299
کنز الدعاء المجلد الاول

وأَنتَ القادِرُ سَيِّدي عَلى‏ كَشفِ غَماها .
سَيِّدي ، أمَرتَ بِالمَعروفِ وأَنتَ أولى‏ بِهِ مِنَ المَأمورينَ ، وحَضَضتَ عَلى‏ إعطاءِ السّائِلينَ وأَنتَ خَيرُ المَسؤولينَ ، ونَدَبتَ إلى‏ عِتقِ ۱ الرِّقابِ وأَنتَ خَيرُ المُعتِقينَ ، وَحَثثتَ عَلَى الصَّفحِ عَنِ المُذنِبينَ وأَنتَ أكرَمُ الصّافِحينَ .
سَيِّدي ، إن تَلَونا مِن كِتابِكَ سَعَةَ رَحمَتِكَ أشفَقنا من مُخالَفَتِكَ ، وفَرِحنا بِبَذلِ رَحمَتِكَ ، وإذا تَلَونا ذِكرَ عُقوبَتِكَ جَدَدنا في طاعَتِكَ ، وفَرِقنا مِن أليمِ نَقِمَتِكَ ، فَلا رَحمَتُكَ تُؤمِنُنا ، ولا سَخَطُكَ يُؤيِسُنا .
سَيِّدي ، كَيفَ يَتَمَنَّعُ مَن فيها مِن طَوارِقِ الرَّزايا ، وقَد رُشِقَ في كُلِّ دارٍ مِنها سَهمٌ مِن سِهامِ المَنايا ؟
سَيِّدي ، إن كانَ ذَنبي مِنكَ قَد أخافَني فَإِنَّ حُسنَ ظَنّي بِكَ قَد أجارَني ، وإن كانَ خَوفُكَ قَد أربَقَني ۲ فَإِنَّ حُسنَ نَظَرِكَ لي قَد أطلَقَني .
سَيِّدي ، إن كانَ قَد دَنا مِنّي أجَلي ولَم يُقَرِّبني مِنكَ عَمَلي ، فَقَد جَعَلتُ الاِعتِرافَ بِالذَّنبِ أوجَهَ وَسائِلِ عِلَلي .
سَيِّدي ، مَن أولى‏ بِالرَّحمَةِ مِنكَ إن رَحِمتَ ، ومَن أعدَلُ فِي الحُكمِ مِنكَ إن عَذَّبتَ .
سَيِّدي ، لَم تَزل بَرّاً بي أيّامَ حَياتي ، فَلا تَقطَع لَطيفَ بِرِّكَ بي بَعدَ وَفاتي .
سَيِّدي ، كَيفَ آيَسُ مِن حُسنِ نَظَرِكَ بي بَعدَ مَماتي ، وأَنتَ لَم تُوَلِّني إلّا جَميلاً في حَياتي .
سَيِّدي ، عَفوُكَ أعظَمُ مِن كُلِّ جُرمٍ ، ونِعمَتُكَ مَمحاةٌ لِكُلِّ إثمٍ .

1.في المصدر : «عتيق» ، والتصويب من الصحيفة السجّاديّة الجامعة : ص ۴۵۵ .

2.الرَّبقُ : حَبلٌ فيه عدّة عرى يُشَدُّ به البُهُمُ الصغار ، وربقه : جَعل رأسه في الربقة - أي قيّده - (تاج العروس : ج ۱۳ ص ۱۵۹ «ربق») .


کنز الدعاء المجلد الاول
298

إلهي ! لَولا ما جَهِلتُ مِن أمري لَم أستَقِلكَ عَثَراتي ، ولَولا ما ذَكَرتُ مِن شِدَّةِ التَّفريطِ لَم أسكُب عَبَراتي ، سَيِّدي ، فَامحُ مُثبَتاتِ العَثَراتِ لِمُسبَلاتِ العَبَراتِ ، وهَب كَثيرَ السَّيِّئاتِ بِقَليلِ الحَسَناتِ .
سَيِّدي ، إن كُنتَ لا تَرحَمُ إلَّا المُجِدّينَ في طاعَتِكَ فَإِلى‏ مَن يَفزَعُ المُقَصِّرونَ ؟ وإن كُنتَ لا تَقبَلُ إلّا مِنَ المُجتَهِدينَ فَإِلى‏ مَن يَلجَأُ الخاطِئونَ ؟ وإن كُنتَ لا تُكرِمُ إلّا أهلَ الإِحسانِ فَكَيفَ يَصنَعُ المُسيئونَ ؟ وإن كانَ لا يَفوزُ يَومَ الحَشرِ إلَّا المُتَّقونَ فَبِمَن يَستَغيثُ المُذنِبونَ ؟
سَيِّدي ، إن كانَ لا يَجوزُ عَلَى الصِّراطِ إلّا مَن أجازَتهُ بَراءَةُ عَمَلِهِ ، فَأَنّى‏ بِالجَوازِ لِمَن لَم يَتُب إلَيكَ قَبلَ دُنُوِّ أجَلِهِ ؟ وإن لَم تَجُد إلّا عَلى‏ مَن عَمَّرَ بِالزُّهدِ مَكنونَ سَريرَتِهِ ، فَمَن لِلمُضطَرِّ الَّذي لَم يُرضِهِ بَينَ العالَمينَ سَعيُ نَقِيَّتِهِ ؟
سَيِّدي ، إن حَجَبتَ عَن أهلِ تَوحيدِكَ نَظَرَ تَغَمُّدِكَ بِخَطيئاتِهِم ، أوبَقَهُم ۱ غَضَبُكَ بَينَ المُشرِكينَ بِكُرُباتِهِم .
سَيِّدي ، إن لَم تَشمَلنا يَدُ إحسانِكَ يَومَ الوُرودِ ، اختَلَطنا فِي الخِزيِ يَومَ الحَشرِ بِذَوِي الجُحودِ ، فَأَوجِب لَنا بِالإِسلامِ مَذخورَ هِباتِكَ ، وأَصفِ ما كَدَّرَتهُ الجَرائِمُ بِصَفحِ صِلاتِكَ .
سَيِّدي ، لَيسَ لي عِندَكَ عَهدٌ اتَّخَذتُهُ ، ولا كَبيرُ عَمَلٍ أخلَصتُهُ ، إلّا أنّي واثِقٌ بِكَريمِ أفعالِكَ ، راجٍ لِجَسيمِ إفضالِكَ ، عَوَّدتَني مِن جَميلِ تَطَوُّلِكَ عادَةً أنتَ أولى‏ بِإِتمامِها ، ووَهَبتَ لي مِن خُلوصِ مَعرِفَتِكَ حَقيقَةً أنتَ المَشكورُ عَلى‏ إلهامِها .
سَيِّدي ، ما جَفَّت هذِهِ العُيونُ لِفَرطِ بُكائِها ، ولا جادَت هذِهِ الجُفونُ بِفَيضِ مائِها ، ولا أسعَدَها نَحيبُ الباكِياتِ الثّاكِلاتِ لِفَقدِ عَزائِها ، إلّا لِما أسلَفَتهُ مِن عَمدِها وخَطائِها ،

1.أَوبَقه : أهلكه (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۳۷۰ «وبق») .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 26594
صفحه از 579
پرینت  ارسال به