293
کنز الدعاء المجلد الاول

أرواحِهِم ، ومَقامِ فَلاحِهِم ، فَيُضاعِفُ اللَّهُ لَهُم تَحِيّاتِها ، ويُشَرِّفُ لَدَيهِم صَلَواتِها ، فَتَتَلَقّاهُم مَقرونَةً بِالرَّوحِ وَالسُّرورِ ، مَحفوفَةً بِالنَّضارَةِ وَالنّورِ ، دائِمَةً بِلا فَناءٍ ولا فُتورٍ .
اللَّهُمَّ اجعَل أكمَلَ صَلَواتِكَ وأَشرَفَها ، وأَجمَلَ تَحِيّاتِكَ وأَلطَفَها ، وأَشمَلَ بَرَكاتِكَ وأَعطَفَها ، وأَجَلَّ هِباتِكَ وأرأَفَها ، عَلى‏ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ وأَكرَمِ الاُمِّيّينَ ۱ ، وعَلى‏ أهلِ بَيتِهِ الأَصفِياءِ الطّاهِرينَ ، وعِترَتِهِ النُّجَباءِ المُختارينَ ، وشيعَتِهِ الأَوفِياءِ المُوازِرينَ ، مِن أنصارِهِ وَالمُهاجِرينَ ، وأَدخِلنا في شَفاعَتِهِ يَومَ الدّينِ ، مَعَ مَن دَخَلَ في زُمرَتِهِ مِنَ المُوَحِّدينَ ، يا أكرَمَ الأَكرَمينَ ، ويا أرحَمَ الرّاحِمينَ .
اللَّهُمَّ أنتَ المَلِكُ الَّذي لا يُمَلَّكُ ، وَالواحِدُ الَّذي لا شَريكَ لَكُ ، يا سامِعَ السِّرِّ وَالنَّجوى‏ ، ويا دافِعَ الضُّرِّ وَالبَلوى‏ ، ويا كاشِفَ العُسرِ وَالبُؤسى‏ ، وقابِلَ العُذرِ وَالعُتبى‏ ، ومُسبِلَ السِّترِ عَلَى الوَرى‏ ، جَلِّلني مِن رَأفَتِكَ بِأَمرٍ واقٍ ، وسَمِّني ۲ مِن رِعايَتِكَ بِرُكنٍ باقٍ ، وأَوصِلني بِعِنايَتِكَ إلى‏ غايَةِ السِّباقِ ، وَاجعَلني بِرَحمَتِكَ مِن أهلِ الرِّعايَةِ لِلميثاقِ ، وَاعمُر قَلبي بِخَشيَةِ ذَوِي الإِشفاقِ ، يا مَن لَم يَزَل فِعلُهُ بي حَسَناً جَميلاً ، ولَم يَكُن بِسَترِهِ عَلَيَّ بَخيلاً ، ولا بِعُقوبَتِهِ عَلَيَّ عَجولاً ، أتمِم عَلَيَّ ما ظاهَرتَ مِن تَفَضُّلِكَ ، ولا تُؤاخِذني بِما سَتَرتَ عَلَيَّ عِندَ نَظَرِكَ .
سَيِّدي ، كَم مِن نِعمَةٍ ظَلَلتُ لِأَنيقِ بَهجَتِها لابِساً ، وكَم أسدَيتَ عِندي مِن يَدٍ قَد طَفِقتَ ۳ بِهدايَتِها مُنافِساً ، وكَم قَلَّدتَني مِن مِنَّةٍ ضَعُفَت قُوايَ عَن حَملِها ، وذَهِلَت فِطنَتي عَن ذِكرِ فَضلِها ، وعَجَزَ شُكري عَن جَزائِها ، وضِقتُ ذَرعاً بِإِحصائِها ، قابَلتُكَ فيها بِالعِصيانِ ، ونَسيتُ شُكرَ ما أولَيتَني فيها مِنَ الإِحسانِ ، فَمَن أسوَأُ حالاً مِنّي إن لَم تَتَدارَكني بِالغُفرانِ ، وتوزِعني شُكرَ مَا اصطَنَعتَ عِندي مِن فَوائِدِ الاِمتِنانِ ، فَلَستُ

1.في الصحيفة السجّاديّة الجامعة ص ۴۴۶ : «وأكرم المُرسَلينَ المبعوث في الاُمّيّين» .

2.سما بِهِ وأسماه : أعلاه (لسان العرب : ج ۱۴ ص ۳۹۷ «سمو») .

