429
الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة

الدنيوية ، إلّا أنّ علاقتها التكوينية مع الأعمال والأفعال القبيحة أقوى من علاقة العقوبات التكوينية الدنيوية ، بمعنى أنّ العلاقة التكوينية للعقوبات الدنيوية هي العلاقة بين العلّة والمعلول ، إلّا أنّ علاقة العقوبات التكوينية الاُخروية هي علاقة اتّحاد الظاهر بالباطن .
وتجدر الإشارة إلى أنّ النصوص الإسلامية صوّرت علاقة العمل والجزاء بالشكل التالي :

أولاً : علاقة الزرع والحصاد

ترى طائفة من الروايات أنّ العلاقة بين العمل والجزاء الاُخروي هي كالعلاقة بين الشجرة وثمرتها ، مثل ما نقل عن النبيّ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله :
الدُّنيا مَزْرَعَةُ الآخِرَةِ . ۱
مَنْ يَزْرَعْ خيرا يُوشِكُ أن يَحْصُدَ رغبةً ، ومَن يَزْرَع شرّا يُوشِك أنْ يَحْصُدَ نَدامةً ، وَلِكُلِّ زارِعٍ ما زَرَعَ . ۲
كَما لا يُجتَنى مِنَ الشَّوكِ العِنَبُ ، كَذلكَ لا يَنزِلُ الفُجّارُ مَنازِلَ الأبرارِ ، وهُما طَريقانِ ، فَأيَّهُما أخَذتُم أدرَكْتُم إلَيهِ . ۳
وكما روي عن الإمام عليّ عليه ‏السلام :
ثَمَرَةُ العَمَلِ الصّالِحِ كَأَصلِهِ . ۴

1.تنبيه الخواطر : ج ۱ ص ۱۸۳ ؛ عوالي اللآلي : ج ۱ ص ۲۶۷ ح ۶۶ ؛ إحياء علوم الدين : ج ۴ ص ۳۱ .

2.الأمالي للطوسي : ص ۵۲۷ ح ۱۱۶۲ ؛ مكارم الأخلاق : ج ۲ ص ۳۶۵ ح ۲۶۶۱ وفيه «خيرا» بدل «رغبة» ؛ تنبيه الخواطر : ج ۲ ص ۵۳ و فيه «زرعه» بدل «رغبة» ؛ أعلام الدين : ص ۱۹۰ كلّها عن أبي ذر ؛ بحار الأنوار : ج ۷۱ ص ۱۷۶ ح ۱۵ .

3.ميزان الحكمة : ج ۶ ص ۲۱۹ ح ۱۴۳۹۷ .

4.ميزان الحكمة : ج ۶ ص ۲۱۹ ح ۱۴۳۹۹ .


الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
428

أنواع العقوبات

من أجل الإجابة على هذه الأسئلة ، من الضروريّ معرفة أنواع العقوبات وماهيّة جهنّم .
وبشكل عام يمكن تقسيم عقوبات الأعمال السيّئة إلى ثلاث مجموعات :

۱ . العقوبات الوضعيّة

ومنشأ هذا النوع من العقوبات هو القوانين والمقرّرات التي وضعت من قبل المشرّع بهدف إقرار النظام ، والحيلولة دون الجريمة ، وردع المجرم وحماية المظلوم .
ومن البديهي أنّ التناسب ضروري بين الجريمة والعقاب في هذا النوع من العقوبات لرعاية العدالة .

۲ . العقوبات التكوينيّة الدنيويّة

لم يكن القانون والمقرّرات الوضعية هو مصدر هذا النوع من العقوبات ، كي يقال : إنّ من الواجب رعاية التناسب بين الجريمة والعقاب ، بل إنّ هذا النوع من العقوبات هو الأثر الذاتي والطبيعي للجريمة .
فالأثر الطبيعي لتناول السمّ هو الموت ، ولا يمكن أن يقال : ما هو وجه المناسبة بين هذه الجريمة التي تمّت خلال لحظات قصيرة ، وبين الحرمان الدائم من نعمة الحياة ؟ ذلك لأنّ العلاقة بين الجريمة والعقاب ليست تعاقدية ، ويسمّى هذا النوع من العقوبات ، «الجزاء على العمل» أو «الأثر الوضعي للذنب» أيضا ، وقد وردت الإشارة إليها مرارا في الروايات الإسلامية ۱ .

۳ . العقوبات التكوينيّة الاُخرويّة

يمكن القول بأنّ مصدر العقوبات الاُخروية ، ليست وضعية ؛ كالعقوبات التكوينية

1.راجع : ميزان الحكمة : ج ۷ ص ۵۱۶ (كما تدين تدان) .

  • نام منبع :
    الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10165
صفحه از 904
پرینت  ارسال به