383
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

ثمّ قال : لا يدخل ۱ الجنّة التي هي أشرف الجنان وأعلاها النمّام ، يسمع حديث قوم فيجيء إلى آخرين وينقله إليهم ليقع بينهم شرّ ، وإلّا فالنمّام إذا كان مؤمناً يدخل الجنّة بثواب إيمانه وإن لم يعف اللّه عنه وعاقبه [على] ۲ ذلك .
وقيل : يحمل معنى الحديث على تغليظ العقوبة لصاحبه بسوء فعله ، وهو إن لم يعف اللّه عنه يستحقّ لِعظيم حرمة أن لا يدخل الجنّة .
وبيان الخبر الذي بعده في تمامه وهو أنّه قيل : يا رسول اللّه ، وما بوائقه؟ قال : «شرّه» .
و«البوائق» : جمع بائقة وهي الغائلة ؛ أي : كلّ من لم يَأمن أحدٌ من جيرانه غوائلَه وشروره فليس هو بأهلٍ لدخول الجنّة .
ثمّ حثَّ على حفاظ قلب المؤمن ودفع الأذى عنه على حسب الإمكان ، والعدول عن إيصال المشقّة بقلبه ونفسه ؛ لمكان كرامته وقُرب منزلته من اللّه ، وتمام الخبر : «فإنّ روعة المؤمن عند اللّه عظيم» . ۳
ثمّ ذكر أنّ الهجران بين الأخوَين المسلمَين فوق ثلاثة أيّام لا يحلّ .
وقيل : «الهجر» بمعنى الترك ، فتركُه هاهنا أن لا يحدَّث معه ولا يسلَّم عليه ، [والترك] بهذا [المعنى] لا يجوز في حقوق الإسلام ولا في آداب نبيّنا عليه السلام .
وقال بعده : «السابق يسبق إلى الجنّة» ؛ أي : السابق إلى الصلح بعد الانصرام . ۴
ثمّ قال أخيراً : إنّ الصدقة لا تحلّ لمن له غناء وغنىً ، ولمن يجد قوّةً يقدر بها على الكسب ، و«المِرّة» : القوّة . ورجل سويّ الخلق ؛ أي : مستوٍ لا آفة ولا عاهة به ، بل هو صحيح الأعضاء .

1.في المخطوطة : «لا يدخلوا» ، والظاهر أنّه تصحيف .

2.اُضيف لاقتضاء السياق.

3.راجع: مجمع الزوائد، ج ۶، ص ۲۵۳؛ الجامع الصغير، ج ۲، ص ۷۳۳، ح ۹۷۶۹.

4.كذا في المخطوطة ، وانصرم الأمر والشيء إذا انقطع فذهب . وانصرم الليل وتصرَّم : ذَهَبَ . «العين ، ج ۷ ، ص ۱۲۱ (صرم)» .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
382

أفعال المطاوعة ، يقول : بغيتهُ فانبغى» ۱ .
ثمّ قال : لا يكون ذو الوجهين ـ وهو صاحب الكلامين واللسانين مع الناس على وجه الخديعة والخيانة ـ أميناً عند اللّه وعند خلقه .
وقيل : لا ينبغي أن يظنّ باللّه أن يجعله أميناً مع سوء فعله ومعاملته .
و«الملَقُ» : اللطف الشديد ؛ يعني : لا يجوز التصنّع والتكلّف وطلب استمالة القلب دون أن يكون بذلك مراداً وتوجَّهَ عليه وجوبٌ أو وَرَدَ به استحباب إلّا للإمام الحقّ والأبوين ؛ فإنّ حقوقهم عظيمة .
ثمّ قال : لا يكون اصطناع الخير والمعروف صالحاً إلّا بالحسيب والمتديِّن ؛ فإنّ من لم يكن له أفعالٌ حميدة وصنائع جميلة يَضيع الإحسان إليه ، بل يتولّد منه العداوة ؛ لدناءته ولقلّة دينه . و«الصنيعة» : المعروف تصطنعه ۲ إلى غيرك مع التحرّي ۳ ، و«الحَسب» : ما يدخل الحساب إذا عدّ المآثر ، وشبّه ذلك بالرياضة التي تنفع بالبعير الذي له نجابة وتضرّ بما سواه .
وقيل : أصل عداوة اللئام تلقّيهم بالإكرام والإنعام .
ثمّ بيّن أنّ طاعة الخلق في المعروف لا في المنكر ؛ وسببه أنّ أنصاريّاً بعثه النبيّ عليه السلام أميراً على سريّة ، فوجد ۴ عليهم يوماً فقال لهم : أ و ليس رسول اللّه [أمركم ]أن تطيعوني؟ قالوا : بلى . فقال : عزمتُ أن تدخلوا هذه النار التي أضرمتها ! فقال شابٌّ منهم : حتّى يأتي رسول اللّه ! فأتوه فذكروا له ذلك ۵ ، فقال لهم ذلك ؛ أي : لا تسخطوا خالقكم في رضاء المخلوقين .

1.اُنظر : لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۷۷ (بغي) .

2.في المخطوطة : «يصطنعه» .

3.التحرّي : قصد الأولى والأحق ، مأخوذ من الحَرَى وهو الخليق ، والتوخّي مثله . والتحرّي : القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول ، ومنه الحديث : لا تَتَحَرَّوْا بالصلاة طلوع الشمس وغروبها . «لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۱۷۳ (حري)» .

4.وَجَدَ: غضب. القاموس المحيط، ج ۱، ص ۴۶۷ (وجد).

5.راجع: دعائم الإسلام، ج ۱، ص ۳۵۰؛ مستدرك الوسائل، ج ۱۳، ص ۱۴۲، ح ۱۵۰۱۷؛ مسند أحمد، ج ۱، ص ۸۲؛ صحيح البخاري، ج ۵، ص ۱۰۷؛ مجمع الزوائد، ج ۲، ص ۶۷.

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    قطب الدین ابی الحسین سعید بن هبة الله راوندی، تحقيق: مهدی سليمانی آشتيانی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6057
صفحه از 627
پرینت  ارسال به