453
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

الراوي : فلقد رأيتها تضرب في اُصولها بالفؤوس ، وأنّها لنخل عَمٌّ، أي تامّة طويلة . ۱
ثمّ قال : ليس التصنّع بما ليس في الضمير من خُلق المؤمنين، ورخصته في تمامه: «إلّا في طلب العلم» ؛ يجوز له أن يتكلّف للعالم الذي يرشده ، وفي هذا الاستثناء إشارة إلى تعظيم العلماء .
و«المستعتب» : المسترضى ، يُقال : استعتبته ۲ واسترضيته ؛ أي : طلبتُ رضاه ؛ قال تعالى : « وَ إِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ » ۳ أي المرضيّين ، يُقال : عتَبَ أي غضبَ ، وأعتبته أي أزلتُ غضبه ؛ مثل : شكى وأشكيته .
وأصل الكلمة في الخبر من العُتبى وهو الرجوع ، يُقال : أعتِب في أيّامك التي أنت فيها ، وتُب إلى اللّه الآن وأنت حيّ ؛ فإنّه لا ينفع التوبة بعد الموت ، ولا تقبل التوبة بعده .
وقوله : «ليس منّا من يُشبّه بغيرنا» ، وتمامه : «كي لا تشبَّهوا باليهود والنصارى ؛ فإنّ تسليم اليهود بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالكفّ» ؛ أي : ليس من تزيّا بزيّ الكفّار في المطعم والمأكل والمشرب من جملتنا وممّن هو على سنّتنا وأدبنا . وقيل : هو نهي عن التسليم بالإشارة دون القول كاليهود والنصارى .
ثمّ قال : ليس على طريقتنا من وسَّع النعمةَ عليه ربُّه وكثَّر رزقه ثمّ ضيّق هو النفقة على من يعوله من الأهل والأولاد .
ومعنى الخبر الآخر ؛ قيل : أراد من لم يُرجّع في القرآن صوته ولم يُحسِّنهُ فإنّه ليس منّا ؛ أي : مَن لا يُحسن الصوت فيه بأن يقرأ حزيناً على وجهٍ يَعلم مَن سمعه أنّه يخشى اللّه . وقيل : المراد : ما لم يتلذّذ بالقرآن ولم يستعذب قراءته كاستحلاء أصحاب الطرب غناءً، فإنّه ليس منّا .

1.راجع: المدوّنة الكبرى، ج ۵، ص ۴۳۶؛ المغني لابن قدامة، ج ۵، ص ۳۷۹؛ الشرح الكبير، ج ۵، ص ۳۸۷؛ الفائق في غريب الحديث، ص ۳۴۶ .

2.في المخطوطة: «استعتبه» .

3.فصّلت (۴۱) : ۲۴ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
452

يحصل بالخبر المتواتر كالعلم بالبلدان ؛ فإنّه دون العلم الذي يكون من طريق المشاهدة والرؤية ، ولا يكون ذلك بمنزلة هذا ؛ لأنّه يكون علم جملةٍ وهذا علم تفصيلٍ ، ولهذا قال تعالى حاكياً عن إبراهيم : « وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى » ۱ أي بيقين الرؤية ؛ على بعض التأويلات . على أنّ الخبر ممّا يحتمل الصدق والكذب ، والمعاينة لا يدخلها الاحتمال ؛ فهو قطعيٌّ ، والخبر تجويزي .
وفي رواية اُخرى : «ليس المخبّر كالمعاين ؛ فإنّ موسى اُخبر أنّ قومه قد ضلّوا من بعده ، فلم يُلْقِ الألواح ؛ فلمّا رأى ما أحدثوا ألقى الألواح» ۲ ، و«الفاسق» : هو من يرتكب القبائح جهاراً نهاراً ، ولا يُبالي بمن يراه سكران وزانياً وسارقاً وظالماً ونحو ذلك ، فهذا الذي ألقى جلباب الحياء عن نفسه ، وهتك ستره ، ليس له غيبة ، فإن كان مذنباً ويستر ذنبه فيحرم غيبته . و«الغيبة» : ذكر الغائب بما فيه من عيب من غير حاجة إلى ذكره ، وإنّما جاءت الرخصة في غيبة مَن يشرب الخمر ظاهراً ومَن يَظلم الناس علانيةً ومثلهما ؛ لأنّه ربما سمع لوم الخلق له وحدى ۳ ذكره بالسوء فيما بين الناس يرتدع ويتقاصر عن سوء فعله .
ثمّ قال : «ليس لعِرق ظالم حقّ» ؛ هو الرجل الذي يغرس في أرض غيره على سبيل الغصب ، فذلك الشجر وإن طال وأثمر فقد يجوز أن يَقلعه صاحب الأرض ويرمي به . هذا إذا روي بالإضافة .
وروى : «لعرقٍ» بالتنوين على أن يكون «ظالم» صفة عرق ؛ لأنّه نبتَ في غير موضعه ، فعلى هذا جعل العرق ظالماً لما كان يحصل به الظلم ، والمعنيّ به هو الذي يأخذ ما ليس له ، والتقدير : ليس لذي عرق ظالم حقّ .
وبيانه في الحديث : أنّ رجلاً غرس في أرض رجلٍ من الأنصار نخلاً ، فاختصما إلى رسول اللّه ، فقضى للأنصاري بأرضه ، وقضى على الآخر أن ينزع نخله . قال

1.البقرة (۲) : ۲۶۰ .

2.تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، ص ۹۲؛ تاريخ بغداد، ج ۳، ص ۴۱۸؛ غريب الحديث، ج ۱، ص ۲۶۰ .

3.قرأ، ويحتمل أن يكون: «حدا» ويراد به إرتفاع الأصوات بذكره السيّء.

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    قطب الدین ابی الحسین سعید بن هبة الله راوندی، تحقيق: مهدی سليمانی آشتيانی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5322
صفحه از 627
پرینت  ارسال به