421
کنز الدعاء المجلد الاول

وكَتَبَ إلى‏ عَمِّهِ داوودَ بنِ عَلِيٍّ - وداوودُ إذ ذاكَ أميرُ المَدينَةِ - أن يُسَيِّرَ إلَيهِ جَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ ولا يُرَخِّصَ لَهُ فِي التَّلَوُّمِ وَالمُقامِ ، فَبَعَثَ إلَيهِ داوودُ بِكِتابِ المَنصورِ وقالَ : اِعمَد عَلَى المَسيرِ إلى‏ أميرِ المُؤمِنينَ في غَدٍ ولا تَتَأَخَّر . قالَ صَفوانُ : وكُنتُ بِالمَدينَةِ يَومَئِذٍ ، فَأَنفَذَ إلَيَّ جَعفَرٌ عليه السلام فَصِرتُ إلَيهِ ، فَقالَ لي : تَعَهَّد راحِلَتَنا فَإِنّا غادونَ في غَدٍ إن شاءَ اللَّهُ العِراقَ . ونَهَضَ مِن وَقتِهِ وأَ نَا مَعَهُ إلى‏ مَسجِدِ النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله ، وكانَ ذلِكَ بَينَ الاُولى‏ وَالعَصرِ ، فَرَكَعَ فيهِ رَكَعاتٍ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيهِ ، فَحَفِظتُ يَومَئِذٍ مِن دُعائِهِ :
يا مَن لَيسَ لَهُ ابتِداءٌ ولَا انقِضاءٌ ، يا مَن لَيسَ لَهُ أمَدٌ ولا نِهايَةٌ ولا ميقاتٌ ولا غايَةٌ ، يا ذَا العَرشِ المَجيدِ وَالبَطشِ الشَّديدِ ، يا مَن هُوَ فَعّالٌ لِما يُريدُ ، يا مَن لا يَخفى‏ عَلَيهِ اللُّغاتُ ولا تَشتَبِهُ عَلَيهِ الأَصواتُ ، يا مَن قامَت بِجَبَروتِهِ الأَرضُ وَالسَّماواتُ ، يا حَسَنَ الصُّحبَةِ ، يا واسِعَ المَغفِرَةِ ، يا كَريمَ العَفوِ ، صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاحرُسني في سَفَري ومُقامي وفي حَرَكَتي وَانتِقالي بِعَينِكَ الَّتي لا تَنامُ ، وَاكنُفني بِرُكنِكَ الَّذي لا يُضامُ .
اللَّهُمَّ إنّي أتَوَجَّهُ في سَفَري هذا بِلا ثِقَةٍ مِنّي لِغَيرِكَ ، ولا رَجاءٍ يَأوي بي إلّا إلَيكَ ، ولا قُوَّةَ لي أتَّكِلُ عَلَيها ، ولا حيلَةَ ألجَأُ إلَيها إلَّا ابتِغاءَ فَضلِكَ ، وَالتِماسَ عافِيَتِكَ ، وطَلَبَ فَضلِكَ ، وإجرائِكَ لي عَلى‏ أفضَلِ عَوائِدِكَ عِندي .
اللَّهُمَّ وأَنتَ أعلَمُ بِما سَبَقَ لي في سَفَري هذا مِمّا اُحِبُّ وأَكرَهُ ، فَمَهما أوقَعتَ عَلَيهِ قَدَرَكَ فَمَحمودٌ فيهِ بَلاؤُكَ ، مُنتَصِحٌ فيهِ قَضاؤُكَ ، وأَنتَ تَمحو ما تَشاءُ وتُثبِتُ وعِندَكَ اُمُّ الكِتابِ .
اللَّهُمَّ فَاصرِف عَنّي فيهِ مَقاديرَ كُلِّ بَلاءٍ ، ومَقضِيَّ كُلِّ لَأواءٍ ، وَابسُط عَلَيَّ كَنَفاً مِن رَحمَتِكَ ، ولُطفاً مِن عَفوِكَ ، وتَماماً مِن نِعمَتِكَ ، حَتّى‏ تَحفَظَني فيهِ بِأَحسَنِ ما حَفِظتَ بِهِ غائِباً مِنَ المُؤمِنينَ وخَلَفتَهُ ۱ ؛ في سَترِ كُلِّ عَورَةٍ ، وكِفايَةِ كُلِّ مَضَرَّةٍ ، وصَرفِ كُلِّ

1.في المصدر : «خَلَقتَهُ» ، والصواب ما أثبتناه كما في المصباح للكفعمي .


