371
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

عليه في تلك النعمة للّه تعالى وإن جرت ۱ على يده .
وبيان الخبر الثالث في قولهم عليهم السلام : «إنّ الدُّعاء ينفع من القَدَر ۲ ليَلقى البلاء ، فيعتلجان إلى يوم القيامة» ۳ أي يتصارعان ، وقد بيّن ذلك قوله : « أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ » ۴ .
وزيادة العمر يكون بسبب عمل البرّ والمبرّة ، و«البرّ» : خلاف العقوق ، ولا إنكار على ذلك ؛ فإنّ اللّه يقول : « يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَآءُ وَ يُثْبِتُ » ۵ والمحو والإثبات في نقصان العمر وزيادته بإجماع المفسّرين .
وقوله : لا حليم إلّا ذو عثرة له معنيان :
أحدهما : أنّ الرجل وإن كان حليماً فربما يعثر ويَفعل فعل السفهاء .
والثاني : يعني أنّ المرء لا يصير حليماً حتّى يجرِّب الاُمور ويَعثر فيها ويتمارس الخير والشرّ ، فحينئذٍ يوصف بالحلم والأناة .
ثمّ قال : لا يتأتّى الحكمة في رجلٍ إلّا من كثرة الاختبار منه ، فإذا تدبَّرَ وتأمّل وجرّب صار حكيماً .
ثمّ نهى عن الاكتفاء بالجهل فقال : ليس الفقر هو قلّة المال وعدمه ، بل أشدّ الفقر وأضرّه على صاحبه هو الجهل بالمعارف الواجبة عقلاً و شرعاً .
ثمّ قال : لا مال أنفع لصاحبه في الدُّنيا والآخرة من استعمال العقل في دار التكليف ، ولا وحدة أشدُّ وحشةً ولا أصعب ممّا يكون مع العجب ، وهو إدخال الكبر في النفس واحتقار الخلق ، فإذا تكبّر الإنسان على المؤمنين شَرَهاً و نخوةً شَرَدوا وانفضّوا من حوله فبقي منفرداً في جانب ، فاستوحش من تفرّده . ولا عون على انتظام الاُمور أشدّ وثوقاً وأشدّ رأياً من المشاورة مع ذي رأيٍ ودينٍ . و«المظاهرة» : المعاونة ، ولا استعمال عقل كالنظر في عواقب الاُمور ، و«التدبير» :

1.في المخطوطة: «ولم»، والمناسب ما اُثبت.

2.في جميع المصادر : ـ «ينفع من القدر» .

3.راجع : المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۴۹۲ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۷ ، ص ۲۰۹ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۳ ، ص ۶۶ .

4.النمل (۲۷) : ۶۲ .

5.الرعد (۱۳) : ۳۹ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
370

۵۵۲.لَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ ، وَلَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ ، وَلَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ ، وَلَا مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ ، وَلَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ ، وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ ، وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ عَنْ مَحَارِمِ اللّهِ ، وَلَا عِبادَةَ كَالتَّفَكُّرِ ، وَلَا إِيمَانَ كَالْحَيَاءِ وَالصَّبْرِ . ۱

۵۵۳.لَا يُتْمَ بَعْدَ حُلُمٍ . ۲

يقول أوّلاً : لا ينبغي لأحدٍ إذ انكبَّ مِن وجهٍ أن يعود لمثله ؛ أي : إنّه إذا أصابه ضرر أو مضرّة في أمرٍ من الاُمور في دينه أو دنياه لم يرجع إلى مثله ، وروي : «لا يُلسَع» .
وقيل : هذا كناية عمّا يؤثمه ؛ يعني : إنّ الشرع يمنع المؤمن من الإصرار ، فلا يأتي ما يستوجب به تضاعف العقوبة .
وسبب الخبر أنّ أبا غرّة الشاعر أسَرَه رسول اللّه يوم بدر ، ثمّ منَّ عليه ، وأتاه يوم اُحد فأسره ، فقال عليّ عليه السلام هذا القول ۳ ؛ أي : لو كنتَ مؤمناً لم تُعاود لقتالنا . وقيل : ليس لرجلٍ لُدغ من جُحرٍ مرّتين عذر .
ومعنى الخبر الثاني : أنّ اللّه أمر بشكر النعمة فقال : « اشْكُرْ لِى وَ لِوَ لِدَيْكَ » ۴ ، وشكر المُنعم من قضايا العقول ، فمن لم يشكر الناس في نعمهم إليه فقد ترك أمر اللّه في القليل ، فكيف في الكثير ، ومَن ترك أمر اللّه فما شكره .
وقيل : من تناسى نعمة آدمي ولم يشكره عليها فلم يشكر اللّه ؛ لأنّ الشكر وجب

1.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۸ و ۳۹ ، ح ۸۳۶ ـ ۸۳۸ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۱۰ ، ص ۲۸۳ ؛ العجم الكبير ، ج ۳ ، ص ۶۹ ، ح ۲۶۸۸ ؛ تخريج الأحاديث والآثار ، ج ۱ ، ص ۲۶۳ . الكافي ، ج ۱ ، ص ۲۵ ، ح ۲۵ (وفيه إلى قوله: «من العقل») ؛ المحاسن ، ج ۱ ، ص ۱۷ ، ح ۴۷ ؛ التوحيد ، ص ۳۷۶ ، ح ۲۰ ؛ تحف العقول ، ص ۶ (وفي الكلِّ مع إختلافٍ يسير) .

2.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۹ ، ح ۸۳۹ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۴ ، ص ۲۲۶ ؛ المصنّف ، ج ۷ ، ص ۴۶۴ ، ح ۱۳۸۹۹ ؛ و ج ۸ ، ص ۴۶۵ ، ح ۱۵۹۱۹ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۶ ، ص ۳۳۷ ؛ و ج ۷ ، ص ۲۲۲ ؛ المعجم الصغير ، ج ۲ ، ص ۶۸ . النوادر للراوندي ، ص ۲۲۳ .

3.راجع : شرح مسلم ، ج ۱۸ ، ص ۱۲۵ ؛ عون المعبود ، ج ۱۳ ، ص ۱۴۵ .

4.لقمان (۳۱) : ۱۴ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    قطب الدین ابی الحسین سعید بن هبة الله راوندی، تحقيق: مهدی سليمانی آشتيانی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6172
صفحه از 627
پرینت  ارسال به