۵۸۹.لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتّى يَقِلَّ الرِّجَالُ وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ . ۱
حثَّ أوّلاً على مراعاة حال الجار والتفحّص عن باطن اُموره ، ومعناه : لا يجوز أن يصير المؤمن شبعان ويكون جاره جائعاً ، ومن كان مؤمناً لا يفعل هذا .
وإنّما لا يشبع العالم من علمٍ إلّا أن يموت؛ لأنّ العلم لا يكون إلّا حَسَناً ، والمؤمن لا يخلو من فعل الحسن ، والعلم من أحسن الحسن .
وروي مرفوعاً : «العالم لا يشبع من الأثر كالأرض من المطر ، والاُنثى من الذكر ، والعين من النظر» . ۲
ثمّ ذكر أحوال آخر الزمان وظهور أشراطه ؛ بأنّ الأمر في تلك الحالة يكون كلّ يومٍ أشدّ ممّا كان قبله ، ولا يرجى الإقبال من الدُّنيا ، ولا يزيد الدُّنيا إلّا إدباراً عن أهلها في ذلك الزمان ، ولا يزيد الناس إلّا بُخلاً بما في أيديهم وبما في أيدي الناس أيضاً . في ذلك الوقت هذه الثلاثة من أمارات آخر الزمان وأمارة قيام الساعة وهي القيامة : أن لا يكون الناس إلّا شراراً ، والحال أن لا يكون بين الخلائق هادٍ ولا مهديٌّ إلّا عيسى بن مريم ، وهذا تنبيه على ما هو مركوز في العقول ويقتضيه الأدلّة العقلية ؛ وهو أنّه مهما كان التكليف للخلق والعصمة مرتفعة منهم يجب أن يكون لهم رئيس معصوم مهديّ لكونه لطفاً ، فالخلق مع وجوده أقرب إلى الصلاح وأبعدُ من الفساد ، ومع فقده الأمرُ بالضدّ ، واللطف واجب في التكليف كالتمكين ، واللّه لا يخلّ ۳ بالواجب ، فإذا لم يكن بين الخلائق معصوم في وقتٍ فذلك الوقت زوال
1.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۷۲ ، ح ۹۰۴ ؛ صحيح البخاري ، ج ۶ ، ص ۱۵۸ ؛ فتح الباري ، ج ۹ ، ص ۲۸۸ ؛ عمدة القاري ، ج ۲۰ ، ص ۲۱۲ ؛ تعليق التعليق ، ج ۴ ، ص ۴۳۳ ؛ تفسير إبن كثير ، ج ۳ ، ص ۵۵۳ ؛ الدرّ المنثور ، ج ۵ ، ص ۲۴۲ (مع الاختلاف في الجميع غير الأوّل) .
2.المحاسن ، ج ۱ ، ص ۹ ، ح ۲۴ ؛ الخصال ، ص ۲۲۱ ، ح ۴۷ ؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲ ، ص ۲۲۲ ؛ بحارالأنوار ، ج ۱ ، ص ۲۲۱ (كلّها عن أبي عبداللّه عليه السلام هكذا : أربعة لا يشبعن من أربعة : الأرض من المطر ... والعالم من العلم) .
3.في المخطوطة : «يحل» بدون أيّة نقطة ، والصحيح ما أثبتناه .