439
کنز الدعاء المجلد الثانی

ودُعائي خاضِعاً لِرُبوبِيَّتِكَ ، هَيهاتَ أنتَ أكرَمُ مِن أن تُضَيِّعَ مَن رَبَّيتَهُ ، أو تُبَعِّدَ مَن أدنَيتَهُ ، أو تُشَرِّدَ مَن آوَيتَهُ ، أو تُسَلِّمَ إلَى البَلاءِ مَن كَفَيتَهُ ورَحِمتَهُ !
ولَيتَ شِعري يا سَيِّدي وإلهي ومَولايَ ! أ تُسَلِّطُ النّارَ عَلى‏ وُجوهٍ خَرَّت لِعَظَمَتِكَ ساجِدَةً ، وعَلى‏ ألسُنٍ نَطَقَت بِتَوحيدِكَ صادِقَةً ، وبِشُكرِكَ مادِحَةً ، وعَلى‏ قُلوبٍ اعتَرَفَت بِإِلهِيَّتِكَ مُحَقِّقَةً ، وعَلى‏ ضَمائِرَ حَوَت مِنَ العِلمِ بِكَ حَتّى‏ صارَت خاشِعَةً ، وعَلى‏ جَوارِحَ سَعَت إلى‏ أوطانِ تَعَبُّدِكَ طائِعَةً ، وأَشارَت بِاستِغفارِكَ مُذعِنَةً ؟ ! ما هكَذَا الظَّنُّ بِكَ ، ولا اُخبِرنا بِفَضلِكَ عَنكَ ، يا كَريمُ ، يا رَبِّ وأَنتَ تَعلَمُ ضَعفي عَن قَليلٍ مِن بَلاءِ الدُّنيا وعُقوباتِها ، وما يَجري فيها مِنَ المَكارِهِ عَلى‏ أهلِها ، عَلى‏ أنَّ ذلِكَ بَلاءٌ ومَكروهٌ قَليلٌ مَكثُهُ ، يَسيرٌ بَقاؤُهُ ، قَصيرٌ مُدَّتُهُ ، فَكَيفَ احتِمالي لِبَلاءِ الآخِرَةِ ، وجَليلِ وُقوعِ المَكارِهِ فيها ؟ ! وهُوَ بَلاءٌ تَطولُ مُدَّتُهُ ، ويَدومُ مَقامُهُ ، ولا يُخَفَّفُ عَن أهلِهِ ، لِأَ نَّهُ لا يَكونُ إلّا عَن غَضَبِكَ وَانتِقامِكَ وسَخَطِكَ ، وهذا ما لا تَقومُ لَهُ السَّماواتُ وَالأَرضُ ، يا سَيِّدي فَكَيفَ بي وأَ نَا عَبدُكَ الضَّعيفُ ، الذَّليلُ الحَقيرُ ، المِسكينُ المُستَكينُ ؟ !
يا إلهي ورَبّي وسَيِّدي ومَولايَ ، لِأَيِّ الاُمورِ إلَيكَ أشكو ، ولِما مِنها أضِجُّ وأَبكي ؟ ! لِأَليمِ العَذابِ وشِدَّتِهِ ، أم لِطولِ البَلاءِ ومُدَّتِهِ ، فَلَئِن صَيَّرتَني فِي العُقوباتِ ۱ مَعَ أعدائِكَ ، وجَمَعتَ بَيني وبَينَ أهلِ بَلائِكَ ، وفَرَّقتَ بَيني وبَينَ أحِبّائِكَ وأَولِيائِكَ ، فَهَبني - يا إلهي وسَيِّدي ومَولايَ ورَبّي - صَبَرتُ عَلى‏ عَذابِكَ ، فَكَيفَ أصبِرُ عَلى‏ فِراقِكَ ؟ وَهبني صَبَرتُ عَلى‏ حَرِّ نارِكَ ، فَكَيفَ أصبِرُ عَنِ النَّظَرِ إلى‏ كَرامَتِكَ ؟ أم كَيفَ أسكُنُ فِي النّارِ ورَجائي عَفوُكَ ؟ !
فَبِعِزَّتِكَ - يا سيِّدي ومَولايَ - اُقسِمُ صادِقاً ، لَئِن تَرَكتَني ناطِقاً لَأَضِجَّنَّ إلَيكَ بَينَ أهلِها ضَجيجَ الآمِلينَ ، ولَأَصرُخَنَّ إلَيكَ صُراخَ المُستَصرِخينَ ، ولَأَبكِيَنَّ عَلَيكَ بُكاءَ الفاقِدينَ ،

1.وفي نسخة : «للعقوبات» .


