301
کنز الدعاء المجلد الاول

سَيِّدي ، إنّي شَهِدَ لِيَ الإِيمانُ بِتَوحيدِكَ ، ونَطَقَ لِساني بِتَمجيدِكَ ، ودَلَّنِي القُرآنُ عَلى‏ فَواضِلِ جودِكَ ، فَكَيفَ لا يَبتَهِجُ رَجائي بِتَحقيقِ مَوعودِكَ ، ولا تَفرَحُ اُمنِيَّتي بِحُسنِ مَزيدِكَ .
سَيِّدي ، إن غَفَرتَ فَبِفَضلِكَ ، وإن عَذَّبتَ فَبِعَدلِكَ ، فَيا مَن لا يُرجى‏ إلّا فَضلُهُ ، ولا يُخشى‏ إلّا عَدلُهُ ، اُمنُن عَلَيَّ بِفَضلِكَ ، ولا تَستَقصِ عَلَيَّ في عَدلِكَ .
سَيِّدي ، أدعوكَ دُعاءَ مُلِحٍّ لا يَمَلُّ مَولاهُ ، وأَتَضَرَّعُ إلَيكَ تَضَرُّعَ مَن أقَرَّ عَلى‏ نَفسِهِ بِالحُجَّةِ في دَعواهُ ، وخَضَعَ لَكَ خُضوعَ مَن يُؤَمِّلُكَ لِآخِرَتِهِ ودُنياهُ ، فَلا تَقطَع عِصمَةَ رَجائي ، وَاسمَع تَضَرُّعي ، وَاقبَل دُعائي ، وثَبِّت حُجَّتي عَلى‏ ما اُثبِتُ مِن دَعوايَ .
سَيِّدي ، لَو عَرَفتُ اعتِذاراً مِنَ الذَّنبِ لَأَتَيتُهُ ، فَأَنَا المُقِرُّ بِما أحصَيتَهُ وجَنَيتُهُ ، وخالَفتُ أمرَكَ فيهِ فَتَعَدَّيتُهُ ، فَهَب لي ذَنبي بِالاِعتِرافِ ، ولا تَرُدَّني في طَلِبَتي عِندَ الاِنصِرافِ .
سَيِّدي ، قَد أصَبتُ مِنَ الذُّنوبِ ما قَد عَرَفتَ ، وأَسرَفتُ عَلى‏ نَفسي بِما قَد عَلِمتَ ، فَاجعَلني عَبداً إمّا طائِعاً فَأَكرَمتَهُ ، وإمّا عاصِياً فَرَحِمتَهُ .
سَيِّدي ، كَأَنّي بِنَفسي قَد اُضجِعَت بِقَعرِ حُفرَتِها ، وَانصَرَفَ عَنهَا المُشَيِّعونَ مِن جيرَتِها ، وبَكى‏ عَلَيهَا الغَريبُ لِطولِ غُربَتِها ، وجادَ عَلَيها بِالدُّموعِ المُشفِقُ مِن عَشيرَتِها ، وناداها مِن شَفيرِ القَبرِ ذو مَوَدَّتِها ، ورَحِمَهَا المُعادي لَها فِي الحَياةِ عِندَ صَرعَتِها ، ولَم يَخفَ عَلَى النّاظِرينَ إلَيها فَرطُ فاقَتِها ، ولا عَلى‏ مَن قَد رَآها تَوَسَّدَتِ الثّرى‏ عَجزُ حيلَتِها ، فَقُلتَ : مَلائِكَتي ، فَريدٌ نَأى‏ عَنهُ الأَقرَبونَ ، وبَعيدٌ جَفاهُ الأَهلونَ ، ووَحيدٌ فارَقَهُ المالُ وَالبَنونَ ، نَزَلَ بي قَريباً ، وسَكَنَ اللَّحدَ غَريباً ، وكانَ لي في دارِ الدُّنيا داعِياً ، ولِنَظَري لَهُ في هذَا اليَومِ راجِياً ، فَتُحسِنُ عِندَ ذلِكَ ضِيافَتي ، وتَكونُ أشفَقَ عَلَيَّ مِن أهلي وقَرابَتي .
إلهي وسَيِّدي ! لَو أطبَقَت ذُنوبي ما بَينَ ثَرَى الأَرضِ إلى‏ أعنانِ السَّماءِ ، وخَرَقَتِ


