509
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

والرواية الاُولى أصحّ وربّ بأن يكون في بابه أحسن ؛ أي : قلّما يكون مبلِّغ شيء من العلوم والحكم وغيرهما أحفظ من سامعٍ ؛ فإنّ كثيراً من الناس إذا سمعوا ذلك فيهم من يضبط ذلك ويعيه . ۱
ثمّ قال : ويقلّ أن يكون إنسان يحمل شيئاً من الشرعيّات إلى من هو أفقه ، أو يحمل شيئاً من الحِكَم المستخرجة باستعمال العقل إلى من هو أحفظ لها منه . وهذا وإن [كان] أقلّ ، فقد يكون يُقال : وعيت العلم ؛ أي حفظته ، قال تعالى : « أُذُنٌ وَ عِيَةٌ » ۲ ، وأنفعه العلم السمعي ، والحكمة من السمعيات والعقليات معاً .
ثمّ استفتح كلامه ب«ألا» تنبيهاً وللوعظ البليغ فقال : ألا قد يكون نفوس في الآخرة رهائن جوعٍ وعُرى ، وقد كانت في دار الدُّنيا في نعمة و نعمة ؛ لاختيارها الدُّنيا على الآخرة ، وقد يكون على عكس ذلك ؛ فإنّ المؤمن إذا كان جائعاً عارياً في دنياه وصبر على ذلك احتساباً ، كان ذلك سبب أن يكون في الآخرة طاعماً ناعماً ، وهذا ليس على العموم ، بل هو على الخصوص ؛ لأنّه قد يكون من المؤمنين يجمع خير الدُّنيا والآخرة .
ثمّ نبّه على أنّ مَن أكرم نفسه على مذهب النخوة والكبر واستخدام الناس عزّةً وقهراً ، فذلك عند الحقيقة إهانة منه لنفسه ، وعلى ضدّ ذلك مَن ذلّل نفسه في العبادة للّه ، وتواضَعَ للمؤمنين ۳ تعظيماً للّه ، فهذا هو الإعزاز والإكرام منه لنفسه ، فافعلوا هذا ، واجتنبوا من ذلك ؛ لتكرَموا في الدارين .
ثمّ حذّر مِن تتبّع الشهوات فقال : إذا دعاك الشهوة إلى شيء فانظر ؛ فإن كان في مباح فاقتصد ، وإن كان المشتهى محرّماً تَناولُه فإيّاك أن تقربه ؛ فقد يكون شهوة ساعة تورث الإنسان حزناً يطول ثباته .
وقيل في سبب هذا الحديث : إنّه أصاب النبيَّ عليه السلام جوع ، فوضع الحَجَر على بطنه ، فقال : «ألا رُبَّ نفسٍ طاعمة ...» إلى آخره .

1.في المخطوطة : «نعيه» ، والظاهر أنّه تصحيف .

2.الحاقة (۶۹) : ۱۲ .

3.في المخطوطة : «المؤمنين» ، والظاهر أنّه تصحيف من الكاتب .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
508

۸۶۷.أَلَا رُبَّ مُهِينٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُكْرِمٌ . أَلَا رُبَّ شَهْوَةِ سَاعَةٍ أَوْرَثَتْ حُزْناً طَوِيلاً . ۱

۸۶۸.رُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَا السَّهَرُ . ۲ رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ . ۳

۸۶۹.رُبَّ طَاعِمٍ شَاكِرٍ أَعْظَمُ أَجْراً مِنْ صَائِمٍ صَابِرٍ . ۴

«رُبَّ» للتقليل ، وكم للتكثير . هذا هو الأصل ، ثمّ يتداخلان ، يقول أوّلاً : كم واعظٍ نفع لنفسه بما يقول من المستمعين ، وأحفظ لوعظه من السامعين ، فينتفع هو بذلك ، ويصير حجّةً على من يسمع .
ومن روى «ربّ مبلَّغ» بفتح اللام فمعناه : ربّ تلميذ أحفظ من الاُستاذ وأسهل تخريجاً .

1.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۰۸ ، ح ۱۴۲۳ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۴۴۵ ، ح ۲۸۸۷ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۵ ، ص ۸۸۳ ، ح ۴۳۵۰۲ ؛ و ص ۹۳۵ ، ح ۴۳۶۰۵ ؛ الطبقات الكبرى ، ج ۷ ، ص ۴۲۳ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۴ ، ص ۱۲۳ . الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۵۱ ، ح ۱ ؛ تحف العقول ، ص ۲۰۸ (وفيهما عن أميرالمؤمنين عليه السلام ) ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۵۲۳ .

2.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۰۹ ، ح ۱۴۲۴ ـ ۱۴۲۶ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۳۷۳ ؛ سنن الدارمي ، ج ۲ ، ص ۳۰۱ ؛ سنن إبن ماجة ، ج ۱ ، ص ۵۳۹ ، ح ۱۶۹۰ ؛ السنن الكبرى ، ج ۴ ، ص ۲۷۰ . نهج البلاغة ، ج ۴ ، ص ۳۵ ، الخطبة ۱۶۳ ؛ فضائل الأشهر الثلاثة للصدوق ، ص ۱۴۴ ، ح ۱۵۸ ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۱۶۶ ، ح ۲۷۷ .

3.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۰۹ ، ح ۱۴۲۴ ـ ۱۴۲۶ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۳۷۳ ؛ سنن إبن ماجة ، ج ۱ ، ص ۵۳۹ ، ح ۱۶۹۰ ؛ السنن الكبرى ، ج ۴ ، ص ۲۷۰ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۴۳۱ . وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۷۲ ، ح ۱۶۲ ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۱۶۶ ، ح ۲۷۷ ؛ بحارالأنوار ، ج ۸۴ ، ص ۲۰۷ ، ح ۱۷ . (فيه عن المجالس للمفيد) .

4.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۱۰ ، ح ۱۴۲۷ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۸ ، ح ۴۴۰۳ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۲۵۵ ، ح ۶۴۲۰ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    قطب الدین ابی الحسین سعید بن هبة الله راوندی، تحقيق: مهدی سليمانی آشتيانی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5311
صفحه از 627
پرینت  ارسال به