کنز الدعاء المجلد الاول
420

أبَا العَبّاسِ ، الحَقهُ فَسَلهُ ، أبي أم بِهِ ؟ قالَ : فَخَرَجَ يَشتَدُّ حَتّى‏ لَحِقَهُ ، فَقالَ : يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ يَقولُ لَكَ : أبِكَ أم بِهِ ؟ فَقالَ : لا بَل بي ، فَقالَ أبو جَعفَرٍ : صَدَقَ .
قالَ إبراهيمُ : ثُمَّ خَرَجتُ فَوَجَدتُهُ قاعِداً يَنتَظِرُني يَتَشَكَّرُ ۱ لي صُنعي بِهِ ، وإذا بِهِ يَحمَدُ اللَّهَ ويَقولُ :
الحَمدُ للَّهِ‏ِ الَّذي أدعوهُ فَيُجيبُني وإن كُنتُ بَطيئاً حينَ يَدعوني ، وَالحَمدُ للَّهِ‏ِ الَّذي أسأَ لُهُ فَيُعطيني وإن كُنتُ بَخيلاً حينَ يَستَقرِضُني ، وَالحَمدُ للَّهِ‏ِ الَّذِي استَوجَبَ الشُّكرَ عَلَيَّ بِفَضلِهِ وإن كُنتُ قَليلاً شُكري ، وَالحَمدُ للَّهِ‏ِ الَّذي وَكَلَنِيَ النّاسُ إلَيهِ فَأَكرَمَني ، ولَم يَكِلني إلَيهم فَيُهينوني ، فَرَضيتُ بِلُطفِكَ يا رَبِّ لُطفاً ، وبِكِفايَتِكَ خَلَفاً .
اللَّهُمَّ يا رَبِّ ، ما أعطَيتَني مِمّا اُحِبُّ فَاجعَلهُ قُوَّةً لي فيما تُحِبُّ ، اللَّهُمَّ وما زَوَيتَ عَنّي مِمّا اُحِبُّ فَاجعَلهُ قَواماً لي فيما تُحِبُّ ، اللَّهُمَّ أعطِني ما اُحِبُّ ، وَاجعَلهُ خَيراً لي ، وَاصرِف عَنّي ما أكرَهُ ، وَاجعَلهُ خَيراً لي ، اللَّهُمَّ ما غَيَّبتَ عَنّي مِنَ الاُمورِ فَلا تُغَيِّبني عَن حِفظِكَ ، وما فَقَدتُ فَلا أفقُدُ عَونَكَ ، وما نَسيتُ فَلا أنسى‏ ذِكرَكَ ، وما مَلِلتُ فَلا أمَلُّ شُكرَكَ ، عَلَيكَ تَوَكَّلتُ ، حَسبِيَ اللَّهُ ونِعمَ الوَكيلُ . ۲

۵۷۰.مهج الدعوات عن صفوان بن مِهران الجمّال ۳ : رَفَعَ رَجُلٌ مِن قُرَيشِ المَدينَةِ مِن بَني مَخزومٍ إلى‏ أبي جَعفَرٍ المَنصورِ - وذلِكَ بَعدَ قَتلِهِ لِمُحَمَّدٍ وإبراهيمَ ابنَي عَبدِ اللَّهِ بنِ الحَسَنِ - أنَّ جَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ بَعَثَ مَولاهُ المُعَلَّى بنَ خُنَيسٍ لِجِبايَةِ الأَموالِ مِن شيعَتِهِ ، وأَنَّهُ كانَ يُمِدُّ بِها مُحَمَّدَ بنَ عَبدِ اللَّهِ ، فَكادَ المَنصورُ أن يَأكُلَ كَفَّهُ عَلى‏ جَعفَرٍ غَيظاً ،

1.تَشَكَّرَ لَهُ : كَشَكَرَهُ (لسان العرب : ج ۴ ص ۴۲۳ «شكر») .

2.مهج الدعوات : ص ۱۸۶ ، بحار الأنوار : ج ۹۴ ص ۲۸۲ ح ۲ .

3.قال السيّد ابن طاووس قدّس سره في أوّل الدعاء : «ومن ذلك دعاء مولانا الصادق جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين - عليهم أفضل الصلاة والسلام - لمّا استدعاه المنصور مرّةً سادسةً ، وهي ثاني مرّةٍ إلى بغداد بعد قتل محمّد وإبراهيم ابني عبد اللَّه بن الحسن ، وجدتُها في الكتاب العتيق الذي قدّمتُ ذكرَه بخطّ الحسين بن عليّ بن هند ، قال : . . .» . فذكر إسناده إلى صفوان بن مهران الجمّال .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 26097
صفحه از 579
پرینت  ارسال به