عَلَينا سَماءً مُخضِلَةً ، مِدراراً هاطِلَةً ، يُدافِعُ الوَدقُ مِنهَا الوَدقَ ، ويَحفِزُ القَطرُ مِنهَا القَطرَ ، غَيرَ خُلَّبٍ بَرقُها ، ولا جَهامٍ ۱ عارِضُها ، ولا قَزَعٍ ۲ رَبابُها ، ولا شَفّانٍ ۳ ذِهابُها ، حَتّى يُخصِبَ لِإِمراعِهَا المُجدِبونَ ، ويَحيى بِبَرَكَتِهَا المُسنِتونَ ، فَإِنَّكَ تُنزِلُ الغَيثَ مِن بَعدِما قَنَطوا ، وتَنشُرُ رَحمَتَكَ وأَنتَ الوَلِيُّ الحَميدُ . ۴
۵۹۵.عنه عليه السلام - مِن خُطبَةٍ لَهُ فِي الاِستِسقاءِ وفيهِ تَنبيهُ العِبادِ وُجوبَ استِغاثَةِ رَحمَةِ اللَّهِ إذا حُبِسَ عَنهُم رَحمَةُ المَطَرِ : ألا وإنَّ الأَرضَ الَّتي تُقِلُّكُم ، وَالسَّماءَ الَّتي تُظِلُّكُم مُطيعَتانِ لِرَبِّكُم ، وما أصبَحَتا تَجودانِ لَكُم بِبَرَكَتِهِما تَوَجُّعاً لَكُم ، ولا زُلفَةً إلَيكُم ، ولا لِخَيرٍ تَرجُوانِهِ مِنكُم ، ولكِن اُمِرَتا بِمَنافِعِكُم فَأَطاعَتا ، واُقيمَتا عَلى حُدودِ مَصالِحِكُم فَقامَتا .
إنَّ اللَّهَ يَبتَلي عِبادَهُ عِندَ الأَعمالِ السَّيِّئَةِ بِنَقصِ الثَّمَراتِ ، وحَبسِ البَرَكاتِ ، وإغلاقِ خَزائِنِ الخَيراتِ ، لِيَتوبَ تائِبٌ ، ويُقلِعَ مُقلِعٌ ، ويَتَذَكَّرَ مُتَذَكِّرٌ ، ويَزدَجِرَ مُزدَجِرٌ ، وقَد جَعَلَ اللَّهُ سُبحانَهُ الاِستِغفارَ سَبَباً لِدُرورِ الرِّزقِ ، ورَحمَةَ الخَلقِ ، فَقالَ سُبحانَهُ : (اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَ يُمْدِدْكُم بِأَمْوَ لٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَل لَّكُمْ جَنَّتٍ وَ يَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَرًا) ۵ ، فَرَحِمَ اللَّهُ امرَأً استَقبَلَ تَوبَتَهُ ، وَاستَقالَ خَطيئَتَهُ ، وبادَرَ مَنِيَّتَهُ .
اللَّهُمَّ إنّا خَرَجنا إلَيكَ مِن تَحتِ الأَستارِ وَالأَكنانِ ، وبَعدَ عَجيجِ البَهائِمِ وَالوِلدانِ ، راغِبينَ في رَحمَتِكَ ، وراجينَ فَضلَ نِعمَتِكَ ، وخائِفينَ مِن عَذابِكَ ونِقمَتِكَ .
1.الجنابُ : الناحية (النهاية : ج ۱ ص ۳۰۳ «جنب») .
2.القَزَعُ : قطع السحاب المتفرّقة (النهاية : ج ۴ ص ۵۹ «قزع») .
3.ولا شفّانٌ ذِهابها : أي قليلة أمطارها ، والذِهابُ : الأمطارُ الليّنَةُ (النهاية : ج ۲ ص ۴۸۸ «شفن») .
4.نهج البلاغة : الخطبة ۱۱۵ ، بحار الأنوار : ج ۹۱ ص ۳۱۸ ح ۷ .
5.نوح : ۱۰ - ۱۲ .