239
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

إنّ السريّ هو السريّ بنفسه[و] ابن السريّ إذا سرى أسراهما
والخبر الثاني له معنيان :
أحدهما : أنّه التحذير مِن طلب القضاء ، يقول : مَن تعرّض للقضاء وطلب فقد تصدّى الذبح، فمِن حقّه أن يَتوقّى ويتحذّر عن طلبه .
والثاني : أن يكون الخبر في حقّ من دعاه رسول اللّه إلى ذلك ؛ فإنّه يجب عليه القيام به ، وينبغي له أن يجاهِد نفسه أكثر المجاهدة التي كانت قبل ذلك ، فكأنّ الذبح بغير سكّينٍ عبارة عن مجاهدة النفس بترك الهوى واحتمال أعباء القضاء ، وليس ذلك بكَراهية القضاء على هذا الوجه .
وروي أنّه عليه السلام كان يحمل سلعته ، فأَمَرَ اُمّته بذلك أيضاً ؛ احترازاً من الكبر والنخوة ۱ ، وهذا حثّ على التواضع واستعماله سرّاً وجهراً ، ودعا إلى انكسار النفس على الحقيقة والأخذ بآداب المشايخ .
ثمّ نهى عن تحريم المباحات مثل أكل اللحوم ، والنوم على الوَثير ۲ من الثياب ، والتوضي بماء المسخّن في السبرات ۳ ، وأن لا تُقبَل رُخَصُ الشرع بأن يشدّد على نفسه ويكابدها فوق طاقتها ؛ إذ لا يأمن أن يغلبه أداء المفروضات ولا يطيقها . يقول : مَنْ يشدِّد على نفسه في هذا الدِّين يغلبه الدِّين على الكلّ .
وروي أيضاً عنه عليه السلام : «من لم يؤمن بشفاعتي ، فلا أناله اللّه شفاعتي» ۴ ؛ يريد أنّ الكاذب بالشفاعة يدخل في إنكار المعجزة الدالّة على النبوّة ، والمُنكِر لنبوّتي يُحرَم من شفاعتي يوم القيامة .

1.راجع : سنن النسائي ، ج ۷ ، ص ۲۴۵ ؛ السنن الكبرى ، ج ۵ ، ص ۲۷۴ .

2.كلّ شيء جلست عليه أو نمت عليه فوجدته وطيئا ، فهو وَثير . «لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۲۷۸ (وثر)» .

3.في المخطوطة : «السرات» . والسَّبَرات جمع سَبْرَة ، وهي الغداة الباردة ، بسكون الباء ، وقيل : هي ما بين السحر إلى الصباح ، وقيل : ما بين قدوة إلى طلوع الشمس . «لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۳۴۱ (سبر) » .

4.الاعتقادات للصدوق ، ص ۶۶ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۱۶ ، ح ۴ ؛ عيون الأخبار ، ج ۱ ، ص ۱۳۶ ، ح ۳۵ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
238

۲۹۳.مَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَةِ لَمْ يَنَلْهَا يَوْمَ القِيَامَةِ . ۱

۲۹۴.مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ . ۲

۲۹۵.مَنْ صَامَ الأَبَدَ فَلَا صَامَ . ۳

وفي الخبر الأوّل استعارة ؛ والمراد أنّ من تأخّر بسوء عمله عن مواقف الفضل لم يتقدّم إليها بشرف نسبه ۴ ، فَجَعَلَ الإبطاء والإسراع مكان التأخّر والتقدّم ؛ لأنّ المبطئ متأخّر والمُسرع متقدّم ، وأضافهما إلى العمل والنسب ، وهما في الحقيقة لصاحبهما لا لهما ، ولكنّ العمل والنسب لمّا كانا سبب الإبطاء والإسراع حَسُنَ أن يضاف ذلك إليهما مجازاً ، وهذا نهي عن المباهاة بالأنساب والاكتفاء بالأحساب والافتخار بالآباء على من دونهم في الدرجات الدُّنياويّة .
يقول : إنّ ذلك لا ينفع بالقيامة مع عدم العمل الصالح ، والأحسن أن يكون معناه على العموم ، ويجب [على] من كان له أبٌ فاضل أن يُحصِّل هو ۵ أيضاً العلم لينفعه فضله وفضل أبيه في الدارين ، فإن لم يكن لابن العالم علمٌ لا ينفعه ۶ منزلة أبيه ، فمن أبطأ عند المفاخرة به عملٌ جميل لم يُسرع بجاهه نسبٌ جليل .


1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۴۸ ، ح ۳۹۹ ؛ شمس الأخبار للقرشي ، ج ۲ ، ص ۳۸۸ (نقل فيه عن مسند الشهاب) ، ميزان الاعتدال ، ج ۲ ، ص ۲۱۷ ؛ لسان الميزان ، ج ۳ ، ص ۹۸ .

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۴۸ و ۲۴۹ ، ح ۴۰۰ ـ ۴۰۴ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۱۸ ؛ سنن الترمذي ، ج ۳ ، ص ۳۱۵ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۱۳ و ص ۱۱۴ ؛ السنن الكبرى ، ج ۷ ، ص ۹۱ . الكافي ، ج ۲ ، ص ۲۳۲ ، ح ۶ ؛ التوحيد ، ص ۴۰۸ ؛ الخصال ، ص ۴۷ ، ح ۴۹ ؛ عيون الأخبار ، ج ۲ ، ص ۱۲۵ ، ح ۳۵ ؛ كنزالفوائد ، ص ۱۳ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۵۶۶ ؛ عدّة الداعي ، ص ۲۲۴ .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۵۰ ، ح ۴۰۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۱۸۹ ؛ و ج ۵ ، ص ۲۹۷ ؛ و ج ۶ ، ص ۴۵۵ ؛ صحيح البخاري ، ج ۲ ، ص ۲۴۶ ؛ صحيح مسلم ، ج ۳ ، ص ۱۶۴ ؛ سنن إبن ماجة ، ج ۱ ، ص ۵۴۴ ، ح ۱۷۰۵ ؛ سنن النسائي ، ج ۴ ، ص ۲۰۵ . الغدير ، ج ۶ ، ص ۳۲۲ (مع اختلاف يسير في الجميع عدا الأوّل) .

4.في المخطوطة : «نصبه» ، والظاهر أنّه تصحيف .

5.في المخطوطة : «ويجب من كان له أب فاضل على أن يحصل له هو» ، والمناسب ما اُثبت .

6.في المخطوطة : + «و» .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    قطب الدین ابی الحسین سعید بن هبة الله راوندی، تحقيق: مهدی سليمانی آشتيانی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6175
صفحه از 627
پرینت  ارسال به