379
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

والإيمان . وفيه خُبْأَة ۱ ولطيفة ، وهو أنّ هذا نهيٌ جاء على لفظ النفي ، فيحرم على كلّ مؤمن الفتك على المؤمنين ۲ ، وهو أن يقتلهم ويُغير عليهم ، لا يجوز ذلك على حالٍ .
فأمّا في حال الكفّار فإن كان في حال الأمان فالفتك أيضاً حرام كما يكون مع المؤمن ومن لا يكون في أمان من الكفّار ، فالواجب إذا جاهدهم المؤمنون أن يدعوهم إلى الإسلام ، فإن أبوا حاربوهم ، وإن كانوا قد بلغهم الدعوة وكانوا معاندين فلا ۳ يبيَّتون أيضاً إلّا بإذن الإمام .
و«الفتك» هو ظفر القوم صبحه ۴ بالأعداء .
ثمّ قال : إنّ النساء لا تلين الإمارة والقضاء بين الناس ؛ فإنّ قوماً تملكهم امرأة لا يُفلحون .
وجاء الحديث بسبب بنت كسرى وقصّتها ۵ ، وعموم ذلك أنّ الزوج لا ۶ يجوز له أن يمكِّن زوجته حتّى تملكه وتملك بيته؛ إذ لا فلاح في هذا . ۷
وبيان الخبر الأخير في تمامه و هو أنّهم قالوا : يا رسول اللّه ، فكيف يذلّ نفسه؟ قال : «يتعرّض من البلاء ما لا يطيق» ؛ يعني : إنّه يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر من لا يقبل قوله و لا يلتفت إليه ، بل يكون على خطرٍ يصيبه ؛ لقلّة مبالاته بأن يكون ملكاً جبّاراً أو نحو ذلك .

1.قال الفراء : الخَبْ ءُ ، مهموز ، هو غيب السماوات والأرض ، والخُبْأَةُ والخَبيئة ، جميعا : ما خُبِئَ ، خبأ الشيء يَخبَؤه خَبْأً : سَتَرَه . «لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۶۲ (خبأ)» .

2.كذا في المخطوطة، والمناسب: «بالمؤمنين».

3.في المخطوطة : «ولا» .

4.كذا يقرأ في المخطوطة .

5.بلغه صلى الله عليه و آله أنّ كسرى أو بعض ملوك الأعاجم مات فولّوا أمرهم امرأة فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «لا يفلح قوم تملكهم امرأة». راجع: المستدرك للحاكم، ج ۴، ص ۵۲۴.

6.في المخطوطة: «له»، والسياق يقتضي ما اُثبت.

7.العبارة هكذا في المخطوطة ، وفيه تشويق ظاهر ، ويحتمل فيه السقط .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
378

القاصرون لرضاء ۱ صاحبه ، وكذلك لا وجع أشدّ أثراً وأعظم ضرراً في المرء وحالاته من وجع العين . و«الفاقةُ» هو الفقر المؤلم الذي يوقع صاحبه في الشدائد ؛ يعني : إنّ قارئ كتاب اللّه يغنيه تعالى بفضله ويرزقه ؛ أي : ليس وراءه غنىً .
روي عن أبي ذرّ أنّه قال : «عَلَّمْتُ ابنتي سورة الواقعة معاشها ۲ ، ولا أخاف عليها الفقر بعد ذلك» . ۳
وقوله : «لايَنتطح فيها عَنْزَان» فيه ثلاثة أوجهٍ :
[الأوّل] ۴ أنّ معناه لم يتولّنا بعد اليوم معاند ولا ضدّ في مكّة يكون على الحسنة منهم ويحذر معذرتهم ، وإنّما خصّ العنز بالذِّكر لأنّ نطاحها ليس كنطاح الكبش . وقيل : إنّما ذكر لأنّ العرب تتشأّم به .
والثاني : أنّ الضمير في فيها لمكّة أيضاً ، والمعنى : لا يجب أن ينتطح فيها عنزان لحرمتها ، فيكون حثّاً على محافظة حُرمة مكّة .
والثالث : أن يكون فيها الضمير لامرأة كانت تهجو رسول اللّه وتغنّي بهجائه ، فقتلها مُسلم ، وكان خائفاً من مشركي مكّة أن يقتلوه ، فطيّب عليه السلام قلبه من ذلك وآمنه ، فكان كذلك ؛ يعني : لا يكون لها ناصِرٌ ضعيف قطّ .
وروي : «لا ينتطح فيه عنزان» أن لا يكون له تغييرٌ ولا له نكير .
ثمّ قال : الحذر من الموت والمرض ونحوهما ممّا يكون من قضاء اللّه وقدره لا ينفع ، وإنّما يكون للدُّعاء أثرٌ في ذلك .
ثمّ قال : ليس الفَتْك مِن عمل ۵ من أهل الإيمان ، لأنّ ۶ من ناشره يخرج من الملّة

1.كذا في المخطوطة : والأولى أن يكون : «لإرضاء» .

2.كذا في المخطوطة ، والأنسب : «لمعاشها» .

3.لم نعثر عليه في موضع ولكن ورد هذا لعبد اللّه بن مسعود. راجع: البداية والنهاية، ج ۷، ص ۱۸۳.

4.اضُيف لاقتضاء السياق.

5.في المخطوطة: + «من».

6.في المخطوطة: «لا أنّ»، والمناسب ما اُثبت.

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    قطب الدین ابی الحسین سعید بن هبة الله راوندی، تحقيق: مهدی سليمانی آشتيانی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6138
صفحه از 627
پرینت  ارسال به