مقدّمة التحقيق
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمدللّه الذي علا في توحّده، ودنا في تفرّده، وجلّ في سلطانه، وعظم في أركانه، وأحاط بكلّ شيءٍ علما وهو في مكانه ، وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه ، مجيدا لم يزل، ومحمودا لا يزال ، وصلّى اللّه على الدليل إليه في الليل الأليل ، والهادي إلى خير السبيل ، وعلى آله الأولياء وأصحابه الأصفياء ، عرفان الجميل ، وتذكار الدليل .
كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يخاطب الناس على اختلاف شعوبهم وقبائلهم وتباين بطونهم وأفخاذهم وفصائلهم ، يخاطب كلّاً منهم بما يفهمون ، وهو طبيب دوارٌ بطبّه ، قد أحكم مَراهِمة وأحمى مَواسِمَه ، يَضَعُ ذلك حيث الحاجةُ إليه ، من قلوبٍ عُمْيٍ ، وآذانٍ صُمٍّ ، وألسنةٍ بُكم ، مُتَتَبِّعٌ بِدَوائِه مواضِعَ الغفلَةِ ومواطِنَ الحيرة ، لم يستضيئوا بأضواء الحكمة ، ولم يَقدَحوا بزنادِ العُلومِ الثَّاقِبَة ، فَهُم في ذلك كالأنعام السَّائمةِ ، والصُّخور القاسية . ۱
وهو أفصح الناس لسانا ، وأوجزهم كلاما ، و أجزلهم ألفاظا ، وفصاحته صلى الله عليه و آله لا تحتاج إلى بيان ، وما نقل عنه من الخطب وجوامع الكلم لا يقدر على إتيان واحدة