کنز الدعاء المجلد الثانی
438

اللَّهُمَّ عَظُمَ بَلائي ، وأَفرَطَ بي سوءُ حالي ، وقَصُرَت بي أعمالي ، وقَعَدَت بي أغلالي ، وحَبَسَني عَن نَفعي بُعدُ آمالي ۱ ، وخَدَعَتِني الدُّنيا بِغُرورِها ، ونَفسي بِخِيانَتِها ۲ ومِطالي يا سَيِّدي ، فَأَسأَ لُكَ بِعِزَّتِكَ أن لا يَحجُبَ عَنكَ دُعائي سوءُ عَمَلي وفِعالي ، ولا تَفضَحني بِخَفِيِّ مَا اطَّلَعتَ عَلَيهِ مِن سَريرَتي ، ولا تُعاجِلني بِالعُقوبَةِ عَلى‏ ما عَمِلتُهُ في خَلَواتي مِن سوءِ فِعلي وإساءَتي ، ودَوامِ تَفريطي وجَهالَتي ، وكَثرَةِ شَهَواتي وغَفلَتي . وكُنِ اللَّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لي في كُلِّ الأَحوالِ رَؤوفاً ، وعَلَيَّ في جَميعِ الاُمورِ عَطوفاً .
إلهي ورَبّي مَن لي غَيرُكَ أسأَ لُهُ كَشفَ ضُرّي ، وَالنَّظَرَ في أمري .
إلهي ومَولايَ أجرَيتَ عَلَيَّ حُكماً اتَّبَعتُ فيهِ هَوى‏ نَفسي ، ولَم أحتَرِس مِن تَزيينِ عَدُوّي ، فَغَرَّني بِما أهوى‏ ، وأَسعَدَهُ عَلى‏ ذلِكَ القَضاءُ ، فَتَجاوزَتُ بِما جَرى‏ عَلَيَّ مِن ذلِكَ مِن نَقضِ ۳ حُدودِكَ ، وخالَفتُ بَعضَ أوامِرِكَ ، فَلَكَ الحَمدُ عَلَيَّ في جَميعِ ذلِكَ ، ولا حُجَّةَ لي فيما جَرى‏ عَلَيَّ فيهِ قَضاؤُكَ ، وأَلزَمَني حُكمُكَ وبَلاؤُكَ .
وقَد أتَيتُكَ يا إلهي بَعدَ تَقصيري وإسرافي عَلى‏ نَفسي ، مُعتَذِراً نادِماً مُنكَسِراً ، مُستَقيلاً مُستَغفِراً مُنيباً ، مُقِرّاً مُذعِناً مُعتَرِفاً ، لا أجِدُ مَفَرّاً مِمّا كانَ مِنّي ، ولا مَفزَعاً أتَوَجَّهُ إلَيهِ في أمري ، غَيرَ قَبولِكَ عُذري ، وإدخالِكَ إيّايَ في سَعَةٍ مِن رَحمَتِكَ .
إلهي فَاقبَل عُذري ، وَارحَم شِدَّةَ ضُرّي ، وفُكَّني مِن شَدِّ وَثاقي . يا رَبِّ ارحَم ضَعفَ بَدَني ، ورِقَّةَ جِلدي ، ودِقَّةَ عَظمي ، يا مَن بَدَأَ خَلقي وذِكري وتَربِيَتي وبِرّي وتَغذِيَتي ، هَبني لِابتِداءِ كَرَمِكَ ، وسالِفِ بِرِّكَ بي .
إلهي وسَيِّدي ورَبّي ، أ تُراكَ مُعَذِّبي بِالنّارِ بَعدَ تَوحيدِكَ ، وبَعدَمَا انطَوى‏ عَلَيهِ قَلبي مِن مَعرِفَتِكَ ، ولَهِجَ بِهِ لِساني مِن ذِكرِكَ ، وَاعتَقَدَهُ ضَميري مِن حُبِّكَ ، وبَعدَ صِدقِ اعتِرافي

1.وفي نسخة : «أملي» .

2.وفي نسخة : «بجنايتها» .

3.وفي نسخة : «بعض» .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 26254
صفحه از 509
پرینت  ارسال به