303
کنز الدعاء المجلد الاول

سَيِّدي ، إنَّ مَن تَقَرَّبَ مِنكَ لَمَكينٌ مِن مُوالاتِكَ ، وإن مَن تَحَبَّبَ إلَيكَ لَقَمينٌ بِمَرضاتِكَ ، وإنَّ مَن تَعَرَّفَ بِكَ لَغَيرُ مَجهولٍ ، وإنَّ مَنِ استَجارَ بِكَ لَغَيرُ مَخذولٍ .
سَيِّدي ، أتُراكَ تُحرِقُ بِالنّارِ وَجهاً طالَما خَرَّ ساجِداً بَينَ يَدَيكَ ، أم تُراكَ تَغُلُّ إلَى الأَعناقِ أكُفّاً طالَما تَضَرَّعَت في دُعائِها إلَيكَ ، أم تُراكَ تُقَيِّدُ بِأَنكالِ ۱ الجَحيمِ أقداماً طالَما خَرَجَت مِن مَنازِلِها طَمَعاً فيما لَدَيكَ ، مَنّاً مِنكَ عَلَيها لامَنّاً مِنها عَلَيكَ ؟!
سَيِّدي ، كَم مِن نِعمَةٍ لَكَ عَلَيَّ قَلَّ لَكَ عِندَها شُكري ، وكَم مِن بَلِيَّةٍ ابتَلَيتَني بِها عَجَزَ عَنها صَبري ، فَيا مَن قَلَّ شُكري عِندَ نِعَمِهِ فَلَم يَحرِمني ، وعَجَزَ صَبري عِندَ بَلِيَّتي فَلَم يَخذُلني ، جَميلُ فَضلِكَ عَلَيَّ أبطَرَني ، وجَليلُ حِلمِكَ عَنّي غَرَّني .
سَيِّدي ، قَويتُ بِعافِيَتِكَ عَلى‏ مَعصِيَتِكَ ، وأَنفَقتُ نِعمَتَكَ في سَبيلِ مُخالَفَتِكَ ، وأَفنَيتُ عُمُري في غَيرِ طاعَتِكَ ، فَلَم يَمنَعكَ جُرأَتي عَلى‏ ما عَنهُ نَهَيتَني ، ولَا انتِهاكي ما مِنهُ حَذَّرتَني أن سَتَرتَني بِحِلمِكَ السّاتِرِ ، وحَجَبتَني عَن عَينِ كُلِّ ناظِرٍ ، وعُدتَ بِكَريمِ أياديكَ حينَ عُدتُ بِارتِكابِ مَعاصيكَ ، فَأَنتَ العَوّادُ بِالإِحسانِ ، وأَ نَا العَوّادُ بِالعِصيانِ .
سَيِّدي ، أتَيتُكَ مُعتَرِفاً لَكَ بِسوءِ فِعلي ، خاضِعاً لَكَ بِاستِكانَةِ ذُلّي ، راجِياً مِنكَ جَميلَ ما عَرَّفتَنيهِ مِنَ الفَضلِ الَّذي عَوَّدتَنيهِ ، فَلا تَصرِف رَجائي مِن فَضلِكَ خائِباً ، ولا تَجعَل ظَنّي بِتَطَوُّلِكَ كاذِباً . سَيِّدي ، إنَّ آمالي فيكَ يَتَجاوَزُ آمالَ الآمِلينَ ، وسُؤالي إيّاكَ لا يُشبِهُ سُؤالَ السّائِلينَ ؛ لِأَنَّ السّائِلَ إذا مُنِعَ امتَنَعَ عَنِ السُّؤالِ ، وأَ نَا فَلا غَناءَ بي عَنكَ في كُلِّ حالٍ .
سَيِّدي ، غَرَّني بِكَ حِلمُكَ عَنّي إذ حَلُمتَ ، وعَفوُكَ عَن ذَنبي إذ رَحِمتَ ، وقَد عَلِمتُ أنَّكَ قادِرٌ أن تَقولَ لِلأَرضِ خُذيهِ فَتَأخُذَني ، ولِلسَّماءِ أمطِريهِ حِجارَةً فَتُمطِرَني ، ولَو أمَرتَ بَعضي أن يَأخُذَ بَعضاً لَما أمهَلَني ، فَامنُن عَلَيَّ بِعَفوِكَ عَن ذَنبي ، وتُب عَلَيَّ تَوبَةً

1.أنكال : قُيود ثِقال ويقال : أغلال (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۸۳۴ «نكل» ) .


