137
کنز الدعاء المجلد الاول

فَقُدرَتُكَ يا سَيِّدي فَوقَ كُلِّ قُدرَةٍ ، وسُلطانُكَ غالِبٌ كُلَّ سُلطانٍ ، ومَعادُ كُلِّ أحَدٍ إلَيكَ وإن أمهَلتَهُ ، ورُجوعُ كُلِّ ظالِمٍ إلَيكَ وإن أنظَرتَهُ ، وقَد أضَرَّني يا سَيِّدي حِلمُكَ عَن فُلانٍ وطولُ أناتِكَ لَهُ وإمهالُكَ إيّاهُ ، فَكادَ القُنوطُ يَستَولي عَلَيَّ لَولَا الثِّقَةُ بِكَ وَاليَقينُ بِوَعدِكَ .
وإن كانَ في قَضائِكَ النّافِذِ وقُدرَتِكَ الماضِيَةِ أنَّهُ يُنيبُ أو يَتوبُ ، أو يَرجِعُ عَن ظُلمي ويَكُفُّ عَن مَكروهي ، ويَنتَقِلُ عَن عَظيمِ ما رَكِبَ مِنّي ؛ فَصَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وأَوقِع ذلِكَ في قَلبِهِ السّاعَةَ السّاعَةَ ، قَبلَ إزالَةِ نِعمَتِكَ الَّتي أنعَمتَ بِها عَلَيَّ ، وتَكديرِ مَعروفِكَ الَّذي صَنَعتَهُ عِندي .
وإن كانَ عِلمُكَ بِهِ غَيرَ ذلِكَ مِن مُقامِهِ عَلى‏ ظُلمي ؛ فَإِنّي أسأَ لُكَ يا ناصِرَ المَظلومينَ المَبغِيِّ عَلَيهِم إجابَةَ دَعوَتي ، فَصَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وخُذهُ مِن مَأمَنِهِ أخذَ عَزيزٍ مُقتَدِرٍ ، وَافجَأهُ في غَفلَتِهِ مُفاجَأَةَ مَليكٍ مُنتَصِرٍ ، وَاسلُبهُ نِعمَتَهُ وسُلطانَهُ ، وَافضُض عَنهُ جُموعَهُ وأَعوانَهُ ، ومَزِّق مُلكَهُ كُلَّ مُمَزَّقٍ ، وفَرِّق أنصارَهُ كُلَّ مُفَرَّقٍ ، وأَعرِهِ مِن نِعمَتِكَ الَّتي لا يُقابِلُها بِالشُّكرِ ، وَانزِع عَنهُ سِربالَ عِزِّكَ الَّذي لَم يُجازِهِ بِإِحسانٍ ، وَاقصِمهُ يا قاصِمَ الجَبابِرَةِ ، وأَهلِكهُ يا مُهلِكَ القُرونِ الخالِيَةِ ، وأَبِرهُ يا مُبِيرَ الاُمَمِ الظّالِمَةِ ، وَاخذُلهُ يا خاذِلَ الفِرَقِ الباغِيَةِ ، وَابتُر عُمُرَهُ ، وَابتَزَّ مُلكَهُ ، وعِفَّ أثَرَهُ ، وَاقطَع خَبَرَهُ ، وأَطفِ نارَهُ ، وأَظلِم نَهارَهُ ، وكَوِّر شَمسَهُ ، وأَزهِق نَفسَهُ ، وَاهشِم سوقَهُ ، وجُبَّ سَنامَهُ ، وأَرغِم أنفَهُ ، وعَجِّل حَتفَهُ ، ولا تَدَع لَهُ جُنَّةً إلّا هَتَكتَها ، ولا دِعامَةً إلّا قَصَمتَها ، ولا كَلِمَةً مُجتَمِعَةً إلّا فَرَّقتَها ، ولا قائِمَةَ عُلُوٍّ إلّا وَضَعتَها ، ولا رُكناً إلّا وَهَنتَهُ ، ولا سَبَباً إلّا قَطَعتَهُ ، وأَرِنا أنصارَهُ عَباديدَ بَعدَ الاُلفَةِ ۱ ، وشَتّى‏ بَعدَ اجتِماعِ الكَلِمَةِ ، ومُقنِعِي الرُّؤوسِ بَعدَ

1.قال العلّامة المجلسي في توضيح بعض عبارات الدعاء : الإزهاق : إخراج النفس والإهلاك . والهَشم : كَسر الشي‏ء اليابس . والسّوق : جمع الساق . والجَبّ : القطع . والسَّنام - بالفتح - : معروف ، وجُبَّ سَنامَه : كناية عن إذهاب ما يوجب عِنّه ورفعتَه . والحَتف : الموت . و«لا قائمة علوّ» : أي قائمة توجب العلوّ . وقال الجوهري : السبب : الحبل . والسبب أيضاً : كل شي‏ء يُتوصّل به إلى غيره . وقال العباديد : الفِرَق من الناس الذاهبون في كلّ وَجه ، قال سيبويه : لا واحِدَ له (بحار الأنوار : ج ۸۵ ص ۲۴۳) .


