491
کنز الدعاء المجلد الثانی

بِتَأييدٍ مِن عَونِكَ ، وكافِني عَلَيهِ بِجَزيلِ عَطائِكَ .
اللَّهُمَّ اُثني عَلَيكَ أحسَنَ الثَّناءِ ؛ لِأَنَّ بَلاءَكَ عِندي أحسَنُ البَلاءِ ، أوقَرتَني ۱ نِعَماً وأَوقَرتُ نَفسي ذُنوباً ، كَم مِن نِعمَةٍ أسبَغتَها عَلَيَّ لَم اُؤَدِّ شُكرَها ؟ ! وكَم مِن خَطيئَةٍ أحصَيتَها عَلَيَّ أستَحيي مِن ذِكرِها ، وأَخافُ جَزاءَها ؟ ! إن تَعفُ لي عَنها فَأَهلُ ذلِكَ أنتَ ، وإن تُعاقِبني عَلَيها فَأَهلُ ذلِكَ أنَا .
اللَّهُمَّ فَارحَم نِدائي إذا نادَيتُكَ ، وأَقبِل عَلَيَّ إذا ناجَيتُكَ ، فَإِنّي أعتَرِفُ لَكَ بِذُنوبي ، وأَذكُرُ لَكَ حاجَتي ، وأَشكو إلَيكَ مَسكَنَتي وفاقَتي وقَسوَةَ قَلبي ومَيلَ نَفسي ، فَإِنَّكَ قُلتَ : (فَمَا اسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ وَ مَا يَتَضَرَّعُونَ)۲ ، وها أنَا ذا يا إلهي قَدِ استَجَرتُ بِكَ ، وقَعَدتُ بَينَ يَدَيكَ مُستَكيناً ، مُتَضَرِّعاً إلَيكَ ، راجِياً لِما عِندَكَ ، تَراني وتَعلَمُ ما في نَفسي ، وتَسمَعُ كَلامي ، وتَعرِفُ حاجَتي ومَسكَنَتي وحالي ومُنقَلَبي ومَثوايَ ، وما اُريدُ أن أبتَدِئَ فيهِ مِن مَنطِقي ، وَالَّذي أرجو مِنكَ في عاقِبَةِ أمري ، وأَنتَ مُحصٍ لِما اُريدُ التَّفَوُّهَ بِهِ مِن مَقالَتي .
جَرَت مَقاديرُكَ بِأَسبابي وما يَكونُ مِنّي في سَريرَتي وعَلانِيَتي ، وأَنتَ مُتِمٌّ لي ما أخَذتَ عَلَيهِ ميثاقي ، وبِيَدِكَ لا بِيَدِ غَيرِكَ زِيادَتي ونُقصاني .
فَأَحَقُّ ما اُقَدِّمُ إلَيكَ قَبلَ ذِكرِ حاجَتي ، وَالتَّفَوُّهِ بِطَلِبَتي ، شَهادَتي بِوَحدانِيَّتِكَ ، وإقراري بِرُبوبِيَّتِكَ الَّتي ضَلَّت عَنهَا الآراءُ ، وتاهَت فيهَا العُقولُ ، وقَصُرَت دونَهَا الأَوهامُ، وكَلَّت عَنهَا الأَحلامُ ، وَانقَطَعَ دونَ كُنهِ ۳ مَعرِفَتِها مَنطِقُ الخَلائِقِ ، وكَلَّتِ الأَلسُنُ عَن غايَةِ وَصفِها ، فَلَيسَ لِأَحَدٍ أن يَبلُغَ شَيئاً مِن وَصفِكَ ، ويَعرِفَ شَيئاً مِن نَعتِكَ إلّا ما حَدَّدتَهُ ووَصَفتَهُ ووَقَّفتَهُ عَلَيهِ ، وبَلَّغتَهُ إيّاهُ ، فَأَنَا مُقِرٌّ بِأَنّي لا أبلُغُ ما أنتَ أهلُهُ مِن تَعظيمِ

1.الوِقرُ : الحِملُ الثقيل (لسان العرب : ج ۵ ص ۲۸۹ «وقر») .

2.المؤمنون : ۷۶ .

3.كُنهُ الأمرِ : حقيقتُه (النهاية : ج ۴ ص ۲۰۶ «كنه») .


