7
کنز الدعاء المجلد الاول

القرآن الصاعد

يقول الإمام الخميني رحمه اللَّه عليه في كلمةٍ له على أعتاب شهر رمضان المبارك ۱ ، ردّاً على الأشخاص الذين لا يُعيرون أهمّيةً للدعاء ، بسبب فهمهم الخاطئ والمنحرف :
هنالك انحرافات في الفهم لدى البعض تزداد أحياناً إلى حدٍّ كبير ، فهُم يتصوّرون أنّ علينا أن نلزم القرآن ونترك الدعاء . إنّهم لا يفهمون معنى الدعاء أصلاً ، ولو لم يكن في الأدعية سوى المناجاة الشعبانية لكانت كافيةً لإثبات أنّ أئمّتنا هم أئمّة حقّ . إنّ هذه الأدعية وحسب تعبير بعض مشايخنا ۲ : القرآن ، هو القرآن النازل ؛ حيث نزل من العلو ، والدعاء يصعد من الأسفل إلى الأعلى ، وهو القرآن الصاعد ۳ .
والمراد من «القرآن الصاعد» أنّ حقائق هذا الكتاب السماوي (القرآن) والتي جاءت فيه على شكل رمز وإشارة ، قد بيّنها أهل البيت عليهم السلام في قالب الدعاء ۴ .
ولذلك ، فإنّ من طرق معرفة عمق معارف أهل البيت عليهم السلام التأمّل في الأدعية التي صدرت عنهم ؛ ذلك لأنّهم عندما كانوا يتحدّثون مع الناس ، فقد كانوا يأخذون بنظر الاعتبار مدى عقل الناس وفهمهم ؛ إلّا أنّهم كانوا يتحدّثون مع اللَّه سبحانه في أدعيتهم على أساس عقلهم ومعرفتهم ۵ هم أنفسهم .
وبناء على ذلك ، فإنّ الأدعية التي وصلتنا عن أهل البيت عليهم السلام هي كنز من المعارف الإسلامية لا بديل له ولا ينضب ، فضلاً عن أنّها تضع تحت تصرّف الداعي المحتوى

1.۲۱ / ۴ / ۱۳۵۹ الموافق للتاسع والعشرين من شعبان ۱۴۰۰ ، طهران ، حسينية جماران .

2.هو آية اللَّه محمّد عليّ الشاه آبادي ، اُستاذ الإمام الخميني رحمة اللَّه عليه في العرفان .

3.صحيفة الإمام : ج ۱۳ ص ۳۲ (بتلخيص منّا) .

4.راجع : صحيفة الإمام : ج ۲۰ ص ۴۰۹ .

5.نقل المرحوم آية اللَّه الشيخ علي پناه الاشتهاردي بتاريخ ۲۶ / ۱۱ / ۱۳۷۶ ش الموافق للعشرين من ذي القعدة ۱۴۲۱ه ، عن الإمام الخميني رحمة اللَّه عليه قائلاً : «كان الإمام يقول كراراً في درس الأخلاق : لا تمكن معرفة الأئمّة عن طريق أحاديثهم ومناظراتهم ؛ لأنّهم كانوا يأخذون فهم المخاطب وإدراكه بنظر الاعتبار ، بل إنّ بإمكاننا معرفتهم من أدعيتهم ومناجاتهم للَّه» .


کنز الدعاء المجلد الاول
6

مقدّمتان ينبغي التعرّف عليهما

إنّ التمتّع الكامل بالنعمتين الكبريين : «الدعاء» و«إجابة الدعاء» ، بحاجة إلى التعرّف على مقدّمتين :

۱ . اُسلوب الدعاء

الأمر الأوّل الذي يجب أن يحظى بالاهتمام قبل الدعاء ، هو التعرّف على اُسلوب الدعاء وكيفية مناجاة اللَّه سبحانه والطلب منه .
وإذا لم يعرف الداعي شروط إجابة الدعاء وموانعها والاُمور المتعلّقة بها ، ولم يكن على علم بآداب مناجاة اللَّه تعالى ، فليس له أن يتوقّع استجابة دعائه .
ومن أجل تلبية هذه الحاجة تمّ تأليف كتاب «نهج الدعاء» ۱ بالاستناد إلى إرشادات القرآن وأحاديث أهل البيت عليهم السلام ، وجُعل في معرض الراغبين .

۲ . محتوى الدعاء

للتعرّف على نصوص الأدعية ومحتواها دور مهّم أيضاً في استغلال هذه النعمة الإلهية الكبرى ، والمعرفة هي سبيل الوصول إلى هذه المقدّمة ، وكلّما كانت معرفة الإنسان بربّه تعالى أكثر ، وكانت معرفته بخزائن رحمته أوسع ، فإنّ أدعيته ستتمتّع بالمزيد من الغنى والكمال في المحتوى .
ومن أجل بلوغ هذه المقدّمة ، فإنّ من الواجب أيضاً الانتفاع بإرشادات أهل بيت الرسالة ووصاياهم ، كما هو الحال بالنسبة إلى المقدّمة الاُولى ؛ ذلك لأنّهم يقفون على قمّة المعرفة الإلهية ، ولذلك فإنّ أدعيتهم تتمتّع بعمق ومضمون لا يمكن تصوّرهما ، ولذلك يَعتبر الإمامُ الخمينيُّ بعضَ أدعية أهلِ البيت عليهم السلام معجزةً ودليلاً على أحقّيتهم ، ويُسمّي أدعيةَ أهلِ البيت عليهم السلام ب «القرآن الصاعد» نقلاً عن اُستاذه في العرفان .

1.راجع : نهج الدعاء ، مؤسّسة الطباعة والنشر في دار الحديث ۱۳۸۶ ش .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 25734
صفحه از 579
پرینت  ارسال به