع وفد من بني تميم على رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله ، فقلت : يا نَبِيَّ اللّه‏ِ ! عِظنا مَوعِظَةً نَنتَفِعُ بِها ، فَإِنّا قَومٌ نعيرُ فِي البَرِيَّةِ .
فأجابه النبيّ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله :
إنَّهُ لابُدَّ لَكَ ـ يا قَيسُ ـ مِن قَرينٍ يُدفَنُ مَعَكَ وهُوَ حَيٌّ ، وتُدفَنُ مَعَهُ وأنتَ مَيِّتٌ ، فَإن كانَ كَريما أكرَمَكَ ، وإن كانَ لَئيما أسلَمَكَ ، ثُمَّ لا يُحشَرُ إلّا مَعَكَ ، ولا تُبعَثُ إلّا مَعَهُ ، ولا تُسألُ إلّا عَنهُ ، ولا تَجعَلهُ إلّا صالِحا ، فإِنَّهُ إن صَلُحَ أنِستَ بِهِ ، وإن فَسَدَ لا تَستَوحِشُ إلّا مِنهُ ، وهُوَ فِعلُكَ . ۱
وروي عن عليّ عليه ‏السلام :
أعْمالُ العِبادِ فِي عَاجِلِهِم نُصْبُ أعيُنِهِم فِي آجَالِهِم . ۲
ويمكن تفسير هذا النوع من الآيات والروايات التي تدلّ بوضوح على تجسّم الأعمال ، بأنّ الأعمال الصالحة تتجسّم يوم القيامة على أحسن صورة ، فيتنعّم المحسنون بالاقتران معها إلى جانب نعم الجنّة الاُخرى .
إلّا أن بعض الباحثين يرون أنّ هذه الآيات والروايات تدلّ على أنّ العلاقة التكوينية بين العمل والجزاء هي علاقة اتّحاد الظاهر بالباطن ؛ وبذلك فإنّ الجنّة هي تجسّم الأعمال الصالحة ، وجهنّم تجسّم الأعمال السيّئة ، وفي عالم الآخرة تعاد أعمال البشر إليهم على شكل الجنّة والنار. كما نرى هذاالمعنى في إحدى الروايات عن رسول‏اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله :
إنَّما هِيَ أعْمالُكُم تُرَدُّ إلَيكُم . ۳

1.ميزان الحكمة : ج ۶ ص ۲۴۴ ح ۱۴۵۲۰ .

2.نهج البلاغة : الحكمة ۷ .

3.بحار الأنوار: ج ۳ ص ۹۰ نقلاً عن الخبر المشتهر بتوحيد المفضل عن الإمام الصادق عليه ‏السلام .


الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
432

د ـ ليس الجزاء إلّا العمل

من الواضح أنّه في الموارد الكثيرة التي يطرح فيها القرآن عذاب جهنّم الرهيب ، ولدفع شبهتي الظلم وعدم المناسبة بين الجرم والجزاء ؛ يصرّح بأنّ جزاء أهل جهنّم ليس إلّا نفس عملهم ؛ كما جاء في الآية :
«وَ مَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِى النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» . ۱
وفي سورتي الأعراف وسبأ :
«هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَا مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ» . ۲
ويصرّح في آيات بأنّ ما يراه المجرمون هو جزاء عملهم :
«اصْلَوْهَا فَاصْبِرُواْ أَوْ لَا تَصْبِرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» . ۳
وكذلك يصرّح في آيات اُخر بأنّ أهل جهنّم لا يجزون إلّا ما عملوا :
«وَ مَا تُجْزَوْنَ إِلَا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» . ۴
كما جاء في روايةٍ أنّ جبرائيل قال لرسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله :
يا مُحَمَّدُ ، عِشْ ما شِئتَ فَإنَّكَ مَيّتٌ ، وأحبِبْ مَن أحبَبتَ فَإنَّكَ مُفارِقُهُ ، وَاعْمَلْ ما شِئتَ فَإنَّكَ مُلاقيهِ . ۵

1.النمل : ۹۰ .

2.الأعراف : ۱۴۷ ، سبأ : ۳۳ .

3.. الطور : ۱۶ .

4.. الصافّات : ۳۹ .

5.ميزان الحكمة : ج ۶ ص ۲۴۳ ح ۱۴۵۱۹ .

  • نام منبع :
    الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10150
صفحه از 904
پرینت  ارسال به