ه ـ العمل قرين دائم
روي عن قيس بن عاصم أحد أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : دخلنا ذات يوم مع وفد من بني تميم على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقلت : يا نَبِيَّ اللّهِ ! عِظنا مَوعِظَةً نَنتَفِعُ بِها ، فَإِنّا قَومٌ نعيرُ فِي البَرِيَّةِ .
فأجابه النبيّ صلى الله عليه و آله :
إنَّهُ لابُدَّ لَكَ ـ يا قَيسُ ـ مِن قَرينٍ يُدفَنُ مَعَكَ وهُوَ حَيٌّ ، وتُدفَنُ مَعَهُ وأنتَ مَيِّتٌ ، فَإن كانَ كَريما أكرَمَكَ ، وإن كانَ لَئيما أسلَمَكَ ، ثُمَّ لا يُحشَرُ إلّا مَعَكَ ، ولا تُبعَثُ إلّا مَعَهُ ، ولا تُسألُ إلّا عَنهُ ، ولا تَجعَلهُ إلّا صالِحا ، فإِنَّهُ إن صَلُحَ أنِستَ بِهِ ، وإن فَسَدَ لا تَستَوحِشُ إلّا مِنهُ ، وهُوَ فِعلُكَ . ۱
وروي عن عليّ عليه السلام :
أعْمالُ العِبادِ فِي عَاجِلِهِم نُصْبُ أعيُنِهِم فِي آجَالِهِم . ۲
ويمكن تفسير هذا النوع من الآيات والروايات التي تدلّ بوضوح على تجسّم الأعمال ، بأنّ الأعمال الصالحة تتجسّم يوم القيامة على أحسن صورة ، فيتنعّم المحسنون بالاقتران معها إلى جانب نعم الجنّة الاُخرى .
إلّا أن بعض الباحثين يرون أنّ هذه الآيات والروايات تدلّ على أنّ العلاقة التكوينية بين العمل والجزاء هي علاقة اتّحاد الظاهر بالباطن ؛ وبذلك فإنّ الجنّة هي تجسّم الأعمال الصالحة ، وجهنّم تجسّم الأعمال السيّئة ، وفي عالم الآخرة تعاد أعمال البشر إليهم على شكل الجنّة والنار. كما نرى هذاالمعنى في إحدى الروايات عن رسولاللّه صلى الله عليه و آله :
إنَّما هِيَ أعْمالُكُم تُرَدُّ إلَيكُم . ۳
1.ميزان الحكمة : ج ۶ ص ۲۴۴ ح ۱۴۵۲۰ .
2.نهج البلاغة : الحكمة ۷ .
3.بحار الأنوار: ج ۳ ص ۹۰ نقلاً عن الخبر المشتهر بتوحيد المفضل عن الإمام الصادق عليه السلام .