کنز الدعاء المجلد الاول
302

النُّجومَ إلى‏ حَدِّ الاِنتِهاءِ ، ما رَدَّنِيَ اليَأسُ عَن تَوَقُّعِ غُفرانِكَ ، ولا صَرَفَنِيَ القُنوطُ عَنِ انتِظارِ رِضوانِكَ .
سَيِّدي ، قَد ذَكَرتُكَ بِالذِّكرِ الَّذي ألهَمتَنيهِ ، ووَحَّدتُكَ بِالتَّوحيدِ الَّذي أكرَمتَنيهِ ، ودَعَوتُكَ بِالدُّعاءِ الَّذي عَلَّمتَنيهِ ، فَلا تَحرِمني بِرَحمَتِكَ الجَزاءَ الَّذي وَعَدتَنيهِ ، فَمِنَ النِّعمَةِ لَكَ عَلَيَّ أن هَدَيتَني بِحُسنِ دُعائِكَ ، ومِن إتمامِها أن توجِبَ لي مَحمودَةَ جَزائِكَ .
سَيِّدي ، أنتَظِرُ عَفوَكَ كَما يَنتَظِرُهُ المُذنِبونَ ، ولَستُ أيأَسُ مِن رَحمَتِكَ الَّتي يَتَوَقَّعُهَا المُحسِنونَ . إلهي وسَيِّدِي ! انهَمَلَت بِالسَّكبِ عَبَراتي ، حينَ ذَكَرتُ خَطايايَ وعَثَراتي ، وما لَها لا تَنهَمِلُ وتَجري وتَفيضُ ماؤُها وتَذري ولَستُ أدري إلى‏ ما يَكونُ مَصيري ، وعَلى‏ ما يَتَهَجَّمُ عِندَ البَلاغِ مَسيري ، يا اُنسَ كُلِّ غَريبٍ مُفرَدٍ آنِس فِي القَبرِ وَحشَتي ، ويا ثانِيَ كُلِّ وَحيدٍ ارحَم فِي الثَّرى‏ طولَ وَحدَتي .
سَيِّدي ، كَيفَ نَظَرُكَ لي بَينَ سُكّانِ الثَّرى‏ ؟ وكَيفَ صَنيعُكَ بي في دارِ الوَحشَةِ وَالبِلى‏ ؟ فَقَد كُنتَ بي لَطيفاً أيّامَ حَياةِ الدُّنيا ، يا أفضَلَ المُنعِمينَ في آلائِهِ ، وأَنعَمَ المُفضِلينَ في نَعمائِهِ ، كَثُرَت أياديكَ فَعَجَزتُ عَن إحصائِها ، وضِقتُ ذَرعاً في شُكري لَكَ بِجَزائِها ، فَلَكَ الحَمدُ عَلى‏ ما أولَيتَ مِنَ التَّفَضُّلِ ، ولَكَ الشُّكرُ عَلى‏ ما أبلَيتَ مِنَ التَّطَوُّلِ .
يا خَيرَ مَن دَعاهُ الدّاعونَ ، وأَفضَلَ مَن رَجاهُ الرّاجونَ ، بِذِمَّةِ الإِسلامِ أتَوَسَّلُ إلَيكَ ، وبِحُرمَةِ القُرآنِ أعتَمِدُ عَلَيكَ ، وبِمُحَمَّدٍ وأَهلِ بَيتِهِ أستَشفِعُ وأَتَقَرَّبُ وأُقَدِّمُهُم أمامَ حاجَتي إلَيكَ فِي الرَّغَبِ وَالرَّهَبِ .
اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وأَهلِ بَيتِهِ الطّاهِرينَ ، وَاجعَلني بِحُبِّهِم يَومَ العَرضِ عَلَيكَ نَبيهاً ، ومِنَ الأَنجاسِ وَالأَرجاسِ نَزيهاً ، وبِالتَّوَسُّلِ بِهِم إلَيكَ مُقَرَّباً وَجيهاً يا كَريمَ الصَّفحِ وَالتَّجاوُزِ ، ومَعدِنَ العَوارِفِ وَالجَوائِزِ ، كُن عَن ذُنوبي صافِحاً مُتَجاوِزاً ، وهَب لي مِن مُراقَبَتِكَ ما يَكونُ بَيني و بَينَ مَعاصيكَ حاجِزاً .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 26538
صفحه از 579
پرینت  ارسال به