الأَولِياءِ ، وخَصَصتَ قُلوبَهُم بِطَهارَةِ الصَّفاءِ ، وزَيَّنتَها بِالفَهمِ وَالحَياءِ في مَنزِلِ الأَصفِياءِ ، وسَيَّرتَ هُمومَهُم في مَلَكوتِ سَماواتِكَ ، حُجُباً حُجُباً حَتّى يَنتَهِيَ إلَيكَ وارِدُها ، ومَتِّع أبصارَنا بِالجَوَلانِ في جَلالِكَ ، لِتُسهِرَنا عَمّا نامَت قُلوبُ الغافِلينَ ، وَاجعَل قُلوبَنا مَعقودَةً بِسَلاسِلِ النّورِ ، وعَلِّقها مِن أركانِ عَرشِكَ بِأَطنابِ ۱ الذِّكرِ ، وَاشغَلها بِالنَّظَرِ إلَيكَ عَن شَرِّ مَواقِفِ المُختانينَ ، وأَطلِقها مِنَ الأَسرِ لِتَجولَ في خِدمَتِكَ مَعَ الجَوّالينَ ، وَاجعَلنا بِخِدمَتِكَ لِلعُبّادِ وَالأَبدالِ في أقطارِها طُلّاباً ، ولِلخاصَّةِ مِن أصفِيائِكَ أصحاباً ، ولِلمُريدينَ المُتَعَلِّقينَ بِبابِكَ أحباباً .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجعَلنا مِنَ الَّذينَ عَرَفوا أنفُسَهُم ، وأَيقَنوا بِمُستَقَرِّهِم ، فَكانَت أعمارُهُم في طاعَتِكَ تَفنى ، وقَد نَحِلَت أجسادُهُم بِالحُزنِ وإن لَم تَبلَ ، وهَدَيتَ إلى ذِكرِكَ وإن لَم تَبلُغ إلى مُستَراحِ الهُدى .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجعَلنا مِنَ الَّذينَ فَتَقتَ لَهُم رَتقَ عَظيمِ غَواشي جُفونِ حَدَقِ عُيونِ القُلوبِ ، حَتّى نَظَروا إلى تَدبيرِ حِكمَتِكَ وشَواهِدِ حُجَجِ بَيِّناتِكَ ، فَعَرَفوكَ بِمَحصولِ فِطَنِ القُلوبِ ، وأَنتَ في غَوامِضِ سُتُراتِ حُجُبِ القُلوبِ ، فَسُبحانَكَ أيُّ عَينٍ تَقومُ بِها نُصبَ نورِكَ ، أم تَرقَأُ ۲ إلى نورِ ضِياءِ قُدسِكَ ، أو أيُّ فَهمٍ يَفهَمُ ما دونَ ذلِكَ ، إلَّا الأَبصارُ الَّتي كَشَفتَ عَنها حُجُبَ العَمِيَّةِ ، فَرَقَت أرواحُهُم عَلى أجنِحَةِ المَلائِكَةِ ، فَسَمّاهُم أهلُ المَلَكوتِ زُوّاراً ، وأَسماهُم أهلُ الجَبَروتِ عُمّاراً ، فَتَرَدَّدوا في مَصافِّ المُسَبِّحينَ ، وتَعَلَّقوا بِحِجابِ القُدرَةِ ، وناجوا رَبَّهُم عِندَ كُلِّ شَهوَةٍ ، فَخَرَّقَت قُلوبُهُم حُجُبَ النّورِ ، حَتّى نَظَروا بِعَينِ القُلوبِ إلى عِزِّ الجَلالِ في عِظَمِ المَلَكوتِ ۳ ، فَرَجَعَتِ القُلوبُ إلَى الصُّدورِ عَلَى النِّيِّاتِ بِمَعرِفَةِ تَوحيدِكَ ، فَلا إلهَ إلّا أنتَ وَحدَكَ لا
1.الطَّنَبُ : الحَبلُ تُشَدُّ به الخيمة والجمع : أطناب . (المصباح المنير : ص ۳۷۸ «طنب» )
2.رَقَأ : إذا سكن وانقطع (النهاية : ج ۲ ص ۲۴۸ «رقأ») .
3.الملكوت : العِزَّةُ والسلطان ( مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۷۱۷ « ملك » ) .