کنز الدعاء المجلد الاول
136

أمرَهُ إلَيكَ ، وتَوَكَّلتُ في شَأنِهِ عَلَيكَ ، وتَوَعَّدتُهُ بِعُقوبَتِكَ ، وحَذَّرتُهُ بِبَطشِكَ ، وخَوَّفتُهُ نَقِمَتَكَ ، فَظَنَّ أنَّ حِلمَكَ عَنهُ مِن ضَعفٍ ، وحَسِبَ أنَّ إملاءَكَ لَهُ مِن عَجزٍ ، ولَم تَنهَهُ واحِدَةٌ عَن اُخرى‏ ، ولَا انزَجَرَ عَن ثانِيَةٍ بِاُولى‏ ، لكِنَّهُ تَمادى‏ في غَيِّهِ ، وتَتابَعَ في ظُلمِهِ ، ولَجَّ في عُدوانِهِ ، وَاستَثرى‏ في طُغيانِهِ ؛ جُرأَةً عَلَيكَ يا سَيِّدي ومَولايَ ، وتَعَرُّضاً لِسَخَطِكَ الَّذي لا تَرُدُّهُ عَنِ الظّالِمينَ ، وقِلَّةَ اكتِراثٍ بِبَأسِكَ الَّذي لا تَحبِسُهُ عَنِ الباغينَ .
فَها أنَا ذا يا سَيِّدي مُستَضعَفٌ في يَدِهِ ، مُستَضامٌ تَحتَ سُلطانِهِ ، مُستَذَلٌّ بِفِنائِهِ ، مَغصوبٌ مَغلوبٌ مَبغِيٌّ عَلَيَّ ، مَرعوبٌ وَجِلٌ خائِفٌ مُرَوَّعٌ مَقهورٌ ، قَد قَلَّ صَبري ، وضاقَت حيلَتي ، وَانغَلَقَت عَلَيَّ المَذاهِبُ إلّا إلَيكَ ، وَانسَدَّت عَنِّي الجِهاتُ إلّا جِهَتُكَ ، وَالتَبَسَت عَلَيَّ اُموري في دَفعِ مَكروهِهِ عَنّي ، وَاشتَبَهَت عَلَيَّ الآراءُ في إزالَةِ ظُلمِهِ ، وخَذَلَني مَنِ استَنصَرتُهُ مِن خَلقِكَ ، وأَسلَمَني مَن تَعَلَّقتُ بِهِ مِن عِبادِكَ ، فَاستَشَرتُ نَصيحي فَأَشارَ عَلَيَّ بِالرَّغبَةِ إلَيكَ ، وَاستَرشَدتُ دَليلي فَلَم يَدُلَّني إلّا إلَيكَ ، فَرَجَعتُ إلَيكَ يا مَولايَ صاغِراً راغِماً مُستَكيناً ، عالِماً أنَّهُ لا فَرَجَ لي إلّا عِندَكَ ، ولا خَلاصَ لي إلّا بِكَ ، أنتَجِزُ وَعدَكَ في نُصرَتي وإجابَةِ دُعائي ؛ لِأَنَّ قَولَكَ الحَقُّ الَّذي لا يُرَدُّ ولا يُبَدَّلُ ، وقَد قُلتَ تَبارَكتَ وتَعالَيتَ : «ومَن بُغِيَ عَلَيهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ» ۱ ، وقُلتَ جَلَّ ثَناؤُكَ وتَقَدَّسَت أسماؤُكَ : ( ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ۲ ، فَها أنَا ذا فاعِلٌ ما أمَرتَني بِهِ ، لا مَنّاً عَلَيكَ ، وكَيفَ أمُنُّ بِهِ وأَنتَ عَلَيهِ دَلَلتَني ! فَصَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَاستَجِب لي كَما وَعَدتَني ، يا مَن لا يُخلِفُ الميعادَ .
وإنّي لَأَعلَمُ يا سَيِّدي أنَّ لَكَ يَوماً تَنتَقِمُ فيهِ مِنَ الظّالِمِ لِلمَظلومِ ، وأَتَيَقَّنُ أنَّ لَكَ وَقتاً تَأخُذُ فيهِ مِنَ الغَاصِبِ لِلمَغصوبِ ، لِأَنَّكَ لا يَسبِقُكَ مُعانِدٌ ، ولا يَخرُجُ مِن قَبضَتِكَ مُنابِذٌ ، ولا تَخافُ فَوتَ فائِتٍ ، ولكِنَّ جَزَعي وهَلَعي لا يَبلُغانِ الصَّبرَ عَلى‏ أناتِكَ وَانتِظارَ حِلمِكَ ،

1.إشارة إلى مضمون الآية الكريمة ۶۰ من سورة الحجّ ، وهي : ( . . . ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ . . . ) .

2.غافر : ۶۰ .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 26163
صفحه از 579
پرینت  ارسال به