313
کنز الدعاء المجلد الاول

الأَولِياءِ ، وخَصَصتَ قُلوبَهُم بِطَهارَةِ الصَّفاءِ ، وزَيَّنتَها بِالفَهمِ وَالحَياءِ في مَنزِلِ الأَصفِياءِ ، وسَيَّرتَ هُمومَهُم في مَلَكوتِ سَماواتِكَ ، حُجُباً حُجُباً حَتّى‏ يَنتَهِيَ إلَيكَ وارِدُها ، ومَتِّع أبصارَنا بِالجَوَلانِ في جَلالِكَ ، لِتُسهِرَنا عَمّا نامَت قُلوبُ الغافِلينَ ، وَاجعَل قُلوبَنا مَعقودَةً بِسَلاسِلِ النّورِ ، وعَلِّقها مِن أركانِ عَرشِكَ بِأَطنابِ ۱ الذِّكرِ ، وَاشغَلها بِالنَّظَرِ إلَيكَ عَن شَرِّ مَواقِفِ المُختانينَ ، وأَطلِقها مِنَ الأَسرِ لِتَجولَ في خِدمَتِكَ مَعَ الجَوّالينَ ، وَاجعَلنا بِخِدمَتِكَ لِلعُبّادِ وَالأَبدالِ في أقطارِها طُلّاباً ، ولِلخاصَّةِ مِن أصفِيائِكَ أصحاباً ، ولِلمُريدينَ المُتَعَلِّقينَ بِبابِكَ أحباباً .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجعَلنا مِنَ الَّذينَ عَرَفوا أنفُسَهُم ، وأَيقَنوا بِمُستَقَرِّهِم ، فَكانَت أعمارُهُم في طاعَتِكَ تَفنى‏ ، وقَد نَحِلَت أجسادُهُم بِالحُزنِ وإن لَم تَبلَ ، وهَدَيتَ إلى‏ ذِكرِكَ وإن لَم تَبلُغ إلى‏ مُستَراحِ الهُدى‏ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجعَلنا مِنَ الَّذينَ فَتَقتَ لَهُم رَتقَ عَظيمِ غَواشي جُفونِ حَدَقِ عُيونِ القُلوبِ ، حَتّى‏ نَظَروا إلى‏ تَدبيرِ حِكمَتِكَ وشَواهِدِ حُجَجِ بَيِّناتِكَ ، فَعَرَفوكَ بِمَحصولِ فِطَنِ القُلوبِ ، وأَنتَ في غَوامِضِ سُتُراتِ حُجُبِ القُلوبِ ، فَسُبحانَكَ أيُّ عَينٍ تَقومُ بِها نُصبَ نورِكَ ، أم تَرقَأُ ۲ إلى‏ نورِ ضِياءِ قُدسِكَ ، أو أيُّ فَهمٍ يَفهَمُ ما دونَ ذلِكَ ، إلَّا الأَبصارُ الَّتي كَشَفتَ عَنها حُجُبَ العَمِيَّةِ ، فَرَقَت أرواحُهُم عَلى‏ أجنِحَةِ المَلائِكَةِ ، فَسَمّاهُم أهلُ المَلَكوتِ زُوّاراً ، وأَسماهُم أهلُ الجَبَروتِ عُمّاراً ، فَتَرَدَّدوا في مَصافِّ المُسَبِّحينَ ، وتَعَلَّقوا بِحِجابِ القُدرَةِ ، وناجوا رَبَّهُم عِندَ كُلِّ شَهوَةٍ ، فَخَرَّقَت قُلوبُهُم حُجُبَ النّورِ ، حَتّى‏ نَظَروا بِعَينِ القُلوبِ إلى‏ عِزِّ الجَلالِ في عِظَمِ المَلَكوتِ ۳ ، فَرَجَعَتِ القُلوبُ إلَى الصُّدورِ عَلَى النِّيِّاتِ بِمَعرِفَةِ تَوحيدِكَ ، فَلا إلهَ إلّا أنتَ وَحدَكَ لا

1.الطَّنَبُ : الحَبلُ تُشَدُّ به الخيمة والجمع : أطناب . (المصباح المنير : ص ۳۷۸ «طنب» )

2.رَقَأ : إذا سكن وانقطع (النهاية : ج ۲ ص ۲۴۸ «رقأ») .