3.طفق فلانٌ بما أراد : أي ظَفِر (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۲۲۵ «طفق») .


کنز الدعاء المجلد الاول
292

فَحَواهُ ، فَسَبَّحَت لَهُ السَّماواتُ وأَكنافُها ، وَالأَرضُ وأَطرافُها ، وَالجِبالُ وأَعرافُها ۱ ، وَالشَّجَرُ وأَغصانُها ، وَالبِحارُ وحيتانُها ، وَالنُّجومُ في مَطالِعِها ، وَالأَمطارُ في مَواقِعِها ، ووُحوشُ الأَرضِ وسِباعُها ، ومَدَدُ الأَنهارِ وأَمواجُها ، وعَذبُ المِياهِ واُجاجُها ۲ ، وهُبوبُ الرّيحِ وعَجاجُها ، وكُلُّ ما وَقَعَ عَلَيهِ وَصفٌ وتَسمِيَةٌ ، أو يُدرِكُهُ حَدٌّ يَحويهِ ، مِمّا يُتَصَوَّرُ فِي الفِكرِ ، أو يُتَمَثَّلُ بِجِسمٍ أو قَدَرٍ ، أو يُنسَبُ إلى‏ عَرَضٍ أو جَوهَرٍ ، مِن صَغيرٍ حَقيرٍ ، أو خَطيرٍ كَبيرٍ ، مُقِرّاً لَهُ بِالعُبودِيَّةِ خاشِعاً ، مُعتَرِفاً لَهُ بِالوَاحدانِيَّةِ طائِعاً ، مُستَجيباً لِدَعوَتِهِ خاضِعاً ، مُتَضَرِّعاً لِمَشِيَّتِهِ مُتَواضِعاً ، لَهُ المُلكُ الَّذي لا نَفادَ لِدَيمومِيَّتِهِ ، ولَا انقِضاءَ لِعِدَّتِهِ .
وأَشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ الكَريمُ ، ورَسولُهُ الطّاهِرُ المَعصومُ ، بَعَثَهُ وَالنّاسُ في غَمرَةِ الضَّلالَةِ ساهونَ ، وفي غِرَّةِ الجَهالَةِ لاهونَ ، لا يَقولونَ صِدقاً ، ولا يَستَعمِلونَ حَقّاً ، قَدِ اكتَنَفَتهُمُ القَسوَةُ ، وحَقَّت عَلَيهِمُ الشِّقوَةُ ، إلّا مَن أحَبَّ اللَّهُ إنقاذَهُ ، ورَحِمَهُ وأَعانَهُ ، فَقامَ مُحَمَّدٌ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ وآلِهِ فيهِم مُجِدّاً في إنذارِهِ ، مُرشِداً لِأَنوارِهِ ، بِعَزمٍ ثاقِبٍ ، وحُكمٍ واجِبٍ ، حَتّى‏ تَأَلَّقَ شِهابُ الإِيمانِ ، وتَفَرَّقَ حِزبُ الشَّيطانِ ، وأَعَزَّ اللَّهُ جُندَهُ ، وعُبِدَ وَحدَهُ .
ثُمَّ اختارَهُ اللَّهُ فَرَفَعَهُ إلى‏ رَوحِ جَنَّتِهِ، وفَسيحِ كَرامَتِهِ، فَقَبَضَهُ تَقِيّاً زَكِيّاً راضِياً مَرضِيّاً طاهِراً نَقِيّاً ، (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ۳ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ و عَلى‏ آلِهِ وأَقرَبيهِ ، وذَوي رَحمِهِ ومَواليهِ ، صَلاةً جَليلَةً جَزيلَةً ، مَوصولَةً مَقبولَةً ، لَا انقِطاعَ لِمَزيدِها ، ولَا اتِّضاعَ لِمَشيدِها ، ولَا امتِناعَ لِصُعودِها ، تَنتَهي إلى‏ مَقَرِّ

1.في المصدر : «أعراقها» ، وما اُثبت من بعض نسخ المصدر ومن الصحيفة السجّاديّة الجامعة : ص ۴۴۵ . والأعراف - جمع عُرف - : وهو كلّ عال مرتفع (لسان العرب : ج ۹ ص ۲۴۲ «عرف») .

2.الاُجاج : شديد الملوحه والحرارة : (مفردات ألفاظ القرآن : ص ۶۴ «أجج» ) .

3.الأنعام : ۱۱۵ .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 26637
صفحه از 579
پرینت  ارسال به