وإن خَذَلَني نَصرُكَ عِندَ مُحارَبَةِ النَّفسِ وَالشَّيطانِ ، فَقَد وَكَلَني خِذلانُكَ إلى حَيثُ النَّصَبِ ۱ وَالحِرمانِ .
إلهي ! أ تَراني ما أتَيتُكَ إلّا مِن حَيثُ الآمالِ ؟ ! أم عَلِقتُ بِأَطرافِ حِبالِكَ إلّا حينَ باعَدَتني ذُنوبي عَن دارِ الوِصالِ ؟ ! فَبِئسَ المَطِيَّةُ الَّتِي امتَطَت نَفسي مِن هَواها ! فَواهاً لَها لِما سَوَّلَت لَها ظُنونُها ومُناها ! وتَبّاً لَها لِجُرأَتِها عَلى سَيِّدِها ومَولاها !
إلهي ! قَرَعتُ بابَ رَحمَتِكَ بِيَدِ رَجائي ، وهَرَبتُ إلَيكَ لاجِئاً مِن فَرطِ أهوائي ، وعَلَّقتُ بِأَطرافِ حِبالِكَ أنامِلَ وَلائي ، فَاصفَحِ اللَّهُمَّ عَمّا كُنتُ أجرَمتُهُ مِن زَلَلي وخَطَئي ، وأَقِلني مِن صَرعَةِ دائي ، فَإِنَّكَ سَيِّدي ومَولايَ ومُعتَمَدي ورَجائي ، وأَنتَ غايَةُ مَطلوبي ومُنايَ في مُنقَلَبي ومَثوايَ .
إلهي! كَيفَ تَطرُدُ مِسكيناً التَجَأَ إلَيكَ مِنَ الذُّنوبِ هارِباً ؟! أم كَيفَ تُخَيِّبُ مُستَرشِداً قَصَدَ إلى جَنابِكَ صاقِباً ۲ ؟ ! أم كَيفَ تَرُدُّ ظَمآناً وَرَدَ إلى حِياضِكَ شارِباً ؟ ! كَلّا وحِياضُكَ مُترَعَةٌ في ضَنكِ المُحولِ ۳ ، وبابُكُ مَفتوحٌ لِلطَّلَبِ وَالوُغولِ ، وأَنتَ غايَةُ المَسؤولِ ، ونِهايَةُ المَأمولِ .
إلهي ! هذِهِ أزِمَّةُ نَفسي عَقَلتُها بِعِقالِ مَشِيَّتِكَ ، وهذِهِ أعباءُ ذُنوبي دَرَأتُها بِعَفوِكَ ورَحمَتِكَ ، وهذِهِ أهوائِيَ المُضِلَّةُ وَكَلتُها إلى جَنابِ لُطفِكَ ورَأفَتِكَ ، فَاجعَلِ اللَّهُمَّ صَباحي هذا نازِلاً عَلَيَّ بِضِياءِ الهُدى ، وَالسَّلامَةِ فِي الدّينِ وَالدُّنيا ، ومَسائي جُنَّةً مِن كَيدِ العِدى ، ووِقايَةً مِن مُردِياتِ الهَوى ، إنَّكَ قادِرٌ عَلى ما تَشاءُ ، (تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ الَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ وَتَرْزُقُ مَن
1.النَّصَب : التعب (لسان العرب : ج ۱ ص ۷۵۸ «نصب») .
2.الصَّقَبُ : القُربُ والمُلاصَقَة (النهاية : ج ۳ ص ۴۱ «صقب» .) .
3.المَحْلُ : الشدّة والجَدبُ وانقطاع المطر (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۶۷۷ «محل») .