ثمّ قال : لا يدخل ۱ الجنّة التي هي أشرف الجنان وأعلاها النمّام ، يسمع حديث قوم فيجيء إلى آخرين وينقله إليهم ليقع بينهم شرّ ، وإلّا فالنمّام إذا كان مؤمناً يدخل الجنّة بثواب إيمانه وإن لم يعف اللّه عنه وعاقبه [على] ۲ ذلك .
وقيل : يحمل معنى الحديث على تغليظ العقوبة لصاحبه بسوء فعله ، وهو إن لم يعف اللّه عنه يستحقّ لِعظيم حرمة أن لا يدخل الجنّة .
وبيان الخبر الذي بعده في تمامه وهو أنّه قيل : يا رسول اللّه ، وما بوائقه؟ قال : «شرّه» .
و«البوائق» : جمع بائقة وهي الغائلة ؛ أي : كلّ من لم يَأمن أحدٌ من جيرانه غوائلَه وشروره فليس هو بأهلٍ لدخول الجنّة .
ثمّ حثَّ على حفاظ قلب المؤمن ودفع الأذى عنه على حسب الإمكان ، والعدول عن إيصال المشقّة بقلبه ونفسه ؛ لمكان كرامته وقُرب منزلته من اللّه ، وتمام الخبر : «فإنّ روعة المؤمن عند اللّه عظيم» . ۳
ثمّ ذكر أنّ الهجران بين الأخوَين المسلمَين فوق ثلاثة أيّام لا يحلّ .
وقيل : «الهجر» بمعنى الترك ، فتركُه هاهنا أن لا يحدَّث معه ولا يسلَّم عليه ، [والترك] بهذا [المعنى] لا يجوز في حقوق الإسلام ولا في آداب نبيّنا عليه السلام .
وقال بعده : «السابق يسبق إلى الجنّة» ؛ أي : السابق إلى الصلح بعد الانصرام . ۴
ثمّ قال أخيراً : إنّ الصدقة لا تحلّ لمن له غناء وغنىً ، ولمن يجد قوّةً يقدر بها على الكسب ، و«المِرّة» : القوّة . ورجل سويّ الخلق ؛ أي : مستوٍ لا آفة ولا عاهة به ، بل هو صحيح الأعضاء .
1.في المخطوطة : «لا يدخلوا» ، والظاهر أنّه تصحيف .
2.اُضيف لاقتضاء السياق.
3.راجع: مجمع الزوائد، ج ۶، ص ۲۵۳؛ الجامع الصغير، ج ۲، ص ۷۳۳، ح ۹۷۶۹.
4.كذا في المخطوطة ، وانصرم الأمر والشيء إذا انقطع فذهب . وانصرم الليل وتصرَّم : ذَهَبَ . «العين ، ج ۷ ، ص ۱۲۱ (صرم)» .