نَفسُكَ عَن بَدائِعِ ما أُخرِجَ إِلَى الدُّنيا مِن شَهَواتِها وَلَذَّاتِها ، وَزَخارِفِ مَناظِرِها ، وَلَذَهِلَت بِالفِكرِ فِي اصطِفاقِ أَشجارٍ غُيِّبَت عُرُوقُها فِي كُثبانِ المِسكِ عَلى سَواحِلِ أَنهارِها ، وَفِي تَعلِيقِ كَبائِسِ اللُّؤلُؤِ الرَّطبِ فِي عَسالِيجِها ۱ وَأَفنانِها ، وَطُلُوعِ تِلكَ الثِّمارِ مُختَلِفَةً فِي غُلُفِ أَكمامِها ۲ ، تُجنى مِن غَيرِ تَكَلُّفٍ فَتَأتِي عَلى مُنيَةِ مُجتَنِيها، وَيُطافُ عَلى نُزّالِها فِي أَفنِيَةِ قُصُورِها بِالأَعسالِ المُصَفَّقَةِ ، وَالخُمُورِ المُرَوَّقَةِ .
قَومٌ لَم تَزَلِ الكَرامَةُ تَتَمادى بِهِم حَتّى حَلُّوا دارَ القَرارِ ، وَأَمِنُوا نُقلَةَ الأَسفارِ ، فَلَو شَغَلتَ قَلبَكَ أَيُّها المُستَمِعُ بِالوُصُولِ إِلى ما يَهجُمُ عَلَيكَ مِن تِلكَ المَناظِرِ المُونِقَةِ ۳ ، لَزَهَقَت نَفسُكَ شَوقا إِلَيها ، وَلَتَحَمَّلتَ مِن مَجلِسِي هَذا إِلى مُجاوَرَةِ أَهلِ القُبُورِ استِعجالاً بِها ، جَعَلَنا اللّهُ وَإِيّاكُم مِمَّن سَعى بِقَلبِهِ إِلى مَنازِلِ الأَبرارِ بِرَحمَتِهِ! ۴
۳۷۱. عنه عليه السلام : سُبحانَكَ خالِقا وَمَعبُودا بِحُسنِ بَلائِكَ عِندَ خَلقِكَ . خَلَقتَ دارا وَجَعَلتَ فِيها مَأدُبةً : مَشرَبا وَمَطعَما وَأَزواجا وَخَدَما وَقُصُورا وَأَنهارا وَزُرُوعا وَثِمارا. ثُمَّ أَرسَلتَ داعِيا يَدعُو إِلَيها . فَلا الدّاعِيَ أَجابُوا ، وَلا فِيما رَغَّبتَ رَغِبُوا ، وَلا إِلى ما شَوَّقتَ إِلَيهِ اشتاقُوا . ۵
۳۷۲. عنه عليه السلام ـ فِي صِفَةِ المُتَّقِينَ ـ : لَولا الأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللّهُ عَلَيهِم لَم تَستَقِرَّ أَرواحُهُم فِي أَجسادِهِم طَرفَةَ عَينٍ ، شَوقا إِلَى الثَّوابِ ، وَخَوفا مِنَ العِقابِ . ۶
1.عساليجها : أغصانها (النهاية : ج ۳ ص ۲۳۸ «عسلج»).
2.أكْمام : جمع كِمْ وهو غلاف الثمر والحبّ قبل أن يظهر (النهاية : ج ۴ ص ۲۰۰ «كمم») .
3.الأَنَقَ : حُسْن المنظر وإعجابه إيّاك (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۱۰ «أنق»).
4.نهج البلاغة : الخطبة ۱۶۵ ، تنبيه الخواطر : ج ۱ ص ۶۸ وليس فيه ذيله من «فلو شغلت قلبك ...» ، بحار الأنوار : ج ۸ ص ۱۶۲ ح ۱۰۴.
5.نهج البلاغة : الخطبة ۱۰۹.
6.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۳ ، صفات الشيعة : ص ۹۷ ح ۳۵ ، الأمالي للصدوق : ص ۶۶۷ ح ۸۹۷ كلاهما عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي عن الإمام الصادق عن أبيه عن الإمام علي عليهم السلام ، التمحيص : ص ۷۱ ح ۱۷۰ ، روضة الواعظين : ص ۴۸۰ ، بحار الأنوار : ج ۶۷ ص ۳۱۵ ح ۵۰ .