171
الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة

نَفسُكَ عَن بَدائِعِ ما أُخرِجَ إِلَى الدُّنيا مِن شَهَواتِها وَلَذَّاتِها ، وَزَخارِفِ مَناظِرِها ، وَلَذَهِلَت بِالفِكرِ فِي اصطِفاقِ أَشجارٍ غُيِّبَت عُرُوقُها فِي كُثبانِ المِسكِ عَلى سَواحِلِ أَنهارِها ، وَفِي تَعلِيقِ كَبائِسِ اللُّؤلُؤِ الرَّطبِ فِي عَسالِيجِها ۱ وَأَفنانِها ، وَطُلُوعِ تِلكَ الثِّمارِ مُختَلِفَةً فِي غُلُفِ أَكمامِها ۲ ، تُجنى مِن غَيرِ تَكَلُّفٍ فَتَأتِي عَلى مُنيَةِ مُجتَنِيها، وَيُطافُ عَلى نُزّالِها فِي أَفنِيَةِ قُصُورِها بِالأَعسالِ المُصَفَّقَةِ ، وَالخُمُورِ المُرَوَّقَةِ .
قَومٌ لَم تَزَلِ الكَرامَةُ تَتَمادى بِهِم حَتّى حَلُّوا دارَ القَرارِ ، وَأَمِنُوا نُقلَةَ الأَسفارِ ، فَلَو شَغَلتَ قَلبَكَ أَيُّها المُستَمِعُ بِالوُصُولِ إِلى ما يَهجُمُ عَلَيكَ مِن تِلكَ المَناظِرِ المُونِقَةِ ۳ ، لَزَهَقَت نَفسُكَ شَوقا إِلَيها ، وَلَتَحَمَّلتَ مِن مَجلِسِي هَذا إِلى مُجاوَرَةِ أَهلِ القُبُورِ استِعجالاً بِها ، جَعَلَنا اللّه‏ُ وَإِيّاكُم مِمَّن سَعى بِقَلبِهِ إِلى مَنازِلِ الأَبرارِ بِرَحمَتِهِ! ۴

۳۷۱. عنه عليه ‏السلام : سُبحانَكَ خالِقا وَمَعبُودا بِحُسنِ بَلائِكَ عِندَ خَلقِكَ . خَلَقتَ دارا وَجَعَلتَ فِيها مَأدُبةً : مَشرَبا وَمَطعَما وَأَزواجا وَخَدَما وَقُصُورا وَأَنهارا وَزُرُوعا وَثِمارا. ثُمَّ أَرسَلتَ داعِيا يَدعُو إِلَيها . فَلا الدّاعِيَ أَجابُوا ، وَلا فِيما رَغَّبتَ رَغِبُوا ، وَلا إِلى ما شَوَّقتَ إِلَيهِ اشتاقُوا . ۵

۳۷۲. عنه عليه ‏السلام ـ فِي صِفَةِ المُتَّقِينَ ـ : لَولا الأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللّه‏ُ عَلَيهِم لَم تَستَقِرَّ أَرواحُهُم فِي أَجسادِهِم طَرفَةَ عَينٍ ، شَوقا إِلَى الثَّوابِ ، وَخَوفا مِنَ العِقابِ . ۶

1.عساليجها : أغصانها (النهاية : ج ۳ ص ۲۳۸ «عسلج»).

2.أكْمام : جمع كِمْ وهو غلاف الثمر والحبّ قبل أن يظهر (النهاية : ج ۴ ص ۲۰۰ «كمم») .

3.الأَنَقَ : حُسْن المنظر وإعجابه إيّاك (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۱۰ «أنق»).

4.نهج البلاغة : الخطبة ۱۶۵ ، تنبيه الخواطر : ج ۱ ص ۶۸ وليس فيه ذيله من «فلو شغلت قلبك ...» ، بحار الأنوار : ج ۸ ص ۱۶۲ ح ۱۰۴.

5.نهج البلاغة : الخطبة ۱۰۹.

6.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۳ ، صفات الشيعة : ص ۹۷ ح ۳۵ ، الأمالي للصدوق : ص ۶۶۷ ح ۸۹۷ كلاهما عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي عن الإمام الصادق عن أبيه عن الإمام علي عليهم ‏السلام ، التمحيص : ص ۷۱ ح ۱۷۰ ، روضة الواعظين : ص ۴۸۰ ، بحار الأنوار : ج ۶۷ ص ۳۱۵ ح ۵۰ .


الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
170

وَالنُّبُوَّةِ ، أَفَرَأَيتَ إِن آمَنتُ بِمِثلِ ما آمَنتَ بِهِ ، وَعَمِلتُ مِثلَ ما عَمِلتَ بِهِ ، إِنِّي لَكائِنٌ مَعَكَ فِي الجَنَّةِ؟
قالَ : نَعَم .
ثُمَّ قالَ النَّبِيُ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله : وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ! إِنَّه لَيُرى بَياضُ الأَسوَدِ فِي الجَنَّةِ مِن مَسِيرَةِ أَلفِ عامٍ .
ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله : مَن قالَ : «لا إِلهَ إِلَا اللّه‏ُ» كانَ لَهُ بِها عَهدٌ عِندَ اللّه‏ِ ، وَمَن قالَ : «سُبحانَ اللّه‏ِ وَبِحَمدِهِ» ، كُتِبَت لَهُ مِئَةُ أَلفِ حَسَنَةٍ وَأَربَعَةٌ وَعِشرُونَ أَلفَ حَسَنَةٍ . فَقالَ رَجُلٌ : كَيفَ يهلكُ بَعدَ هَذا يا رَسُولَ اللّه‏ِ؟ فَقالَ رَسُولُ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله : إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأتِي يَومَ القِيامَةِ بِالعَمَلِ ، وَلَو وُضِعَ عَلَى جَبَلٍ لا تُقِلُّهُ ، فَتَقُومُ النِّعمَةُ مِن نِعَمِ اللّه‏ِ فَيَكادُ أَن يَستَنفِدَ ذَلِكَ كُلَّهُ إِلّا أَن يَتَطاوَلَ اللّه‏ُ بِرَحمَتِهِ ، وَنَزَلَت هَذِهِ السُّورَةُ : «هَلْ أَتَى عَلَى الْاءِنسَـنِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْـئا مَّذْكُورًا » إِلى قَولِهِ : «وَ مُلْكًا كَبِيرًا » . ۱
قالَ الحَبَشِيُ : وَإِنَّ عَينَيَ لَتَرَيانِ ماتَرى عَيناكَ فِي الجَنَّةِ؟ فَقالَ النَّبِيُ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله : نَعَم ، فَاستَبكى حَتَّى فاضَت نَفسُهُ . قالَ ابنُ عُمَرَ : لَقَد رَأَيتُ رَسُولَ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله يُدلِيهِ فِي حُفرَتِهِ بِيَدِهِ . ۲

۳۶۹. الإمام عليّ عليه ‏السلام : شَوِّقُوا أَنفُسَكُم إِلى نَعِيمِ الجَنَّةِ ، تُحِبُّوا المَوتَ وَتَمقُتُوا الحَياةَ . ۳

۳۷۰. عنه عليه ‏السلام ـ فِي صِفَةِ الجَنَّةِ ـ : فَلَو رَمَيتَ بِبَصَرِ قَلبِكَ نَحوَ ما يُوصَفُ لَكَ مِنها لَعَزَفَت ۴

1.الإنسان : ۱ ـ ۲۰.

2.المعجم الكبير : ج ۱۲ ص ۳۳۳ ح ۱۳۵۹۵ ، حلية الأولياء : ج ۳ ص ۳۱۹ ، تفسير ابن كثير : ج ۸ ص ۳۱۸ ، المعجم الأوسط : ج ۲ ص ۱۶۲ ح ۱۵۸۱ ، تفسير القرطبي : ج ۱۹ ص ۱۴۸ ، سير أعلام النبلاء : ج ۷ ص ۳۲۰ عن ابن عبّاس والثلاثة الأخيرة نحوه .

3.غرر الحكم : ح ۵۷۷۹ ، عيون الحكم والمواعظ : ص ۲۹۷ ح ۵۳۰۴ .

4.عَزَفَت نفسي عن الدنيا: أي عافتها وكرهتها (النهاية : ج ۳ ص ۲۳۰ «عزف»).

  • نام منبع :
    الجنّة والنّار في الکتاب والسّنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد الرّي‌شهري؛ السّيّد رسول الموسوي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11159
صفحه از 904
پرینت  ارسال به