ثمّ رغّب في الاعتزال عن الخلق والاشتغال بطاعة اللّه في البيت ، ولا حاجة للمسلمين إلى الصوامع . والقرآن أصدق كلّ كلامٍ ؛ لأنّه كلام اللّه الذي يخبر عن كلّ شيء كما هو ؛ فإنّه العالِم بتفصيل الأشياء ، وكلمة التقوى شهادة أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّداً رسوله ، وهذا حبلٌ وثيقٌ مَنْ تمسّك به نجا .
ثمّ قال : أحسن الطريقة طريقة الأنبياء ؛ لأنّها محمودة تهتدي بها الخلائق ، ولا موت كقتل الشهيد ؛ لأنّ اللّه يُكرمه بالإحياء بعد ذلك قبل يوم القيامة ، فالشهداء أحياء مرزوقون فرحون بما آتاهم اللّه .
وكان عليه السلام يستعمل الطيب حتّى قال : أطيبها المسك . ومعنى [أطيب] أنّه أزكى رائحةً . وقيل : معنى «أطيب» أظهر . ولا حلاوة للأغذية والأطعمة إلّا بالملح ، فكذلك جعله سيّدها وقال عليه السلام : «عليكم بالملح ؛ فإنّه دواء من اثنين وسبعين داءً» . ۱
ثمّ رغّب في أدعية الغرباء النُزّاع من أوطانهم باستمالة قلوبهم ، وقال عليه السلام : «اغتنموا دعاء الغريب ؛ فإنّ للغريب عند اللّه حرمةً» ۲ ، وهو ترغيب للغريب أيضاً في الدعاء ؛ فإنّ دعاءه أرجى للإجابة .
ثمّ نبّه على حال قلب ابن آدم ؛ فإنّه أسرع نقله من حالٍ إلى حال من القِدر حال غليانها ، وإنّ صلاح [البدن] في صلاحه وفساد البدن في فساده ؛ فإنّه رئيس الكلّ ، فعليكم على تثبيته على الطاعات . و«استجمع» يكون لازماً كقولهم : سيل مستجمع ؛ أي مجتمع ، ويكون متعدّياً كما في الخبر . و«غلياً» تمييز يدلّ على المفعول ، كأنّه قال : استجمعتْ جميع أنواع الغلي . يجوز أن يكون غلياً مصدراً في موضع الحال، أي غاليةً .
ثمّ استحمد الذين يستعملون الخلال بعد أكل الطعام ؛ فإنّه سنّة ، وقال عليه السلام : «من استعمل الخشبتين لا يحتاج إلى القلع» ۳ ، أراد الخلال والسواك .