349
الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة

كانَ زَمِيلُكَ؟ قُلتُ : الخَيِّرُ الفاضِلُ أَبُو مُوسَى النَّبّالُ . قالَ : اِستَوصِ بِهِ خَيرا، فَإِنَّ لَهُ عَلَيكَ حُقُوقا كَثِيرَةً : فَأَمّا أَوَّلُهُنَّ فَما أَنتَ عَلَيهِ مِن دِينِ اللّه‏ِ ، وَحَقِّ الصُّحبَةِ . قُلتُ : لَو استَطَعتُ ما مَشى عَلَى الأَرضِ . قالَ : اِستَوصِ بِهِ خَيرا. قُلتُ : دُونَ هذا أَكتَفِي بِهِ مِنكَ .
قالَ : فَخَرَجنا حَتّى نَزَلنا مَنزِلاً فِي الطَّرِيقِ يُقالُ لَهُ : «ونقر» فَنَزَلناهُ ، وَأَمَرتُ الغِلمانَ أَن تُلقِيَ لِلإِبِلِ العَلَفَ ، وتَصنَع طَعاما، فَفَعَلُوا . وَنَظَرتُ إِلى أَبِي مُوسى وَمَعَهُ كُوزٌ مِن ماءٍ ، وَأَخَذَ طَرِيقَهُ لِلوُضُوءِ وَأَنا أَنظُرُ إِلَيهِ ، حَتّى هَبَطَ فِي وَهدَةٍ مِنَ الأَرضِ .
وأَدرَكَ الطَّعامُ ، فَقَالَ لِي الغِلمانُ : قَد أَدرَكَ الطَّعامُ ، تَتَغَدَّونَ؟ قُلتُ لَهُم : اُطلُبوا أَبا مُوسى ، فَإِنَّهُ أَخَذَ فِي هذَا الوَجهِ يَتَوَضَّأُ . فَطَلَبَهُ الغِلمانُ ، فَلَم يُصِيبُوهُ . فَقُلتُ لَهُم : اُطلُبُوا أَبا مُوسى ، وَأَعطَيتُ اللّه‏َ عَهدا أَن لا أَبرَحَ مِن مَوضِعِي الَّذِي أَنا فِيهِ ثَلاثَةَ أَيّامٍ أَطلُبُهُ ، حَتّى أُبلِيَ إِلَى اللّه‏ِ عُذرا. فَاكتَرَيتُ الأَعرابَ فِي طَلَبِهِ ، وَجَعَلتُ لِمَن جاءَ بِهِ عَشَرَةَ آلافِ دِرهَمٍ ـ وَهِيَ دِيَتُهُ ـ فَانطَلَقَ الأَعرابُ فِي طَلَبِهِ ثَلاثَةَ أَيّامٍ ، فَلَمّا كانَ اليَومُ الرّابِعُ أَتانِيَ القَومُ آيِسُونَ مِنهُ ، فَقالُوا لِي : يا عَبدَ اللّه‏ِ ، ما نَرى صاحِبَكَ إِلّا وَقَدِ اُختُطِفَ ، إِنَّ هذِهِ بِلادٌ مَحضُورَةٌ فُقِدَ فِيها غَيرُ واحِدٍ ، وَنَحنُ نَرى لَكَ أَن تَرتَحِلَ مِنها!
فَلَمّا قالُوا لِي هذِهِ المَقالَةَ ارتَحَلتُ ، حَتّى قَدِمنا الكُوفَةَ ، وَأَخبَرتُ أَهلَهُ بِقِصَّتِهِ .
وَخَرَجتُ مِن قابِلٍ ، حَتّى دَخَلتُ عَلى أَبِي عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام . فَقالَ لِي : يا شُعَيبُ ، أَلَم آمُركَ أَن تَستَوصِيَ بِأَبِي مُوسَى النَّبّالِ خَيرا؟! قُلتُ : بَلى ، وَلكِن لَم أَذهَب حَيثُ ذَهَبَ .
فَقالَ : رَحِمَ اللّه‏ُ أَبا مُوسى ، لَو رَأَيتَ مَنازِلَ أَبِي مُوسى فِي الجَنَّةِ لأَقَرَّ اللّه‏ُ عَينَكَ . ثُمَّ قالَ : كانَت لِأَبِي مُوسى دَرَجَةٌ عِندَ اللّه‏ِ ، لَم يَكُن يَنالُها إِلَا بِالَّذِي اُبتُلِيَ بِهِ . ۱

1.الخرائج والجرائح : ج ۲ ص ۶۳۳ ح ۳۴ ، بحار الأنوار : ج ۴۷ ص ۱۰۵ ح ۱۳۳.


الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
348

۹۸۲. عنه عليه ‏السلام : خَرَجَ مُوَسى عليه ‏السلام فَمَرَّ بِرَجُلٍ مِن بَنِي إِسرائِيلَ ، فَذَهَبَ بِهِ حَتّى خَرَجَ إِلَى الطُّورِ ، فَقالَ لَهُ : اجلِس حَتّى أَجِيئَكَ ، وَخَطَّ عَلَيهِ خَطَّةً ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَى السَّماءِ ، فَقالَ : اِستَودَعتُكَ صاحِبِي وَأَنتَ خَيرُ مُستَودَعٍ . ثُمَّ مَضى ، فَناجاهُ اللّه‏ُ بِما أَحَبَّ أَن يُناجِيَهُ ، ثُمَّ انصَرَفَ نَحوَ صاحِبِهِ ، فَإِذا أَسَدٌ قَد وَثَبَ عَلَيهِ فَشَقَّ بَطنَهُ ، وَفَرَثَ لَحمَهُ ، وَشَرِبَ دَمَهُ ... .
فَرَفَعَ مُوسى رَأسَهُ فَقالَ : يا رَبِّ ، اِستَودَعتُكَهُ وَأَنتَ خَيرُ مُستَودَعٍ، فَسَلَّطتَ عَلَيهِ شَرَّ كِلابِكَ فَشَقَّ بَطنَهُ ، وَفَرَثَ لَحمَهُ ، وَشَرِبَ دَمَهُ!!
فَقِيلَ : يا مُوسى، إِنَّ صاحِبَكَ كانَت لَهُ مَنزِلَةٌ فِي الجَنَّةِ ، لَم يَكُن يَبلُغُها إِلّا بِما صَنَعتُ بِهِ . يا مُوسى اُنظُر ـ وَكَشَفَ لَهُ الغِطاءَ ـ فَنَظَرَ مُوسى ، فَإِذا بِمَنزِلٍ شَرِيفٍ ، فَقالَ : رَبِّ رَضِيتُ . ۱

۹۸۳. الإمام الصادق عليه ‏السلام : إِنَّ فِي الجَنَّةِ مَنزِلَةً ، لا يَبلُغُها عَبدٌ إِلّا بِالاِبتِلاءِ فِي جَسَدِهِ . ۲

۹۸۴. عنه عليه ‏السلام : إِنَّ وَلِيَّنا لَيَرتَكِبُ ذُنُوبا يَستَحِقُّ (بِها) مِنَ اللّه‏ِ العَذَابَ ، فَيَبتَلِيهِ اللّه‏ُ فِي بَدَنِهِ بِالسَّقَمِ حَتّى يُمَحِّصَ عَنهُ الذُّنُوبَ ، فَإِن عافاهُ فِي بَدَنِهِ ابتَلاهُ فِي مالِهِ ، فَإِن عافاهُ فِي مالِهِ اِبتَل هُ فِي وُلدِهِ ، فَإِن عافاهُ فِي وُلدِهِ ابتَلاهُ فِي أَهلِهِ ، فَإِن عافاهُ فِي أَهلِهِ ابتَلاهُ بِجارِ سَوءٍ يُؤذِيهِ ، فَإِن عافاهُ مِن بَوائِقِ ۳ الدُّهُورِ شَدَّدَ عَلَيهِ خُرُوجَ نَفسِهِ ، حَتّى يَلقَى اللّه‏َ حِينَ يَلقاهُ وَهُو عَنهُ راضٍ قَد أَوجَبَ لَهُ الجَنَّةَ . ۴

۹۸۵. الخرائج والجرائح عن شعيب : دَخَلتُ عَلَيهِ [أَي عَلَى الصّادِقِ عليه ‏السلام ] فَقالَ لِي : مَن

1.مشكاة الأنوار : ص ۵۰۸ ح ۱۷۰۶ ، جامع الأخبار : ص ۳۱۲ ح ۸۶۷ ، بحار الأنوار : ج ۶۷ ص ۲۳۷ ح ۵۴ .

2.الكافي : ج ۲ ص ۲۵۵ ح ۱۴ عن فضيل بن عثمان ، جامع الأخبار : ص ۳۱۲ ح ۸۶۶ ، بحار الأنوار : ج ۶۷ ص ۲۱۲ ح ۱۶.

3.بَوائِقُهُ : أي غوائله وشروره (النهاية : ج ۱ ص ۱۶۲ «بوق») .

4.التمحيص : ص ۳۹ ح ۳۸ عن عمر صاحب السابري ، بحار الأنوار : ج ۶۸ ص ۲۰۰ ح ۶ .

  • نام منبع :
    الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11029
صفحه از 904
پرینت  ارسال به