کنز الدعاء المجلد الثانی
490

مِن حُجَجِكَ ، قُدرَةً مِنكَ عَلَى استِخلاصِ أفاضِلِ عِبادِكَ ، وحَضّاً ۱ لَهُم عَلى‏ أداءِ مَضمونِ شُكرِكَ ، وجَعَلتَ تِلكَ الأَسبابَ بِخَصائِصَ مِن أهلِ الإِحسانِ عِندَكَ ، وذَوِي الحِباءِ ۲ لَدَيكَ ؛ تَفضيلاً لِأَهلِ المَنازِلِ مِنكَ ، وتَعليماً أنَّ ما أمَرتَ بِهِ مِن ذلِكَ مُبَرَّأٌ مِنَ الحَولِ وَالقُوَّةِ إلّا بِكَ ، وشاهِداً في إمضاءِ الحُجَّةِ عَلى‏ عَدلِكَ ، وقَوامِ وُجوبِ حُكمِكَ .
اللَّهُمَّ وقَدِ استَشفَعتُ المَعرِفَةَ بِذلِكَ إلَيكَ ، ووَثِقتُ بِفَضيلَتِها عِندَكَ ، وقَدَّمتُ الثِّقَةَ بِكَ وَسيلَةً فِي استِنجازِ مَوعودِكَ ، وَالأَخذِ بِصالِحِ ما نَدَبتَ إلَيهِ عِبادَكَ ، وَانتِجاعاً ۳ بِها مَحَلَّ تَصديقِكَ ، وَالإِنصاتَ إلى‏ فَهمِ غَباوَةِ الفَطِنِ عَن تَوحيدِكَ ؛ عِلماً مِنّي بِعَواقِبِ الخِيَرَةِ في ذلِكَ ، وَاستِرشاداً لِبُرهانِ آياتِكَ ، وَاعتَمَدتُكَ حِرزاً واقِياً مِن دونِكَ ، وَاستَنجَدتُ الاِعتِصامَ بِكَ كافِياً مِن أسبابِ خَلقِكَ ، فَأَرِني مُبَشِّراتٍ مِن إجابَتِكَ تَفي بِحُسنِ الظَّنِّ بِكَ ، وتَنفي عَوارِضَ التُّهَمِ لِقَضائِكَ ، فَإِنَّهُ ضَمانُكَ لِلمُجتَدينَ ۴ ووَفاؤُكَ لِلرّاغِبينَ إلَيكَ .
اللَّهُمَّ ولا أذِلَّنَّ عَلَى التَّعَزُّزِ بِكَ ، ولا أستَقفِيَنَّ نَهجَ الضَّلالَةِ عَنكَ ، وقَد أمَّتكَ رَكائِبُ طَلِبَتي ، وَانتَحَت ۵ نَوازِعُ الآمالِ مِنّي إلَيكَ ، وناجاكَ عَزمُ البَصائِرِ لي فيكَ .
اللَّهُمَّ ولا اُسلَبَنَّ عَوائِدَ مِنَنِكَ غَيرَ مُتَوَسِّماتٍ إلى‏ غَيرِكَ .
اللَّهُمَّ وجَدِّد لي وُصلَةَ الاِنقِطاعِ إلَيكَ ، وَاصدُد قُوى‏ سَبَبي عَن سِواكَ ، حَتّى‏ أفِرَّ عَن مَصارِعِ الهَلَكاتِ إلَيكَ ، وأَحُثَّ الرِّحلَةَ إلى‏ إيثارِكَ بِاستِظهارِ اليَقينِ فيكَ ، فَإِنَّهُ لا عُذرَ لِمَن جَهِلَكَ بَعدَ استِعلاءِ الثَّناءِ عَلَيكَ ، ولا حُجَّةَ لِمَنِ اختَزَلَ ۶ عَن طريقِ العِلمِ بِكَ مَعَ إزاحَةِ اليَقينِ مَواقِعَ الشَّكِّ فيكَ ، ولا يَبلُغُ إلى‏ فَضائِلِ القِسَمِ إلّا بِتَأييدِكَ وتَسديدِكَ ، فَتَوَلَّني

1.حَضَّهُ : أي حَثَّهُ عليه (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۴۲۰ «حضض») .

2.الحباء : المِنحَةُ والعطيّة (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۳۵۷ «حبا») .

3.الانتجاعُ : طلبُ الإحسان (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۷۵۳ «نجع») .

4.اجتدى‏ : إذا سَألَ وطَلبَ (النهاية : ج ۱ ص ۲۴۹ «جدا») .

5.في المصادر الاُخرى : «اُنيخت» ، وهو الأنسب .

6.اختزل بِرأيه : انفرد (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۲۰۴ «خزل») .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 26219
صفحه از 509
پرینت  ارسال به