223
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

مكّة» ، فلمّا سَلّم قال : «من يتألّ على اللّه يكذّبه» ۱ ، والألية : اليمين ، وتألّى باللّه : أقسم به ، وتألّى إليه : حكم عليه تعالى .
والخبر نهي وإن كان على لفظ الخبر ، يقول : إذا رأيتَ من المؤمنين من يرتكب فاحشة فلا تحلِف بأنّه يكون في النار على الإطلاق ، ولا يحكم على اللّه تعالى من غير بصيرةٍ ؛ فإنّ مَن كان كلامه : «فلان في الجنّة» و«فلان في النار» جعله اللّه من الكاذبين .
قال عليه السلام : «ويل للمتألّين من اُمّتي ، وهم الذين يحلفون باللّه متحكّمين عليه ، فيقولون : واللّهِ ، إن فلانا في النار ، واللّه ، إنَّ فلانا في الجنّة» ۲ .
وروي : «أنّ أبا جهل قال لي : واللّه ، لأقتلنّك! فتمثّلتُ بقوله وقلت : من يتألّ على اللّه يكذِّبه» ؛ أي من يُقسم به متحكّما عليه لم يصدّقه اللّه فيما تحكّم به عليه ، وخَيّبَ مأموله . ۳
ثمّ قال : من يغفر لمؤمن ويستر عليه عيوبه وذنوبه ستر اللّه عليه في الدنيا والآخرة . وأصل الغفر الستر ، ومنه اشتقاق المغفرة ۴ . ومن يعفُ ويصفح عن مؤمن عفا اللّه عن سيّئاته ومحاها ۵ ، ومن يلازم الصَبر [و] يترك الشكوى في الرزيَّة والمصيبة يُعظّم اللّه عوضه عمّا فات ، ويخلف له خيرا ممّن فات ، ومن يكظم ويتجرّع غُصَص الغيظ وحرارته يثبه اللّه ، والأجر : هو الثواب على العمل ، وكَظَمَ فُلانٌ غيظه : اجترعه ۶ .

1.لم يوجد هذا السبب في المصادر ، والموجود : أنّ أبا جهل قال لابن مسعود : لَأقتلنّك ! فقالّ : من يتأل على اللّه يكذّبه . راجع : الفائق في غريب الحديث ، ج ۱ ، ص ۴۷ ؛ غريب الحديث لابن قتيبة ، ج ۲ ، ص ۳۴ .

2.الفائق في غريب الحديث ، ج ۱ ، ص ۴۷ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۷۱۹ ، ح ۹۶۵۰ ؛ النهاية في غريب الحديث ، ج ۱ ، ص ۶۲ .

3.الفائق في غريب الحديث ، ج ۱ ، ص ۴۷ ؛ غريب الحديث لابن قتيبة ، ج ۲ ، ص ۳۴ .

4.اُنظر : معجم مقاييس اللغة ، ج ۴ ، ص ۳۸۵ (غفر) .

5.هكذا قرأناها ، وهي في المخطوطة غير واضحة .

6.اُنظر : العين ، ج ۵ ، ص ۳۴۵ ؛ الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۲۲ (كظم) .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
222

۲۵۵.وَمَنْ نُوقِشَ فِي ۱ الحِسَابِ عُذِّبَ . ۲

يقول : اسكتوا عمّا لا يَعنيكم ، وداوموا على السكوت عمّا يعنيكم ؛ فإنّ مَن واظب على الصَّمت عمّا يسخط اللّه وعمّا يغرس في القلوب شوك الإحن ۳ نجا من الوقوع في الآفات والمحن ، و«الصَّمتُ» فهو السكوت عن الحكومات وترك الاعتراض ۴ عليها .
ثمّ قال : مَن تواضع واستسلم للحقّ ، وترك التكبّر على الخلق ، رفع اللّه شأنه في الدارين ، وعَظَّمَ ثوابه وخيره في المنزلتين . وقيل : يعني : مَن يزدد للّه عبادةً وتواضعاً ورهبةً وحسنةً يزد اللّه له درجةً يَسمو بها ويتقرّب من ربّه تعالى ، ورهبةُ العبد وتواضعه على قدر علمه بعظمة اللّه وبقدر عمله الصالح ، ورفعةُ اللّه لعبده بقدر جلاله وكبريائه حتّى يُبَلِّغه بمزيد كرمه إلى عليّين ، ثمّ ذكر ما يوصل العبد إلى أسفل السافلين قرينة لذلك ، فقال : ومن تكبّر وتعظّم على الخلائق وعلى خلقِهِ جعله اللّه وضيعا ذليلاً عاجلاً وآجلاً ؛ بما قال اللّه : «نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ» ۵ .
وقيل : من أحدث ۶ معصيةً ولم يصبر منقادا لأوامره بالقيام إلى الطاعات أحدث اللّه له وضعا وبُعدا حتّى يوقعه في أسفل درك لظى ، ويذيقه في الدنيا أنواعا من العذاب الأدنى .
وسبب الخبر الثالث أنّ أبا جهل حلف وقال : «لأقتلنّ محمّدا صلى الله عليه و آله في بطحاء

1.في مسند الشهاب : ـ «في» .

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۲۱ ، ح ۳۳۸ ؛ مسند أحمد ، ج ۶ ، ص ۱۲۷ ؛ صحيح البخاري ، ج ۷ ، ص ۱۹۷ ؛ سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۵۶ ، ح ۳۰۹۳ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۵۷ . بحارالأنوار ، ج ۷ ، ص ۹۶ و ۱۴۷ ؛ و ج ۳۲ ، ص ۵۰۵ ؛ و ج ۴۲ ، ص ۱۸۳ ؛ و ج ۷۰ ، ص ۲۷ .

3.في صدره عليَّ إحنة، أي حِقد ، ولا تقل حِنَة ، والجمع إحِنَ وإحنات . «لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۸ (أحن)» . وفي المخطوطة : «شوك الإجن» وهو تصحيف ظاهرا .

4.في المخطوطة : «الإعراض» ، والمناسب ما اُثبت .

5.التوبة (۹) : ۶۷ .

6.في المخطوطة : «أخذت» وهو تصحيف .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    قطب الدین ابی الحسین سعید بن هبة الله راوندی، تحقيق: مهدی سليمانی آشتيانی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6206
صفحه از 627
پرینت  ارسال به