403
الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة

وَخَدِّهِ ، ثُمَّ حَسَرَ عَن بَطنِهِ وَصَدرِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلى بَطنِهِ وَصَدرِهِ ، ثُمَّ قامَ فَقالَ : اَلسَّلامُ عَلَيكُم .
وَأَقبَلَ أَبُو جَعفَرٍ عليه ‏السلام يَنظُرُ فِي قَفاهُ وَهُوَ مُدبِرٌ ، ثُمَّ أَقبَلَ بِوَجهِهِ عَلى القَومِ ، فَقالَ : مَن أَحَبَّ أَن يَنظُرَ إِلى رَجُلٍ مِن أَهلِ الجَنَّةِ فَليَنظُر إِلى هذا .
فَقالَ الحَكَمُ بنُ عُتَيبَةَ : لَم أَرَ مَأتما قَطُّ يُشبِهُ ذلِكَ المَجلِسَ . ۱

۱۱۰۱. الكافي عن أبي بصير : كانَ لِي جارٌ يَتبَعُ السُّلطانَ فَأَصابَ مالاً ، فَأَعَدَّ قِيانا ۲ وَكانَ يَجمَعُ الجَمِيعَ إِلَيهِ وَيَشرَبُ المُسكِرَ وَيُؤذِينِي فَشَكَوتُهُ إِلى نَفسِهِ غَيرَ مَرَّةٍ ، فَلَم يَنَتهِ ، فَلَمّا أَن أَلحَحتُ عَلَيهِ فَقالَ لِي : يا هذا ، أَنا رَجُلٌ مُبتَلىً وَأَنتَ رَجُلٌ مُعافًى ، فَلَو عَرَضتَنِي لِصاحِبِكَ رَجَوتُ أَن يُنقِذَنِيَ اللّه‏ُ بِكَ ، فَوَقَعَ ذَلِكَ لَهُ فِي قَلبِي ، فَلَمّا صِرتُ إِلى أَبِي عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام ذَكَرتُ لَهُ حالَهُ ، فَقالَ لِي : إِذا رَجَعتَ إِلَى الكُوفَةِ سَيَأتِيكَ ، فَقُل لَهُ : يَقُولُ لَكَ جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ : دَع ما أَنتَ عَلَيهِ وَأَضمَنُ لَكَ عَلَى اللّه‏ِ الجَنَّةَ .
فَلَمّا رَجَعتُ إِلى الكُوفَةِ أَتانِي فِيمَن أَتى ، فَاحتَبَستُهُ عِندِي حَتّى خَلا مَنزِلِي ، ثُمَّ قُلتُ لَهُ يا هذا ، إِنِّي ، ذَكَرتُكَ لِأَبِي عَبدِ اللّه‏ِ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الصّادِقِ عليهماالسلام فَقالَ لِي : إِذا رَجَعتَ إِلَى الكُوفَةِ سَيَأتِيكَ فَقُل لَهُ : يَقُولُ لَكَ جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ : دَع ما أَنتَ عَلَيهِ وَأَضمَنُ لَكَ عَلى اللّه‏ِ الجَنَّةِ .
قال : فَبَكى ثُمَّ قالَ لِي : اللّه‏َ لَقَد قالَ لَكَ أَبُو عَبدِ اللّه‏ِ هذا ؟ قالَ : فَحَلَفتُ لَهُ أَنَّهُ قَد قالَ لِي ما قُلتُ ، فَقالَ لِي : حَسبُكَ ، وَمَضى .
فَلَمّا كانَ بَعدَ أَيّامٍ بَعَثَ إِلَيَّ فَدَعانِي ، وَإِذا هُو خَلفَ دارِهِ عُريانٌ ، فَقالَ لِي : يا أَبا بَصِيرٍ ، لا وَاللّه‏ِ ما بَقِيَ فِي مَنزِلِي شَيءٌ إِلّا وَقَد أَخرَجتُهُ وَأَنا كَما تَرى . قالَ : فَمَضَيتُ

1.الكافي : ج ۸ ص ۷۶ ح ۳۰ ، بحار الأنوار : ج ۴۶ ص ۳۶۱ ح ۳ .

2.القَيْنَة : الأَمَة المُغَنِّيَة ، والجمع قِيان (لسان العرب : ج ۱۳ ص ۳۵۱ «قين») .


الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
402

يابنَ رَسُولِ اللّه‏ِ ، أَدنِنِي مِنكَ جَعَلَنِيَ اللّه‏ُ فِداكَ ، فَوَ اللّه‏ِ إِنِّي لَأُحِبُّكُم وَأُحِبُّ مَن يُحِبُّكُم! وَوَاللّه‏ِ ما أُحِبُّكُم وَأُحِبُّ مَن يُحِبُّكُم لِطَمَعٍ فِي دُنيا! وَ(اللّه‏ِ) إِنِّي لَأُبغِضُ عَدُوَّكُم وَأَبرَأُ مِنهُ ، وَوَاللّه‏ِ ما أُبغِضُهُ وَأَبرَأُ مِنهُ لِوِترٍ كانَ بَينِي وَبَينَهُ ، وَاللّه‏ِ إِنِّي لَأُحِلُّ حَلالَكُم وَأُحَرِّمُ حَرامَكُم ، وَأَنتَظِرُ أَمرَكُم ، فَهَل تَرجُو لِي جَعَلَنِيَ اللّه‏ُ فِداكَ ؟
فَقالَ أَبُو جَعفَرٍ عليه ‏السلام : إِلَيَّ إِلَيَّ ، حَتّى أَقعَدَهُ إِلى جَنبِهِ ، ثُمَّ قالَ : أَيُّها الشَّيخُ ، إِنَّ أَبِي عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليهماالسلام أَتاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَن مِثلِ الَّذِي سَأَلتَنِي عَنهُ ، فَقالَ لَهُ أَبِي عليه ‏السلام : إِن تَمُتْ تَرِدْ عَلى رَسُولِ اللّه‏ِ صَلَّى اللّه‏ُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَعَلى عَلِيٍّ وَالحَسَنِ وَالحُسَينِ وَعَلِيِّ بنِ الحُسَينِ ، وَيَثلَج قَلبُكَ ، وَيَبرُد فُؤادُكَ ، وَتَقَرَّ عَينُكَ ، وَتُستَقبَل بِالرَّوحِ وَالرَّيحانِ مَعَ الكِرامِ الكاتِبِينَ لَو قَد بَلَغَت نَفسُكَ هاهُنا ـ وَأَهوى بِيَدِهِ إِلى حَلقِهِ ـ وَإِن تَعِش تَرى ما يُقِرُّ اللّه‏ُ بِهِ عَينَكَ ، وَتَكُونُ مَعَنا فِي السَّنامِ الأَعلى .
فقالَ الشَّيخُ : كَيفَ قُلتَ يا أَبا جَعفَرٍ ؟ فَأَعادَ عَلَيهِ الكَلامَ ، فَقالَ الشَّيخُ : اَللّه‏ُ أَكبَرُ يا أَبا جَعفَرٍ ، إِن أَنا مِتُّ أَرِدُ عَلى رَسُولِ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله وَعَلى عَلِيٍّ وَالحَسَنِ وَالحُسَينِ وَعَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليهم ‏السلام ، وَتَقَرُّ عَينِي ، وَيَثلَجُ قَلبِي ، وَيَبرُدُ فُؤادِي ، وَاُستَقبَلُ بِالرَّوحِ وَالرَّيحانِ مَعَ الكِرامِ الكاتِبِينَ لَو قَد بَلَغَت نَفسِي إِلى هاهُنا وَإِن أَعِش أَرى ما يُقِرُّ اللّه‏ُ بِهِ عَينِي ، فَأَكُونُ مَعَكُم فِي السَّنامِ الأَعلى ؟!
ثُمَّ أَقبَلَ الشَّيخُ يَنتَحِبُ ، يَنشُجُ ۱ هاهاها ، حَتّى لَصِقَ بِالأَرضِ ، وَأَقبَلَ أَهلُ البَيتِ يَنتَحِبُونَ وَيَنشُجُونَ لِما يَرَونَ مِن حالِ الشَّيخِ . وَأَقبَلَ أَبُو جَعفَرٍ عليه ‏السلام يَمسَحُ بِإِصبَعِهِ الدُّمُوعَ مِن حَمالِيقِ ۲ عَينَيهِ وَيَنفُضُها ، ثُمَّ رَفَعَ الشَّيخُ رَأسَهُ ، فَقالَ لِأَبِي جَعفَرٍ عليه ‏السلام : يَابنَ رَسُولِ اللّه‏ِ ، ناوِلنِي يَدَيكَ جَعَلَنِيَ اللّه‏ُ فِداكَ ، فَناوَلَهُ يَدَهُ ، فَقَبَّلَها وَوَضَعَها عَلى عَينَيهِ

1.يَنْشُجُ : إذا غصّ بالبكاء في حلقه عند الفزعة (لسان العرب : ج ۲ ص ۳۷۸ «نشج») .

2.الحَمَالِيق : هو ما غطتّه الأجفان من بياض المقلة (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۶۵ «حملق») .

  • نام منبع :
    الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11129
صفحه از 904
پرینت  ارسال به