کنز الدعاء المجلد الاول
300

سَيِّدي ، إن كانَت ذُنوبي قَد أخافَتني ، فَإِنَّ مَحَبَّتي لَكَ قَد آمَنَتني ، فَتَوَلَّ مِن أمري ما أنتَ أهلُهُ ، وعُد بِفَضلِكَ عَلى‏ مَن قَد غَمَرَهُ جَهلُهُ ، يا مَنِ السِّرُّ عِندَهُ عَلانِيَةُ ، ولا تَخفى‏ عَلَيهِ مِنَ الغَوامِضِ خافِيَةٌ ، فَاغفِر لي ما خَفِيَ عَلَى النّاسِ مِن أمري ، وخَفِّف بِرَحمَتِكَ مِن ثِقلِ الأَوزارِ ظَهري .
سَيِّدي ، سَتَرتَ عَلَيَّ ذُنوبي فِي الدُّنيا ولَم تُظهِرها ، فَلا تَفضَحني بِها فِي القِيامَةِ وَاستُرها ، فَمَن أحَقُّ بِالسَّترِ مِنكَ يا سَتّارُ ، ومَن أولى‏ مِنكَ بِالعَفوِ عَنِ المُذنِبينَ يا غَفّارُ .
إلهي ! جودُكَ بَسَطَ أمَلي ، وسَترُكَ قَبِلَ عَمَلي ، فَسُرَّني بِلِقائِكَ عِندَ اقتِرابِ أجَلي .
سَيِّدي ، لَيسَ اعتِذاري إلَيكَ اعتِذارَ مَن يَستَغني عَن قَبولِ عُذرِهِ ، ولا تَضَرُّعي تَضَرُّعَ مَن يَستَنكِفُ عَن مَسأَلَتِكَ لِكَشفِ ضُرِّهِ ، فَاقبَل عُذري يا خَيرَ مَنِ اعتَذَرَ إلَيهِ المُسيؤونَ ، وأَكرَمَ مَنِ استَغفَرَهُ الخاطِئونَ .
سَيِّدي ، لا تَرُدَّني في حاجَةٍ قَد أفنَيتُ عُمُري في طَلَبِها مِنكَ ، ولا أجِدُ غَيرَكَ مَعدِلاً بِهاَ عَنكَ .
سَيِّدي ، لَو أرَدتَ إهانَتي لَم تَهدِني ، ولَو أرَدتَ فَضيحَتي لَم تَستُرني ، فَأَدِم إمتاعي بِما لَهُ هَدَيتَني ، ولا تَهتِك عَمّا بِهِ سَتَرتَني .
سَيِّدي ، لَولا مَا اقتَرَفتُ مِنَ الذُّنوبِ ما خِفتُ عِقابَكَ ، ولَولا ما عَرَفتُ مِن كَرَمِكَ ما رَجَوتُ ثَوابَكَ ، وأَنتَ أكرَمُ الأَكرَمينَ بِتَحقيقِ آمالِ الآمِلينَ ، وأَرحَمُ مَنِ استُرحِمَ فِي التَّجاوُزِ عَنِ المُذنِبينَ .
سَيِّدي ، ألقَتنِي الحَسَناتُ بَينَ جودِكَ وإحسانِكَ ، وأَلقَتنِي السَّيِّئاتُ بَينَ عَفوِكَ وغُفرانِكَ ، وقَد رَجَوتُ أن لا يُضَيَّعَ بَينَ ذَينَ وذَينَ مُسي‏ءٌ مُرتَهَنٌ بِجَريرَتِهِ ۱ ، ومُحسِنٌ مُخلِصٌ في بَصيرَتِهِ .

1.الجَريرَةُ : الجِنايَةُ والذنب ( النهاية : ج ۱ ص ۲۵۸ « جرر » ) .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 26580
صفحه از 579
پرینت  ارسال به