109
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

تتَّعظ به وتزدجر عن مثل ذلك ؛ لئلّا يُفعل بك ما فُعل به بعد القتل . والسعادة يستعمل عرفاً في الحظّ والبخت ، يقال : سَعَد جِدّه .
وروي : «لسَّعيدُ مَن اتَّعظ بغيره» ۱ أي من يعتبر بفعل الأغيار بما يجري عليهم من الحدود والأحكام عند اكتساب الآثام فيُمسك عن مثل ذلك سرّاً وعلانية فلا يوقع نفسه في الهوان فهو السعيد حقّاً .
والقرينة الاُخرى له معنيان : أحدهما أنّ الشقيَّ حقّ الشقيِّ مَن علم اللّه أنّه سيشقى بفعله من اختيار الكفر والمعصية وهو في بطن اُمّه ، لا مَن يكون فقيراً مسكيناً يشقى لاحتياجه في الدنيا ، والوجه الآخر أنّه عليه السلام أراد بالاُمّ جهنّم من قوله : « فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ » ۲ أي : الشقيُّ كلّ الشقيِّ مَن شقي في نار جهنّم ، وهي شقاوة لا شقاوة مثلها ، ومن كان في الدنيا في شدّة وشقاوة إنّما يكون ذلك سبب السعادة .
وقيل : المراد ببطن الاُمّ القبر الذي مرجعنا إليه ، وتسميته «في بطن اُمّه شقياً» على الوجه الأوّل نوع من المبالغة ، أي سيصير كذلك لا محالة كقولك : «إنّك ميّتٌ» أي ستموت . وإنّ اللّه تعالى إذا كان عبد في بطن اُمّه يَكتبُ على اللوح المحفوظ أنّه يصير شقيّاً ؛ لاختياره الكفر لطفاً للملائكة .

۵۹.كَفَّارَةُ الذَّنْبِ النَّدَامَةُ . ۳

يقول : إذا ذنبتَ ذنباً ، ثمّ ندمت عليه وتُبت منه ، وقبل اللّه توبتك ، فإن كان فيه كفّارة ولا تقدر عليها لفقرٍ بك ، فإنّ ندامتك كافية ومجزية عن الكفّارة ويقوم مقامها ، وذلك فضل اللّه تعالى . و«الكفّارة» : ما يُستَر به الذَّنْب .

1.الأخبار الطوال ، ص ۱۶۳ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۶۸ ، ص ۳۶ ، ح ۸۹۴۲ ؛ عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء ، ص ۱۰۱ ؛ شرح الكافي للمازندراني، ج ۱ ، ص ۱۶۱ .

2.القارعة (۱۰۱) : ۹ .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۸۰ ، ح ۷۷ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۲۸۹ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۲ ، ص ۱۳۴ ؛ الكامل لابن عدي ، ج ۶ ، ص ۳۸۲ ، ح ۲۴۶ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۲۷۳ ، ح ۶۲۵۶ ؛ كنزالعمّال ، ج ۴ ، ص ۲۱۵ ، ح ۱۰۲۱۸ . جامع السعادات للنراقى ، ج ۳ ، ص ۵۲ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
108

فعله طالباً للثناء فذلك عيبٌ وفساد لفعله .
وأمّا «الجمال» فحُسن الصورة واستواء الخلقة ، و«الخُيَلاء» : الكِبْر ، أي : إذا كان لك زينة وحُسْن هيئة باللباس فلا تفسدها بزهو وتكبّر ، واختال أبو دجانة في الحرب وافتخر، فقاتل بين يدي رسول اللّه ، فقال صلى الله عليه و آله : «إنّها الخصلة يُبغضهااللّه إلّا في هذا الموضع» . ۱
وأمّا «الحسبُ» فهو الَّذي يَعدّه المرء من مفاخر آبائه ومآثر نفسه ، وآفته أن يفتخر به ، نهى أن يُفخَر بحسن الفعال المحمود من الخصال . و«الظرف» عند العرب : الكياسة والعقل وفصاحة اللسان ، و«الصَّلَف»: قلّة الخير ، ومعنى الخبر أنّ العقل والحظّ لا يجتمعان ، فالأكثر في أحوال المرء أن لا يجتمع له العلم والمال فإنّه الكمال . وقيل : معناه أنّه فصاحة اللسان أن [ لا ]يتكلّم بما لا خير فيه ولا فائدة في الدِّين والجود والسخاء . و«السَّرَف» : الإخطاء ، قال : ما في عطائهم مَنّ ولا سَرَف أي إخطاء ووضعٌ في غير موضعه ، وهذا دليل على أنّ السَّرَف ليس من الإسراف .
ومعنى الخبر أنّ آفة الجود أن يَضَعَ العطيّة في غير موضعها ، ويصنعها مع غير أهلها . و«الدِّين» : الإسلام ، أي : آفته اتّباع الهوى ، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، و«الهوى» : المراد به الشهوة ، وهي من اُصول النعم فلا يكون آفة للدين ، ولابدّ من تقدير الحذف ؛ قال اللّه تعالى : « وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى » ۲ .

۵۸.السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ اُمِّه . ۳

يقول : اتّعظْ بغيرك ممّن كان قبلك أو معك ؛ فإنّ السعيد مَن نظر إلى أحوال غيره واعتبر به ؛ لأنّه إن اتّعظ بغيره انتفع باتّعاظه ، ولا يمكنه أن يتّعظ بنفسه . مثاله : إذا رأيت إنساناً قتل نفساً ظلماً فاقتُصَّ منه وقُتل بالمقتول قِوَداً ، صار ذلك لطفاً لك

1.اُنظر: الكافي، ج ۵، ص ۸ ، ح ۱۳؛ الاختصاص، ص ۱۴۹؛ الجعفريات، ص ۷۷.

2.النازعات (۷۹) : ۴۰ .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۷۹ ، ح ۷۶ ؛ صحيح مسلم ، ج ۸ ، ص ۴۵ ؛ سنن إبن ماجة ، ج ۱ ، ص ۱۸ ، ح ۴۶ ؛ السنن الكبرى ، ج ۷ ، ص ۴۲۲ . الكافي ، ج ۸ ، ص ۷۲ ، ح ۲۹ ؛ و ج ۸ ، ص ۸۱ ، ح ۳۹ ؛ الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۷۷ ، ح ۵۷۷۷ و ۵۷۷۸ ؛ تفسير القمّي ، ج ۱ ، ص ۲۹۰ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۵۷۶ ، ح ۱ ؛ الاختصاص ، ص ۳۴۲ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    قطب الدین ابی الحسین سعید بن هبة الله راوندی، تحقيق: مهدی سليمانی آشتيانی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5610
صفحه از 627
پرینت  ارسال به