3.الملكوت : العِزَّةُ والسلطان ( مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۷۱۷ « ملك » ) .


کنز الدعاء المجلد الاول
312

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجعَلنا مِنَ الَّذينَ شَرِبوا بِكَأسِ الصَّفاءِ فَأَورَثَهُمُ الصَّبرَ عَلى‏ طولِ البَلاءِ ، فَقَرَّت أعيُنُهُم بِما وَجَدوا مِنَ العَينِ ، حَتّى‏ تَوَلَّهَت قُلوبُهُم فِي المَلَكوتِ ، وجالَت بَينَ سَرائِرِ حُجُبِ الجَبَروتِ ، ومالَت أرواحُهُم إلى‏ ظِلِّ بَردِ المُشتاقينَ ، في رِياضِ الرّاحَةِ ، ومَعدِنِ العِزِّ ، وعَرَصاتِ المُخَلَّدينَ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجعَلنا مِنَ الَّذينَ رَتَعوا في زَهرَةِ رَبيعِ الفَهمِ ، حَتّى‏ تَسامى‏ بِهِمُ السُّمُوُّ إلى‏ أعلى‏ عِلِّيّينَ ، فَرَسَموا ذِكرَ هَيبَتِكَ في قُلوبِهِم ، حَتّى‏ ناجَتكَ ألسِنَةُ القُلوبِ الخَفِيَّةِ بِطولِ استِغفارِ الوَحدَةِ ، في مَحاريبِ قُدسِ رَهبانِيَّةِ الخاشِعينَ ، وحَتّى‏ لاذَت أبصارُ القُلوبِ نَحوَ السَّماءِ ، وعَبَرَت أينَمَةُ ۱ النّوّاحينَ بَينَ مَصافِّ الكَروبِيّينَ ۲ ، ومُجالَسَةِ الرّوحانِيّينَ ، لَهُم زَفَراتٌ أحرَقَتِ القُلوبَ عِندَ إرسالِ الفِكرِ في مَراتِعِ الإِحسانِ بَينَ يَدَيكَ ، وأَنضَجَت نارُ الخَشيَةِ مَنابِتَ الشَّهَواتِ مِن قُلوبِهِم ، وسَكَنَت بَينَ خَوافي طابِقِ الغَفَلاتِ مِن صُدورِهِم ، فَأَنبَهَ [ال] ۳ ذِّكرُ رُقادَ قُلوبِهِم .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجعَلنا مِنَ الَّذينَ اشتَغَلوا بِالذِّكرِ عَنِ الشَّهَواتِ ، وخالَفوا دَواعِيَ العِزَّةِ بِواضِحاتِ المَعرِفَةِ ، وقَطَعوا أستارَ نارِ الشَّهَواتِ بِنَضحِ ماءِ التَّوبَةِ ، وغَسَلوا أوعِيَةَ الجَهلِ بِصَفوِ ماءِ الحَياةِ ، حَتّى‏ جالَت في مَجالِسِ الذِّكرِ رُطوبَةُ ألسِنَةِ الذّاكِرينَ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجعَلنا مِمَّن سَهَّلتَ لَهُ طَريقَ الطّاعَةِ بِالتَّوفيقِ في مَنازِلِ الأَبرارِ ، فَحُيُّوا وقُرِّبوا واُكرِموا وزُيِّنوا بِخِدمَتِكَ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجعَلنا مِنَ الَّذينَ أرسَلتَ عَلَيهِم سُتورَ عِصمَةِ

1.الهينمة - وقد يقلب الهاء همزةً - : الصوت الخفي كالزمزمة (انظر : لسان العرب : ج ۱۲ ص ۱۲۳ «هنم») . وفي الصحيفة السجّاديّة الجامعة : «أعين» بدل «أينمة» .

2.الكَروبيّون : من الملائكة ، وجبرئيل هو رأس الكروبيّين (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۵۶۰ «كرب» ) .

3.اُضيفت لاقتضاء السياق .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 26156
صفحه از 579
پرینت  ارسال به