595
کنز الدعاء المجلد الثالث

في أزَلِيَّتِكَ ، ولا مُمكِناً في قِدَمِكَ ، ولا يَبلُغُكَ بُعدُ الهِمَمِ ، ولا يَنالُكَ غَوصُ الفِطَنِ ، ولا يَنتَهي إلَيكَ نَظَرُ النّاظِرينَ في مَجدِ جَبَروتِكَ وعَظيمِ قُدرَتِكَ ، ارتَفَعَت عَن صِفَةِ المَخلوقينَ صِفَةُ قُدرَتِكَ ، وعَلا عَن ذلِكَ كِبرِياءُ عَظَمَتِكَ ، ولا يَنتَقِصُ ما أرَدتَ أن يَزدادَ ، ولا يَزدادُ ما أرَدتَ أن يَنتَقِصَ ، ولا أحَدٌ شَهِدَكَ حينَ فَطَرتَ الخَلقَ ، ولا ضِدٌّ حَضَرَكَ حينَ بَرَأتَ النُّفوسَ ، كَلَّتِ الأَلسُنُ عَن تَبيينِ صِفَتِكَ ، وَانحَسَرَتِ العُقولُ عَن كُنهِ مَعرِفَتِكَ ، وكَيفَ تُدرِكُكَ الصِّفاتُ أو تَحويكَ الجِهاتُ وأَنتَ الجَبّارُ القُدّوسُ الَّذي لَم تَزَل أزَلِيّاً دائِماً فِي الغُيوبِ وَحدَكَ لَيسَ فيها غَيرُكَ ، ولَم يَكُن لَها سِواكَ ؟ ! حارَت في مَلَكوتِكَ عَميقاتُ مَذاهِبِ التَّفكيرِ ، وحَسَرَ عَن إدراكِكَ بَصَرُ البَصيرِ ، وتَواضَعَتِ المُلوكُ لِهَيبَتِكَ ، وعَنَتِ الوُجوهُ بِذُلِّ الاِستِكانَةِ لِعِزَّتِكَ ، وَانقادَ كُلُّ شَي‏ءٍ لِعَظَمَتِكَ ، وَاستَسلَمَ كُلُّ شَي‏ءٍ لِقُدرَتِكَ ، وخَضَعَتِ الرِّقابُ لِسُلطانِكَ ۱ ، فَضَلَّ هُنالِكَ التَّدبيرُ في تَصاريفِ الصِّفاتِ لَكَ ، فَمَن تَفَكَّرَ في ذلِكَ رَجَعَ طَرفُهُ إلَيهِ حَسيراً ، وعَقلُهُ مَبهوتاً مَبهوراً ، وفِكرُهُ مُتَحَيِّراً .
اللَّهُمَّ فَلَكَ الحَمدُ حَمداً مُتَواتِراً مُتَوالِياً مُتَّسِقاً مُستَوسِقاً ۲ ، يَدومُ ولا يَبيدُ ، غَيرَ مَفقودٍ فِي المَلَكوتِ ، ولا مَطموسٍ فِي العالَمِ ، ولا مُنتَقَصٍ فِي العِرفانِ ، فَلَكَ الحَمدُ حَمداً لا تُحصى‏ مَكارِمُهُ ، فِي اللَّيلِ إذا أدبَرَ ، وفِي الصُّبحِ إذا أسفَرَ ، وفِي البَرِّ وَالبَحرِ ، بِالغُدُوِّ وَالآصالِ ، وَالعَشِيِّ وَالإِبكارِ ، وَالظَّهيرَةِ وَالأَسحارِ .
اللَّهُمَّ بِتَوفيقِكَ أحضَرتَنِي النَّجاةَ ، وجَعَلتَني مِنكَ في وِلايَةِ العِصمَةِ ، لَم تُكَلِّفني فَوقَ طاقَتي إذ لَم تَرضَ مِنّي إلّا بِطاعَتي ، فَلَيسَ شُكري - وإن دَأَبتُ مِنهُ فِي المَقالِ ، وبالَغتُ مِنهُ فِي الفِعالِ - بِبالِغٍ أداءَ حَقِّكَ ، ولا مُكافٍ فَضلَكَ ؛ لِأَنَّكَ أنتَ اللَّهُ لا إلهَ إلّا أنتَ ، لَم

1.في الطبعة المعتمدة للمصدر : «بسلطانك» ، والتصويب من بحار الأنوار .

2.في الطبعة المعتمدة للمصدر : «مستوثقاً» ، والتصويب من بحار الأنوار . يقال : استوسقت الإبل : أي اجتمعت . وأَوسَقَت النخلةُ : كثر حملها . والاِتِّساق : الانتظام (اُنظر : الصحاح : ج ۴ ص ۱۵۶۶ «وسق») .


کنز الدعاء المجلد الثالث
594

عَيبهِ ۱ ، وجَعَلَ عِرضي غَرَضاً لِمَراميهِ ، وقَلَّدَني خِلالاً لَم تَزَل فيهِ ، كَفَيتَني أمرَهُ .
اللَّهُمَّ وكَم مِن ظَنٍّ حَسَنٍ حَقَّقتَ ، وعُدمٍ وإملاقٍ ضَرَّرَني جَبَرتَ وأَوسَعتَ ، ومِن صَرعَةٍ أقَمتَ ، ومِن كُربَةٍ نَفَّستَ ، ومِن مَسكَنَةٍ حَوَّلتَ ، ومِن نِعمَةٍ خَوَّلتَ ، لا تُسأَلُ عَمّا تَفعَلُ ، ولا بِما أعطَيتَ تَبخَلُ ۲ ، ولَقَد سُئِلتَ فَبَذَلتَ ، ولَم تُسأَل فَابتَدَأتَ ، وَاستُميحَ فَضلُكَ فَما أكدَيتَ ۳ . أبَيتَ إلّا إنعاماً وَامتِناناً وتَطَوُّلاً ، وأَبَيتُ إلّا تَقَحُّماً عَلى‏ مَعاصيكَ ، وَانتِهاكاً لِحُرُماتِكَ ، وتَعَدِّياً لِحُدودِكَ ، وغَفلَةً عَن وَعيدِكَ ، وطاعَةً لِعَدُوّي وعَدُوِّكَ . لَم تَمتَنِع عَن إتمامِ إحسانِكَ وتَتابُعِ امتِنانِكَ ، ولَم يَحجُزني ذلِكَ عَنِ ارتِكابِ مَساخِطِكَ .
اللَّهُمَّ فَهذا مَقامُ المُعتَرِفِ لَكَ بِالتَّقصيرِ عَن أداءِ حَقِّكَ ، الشّاهِدِ عَلى نَفسِهِ بِسُبوغِ نِعمَتِكَ وحُسنِ كِفايَتِكَ ، فَهَب لِيَ اللَّهُمَّ يا إلهي ما أصِلُ بِهِ إلى‏ رَحمَتِكَ ، وأَتَّخِذُهُ سُلَّماً أعرُجُ فيهِ إلى‏ مَرضاتِكَ ، وآمَنُ بِهِ مِن عِقابِكَ ، فَإِنَّكَ تَفعَلُ ما تَشاءُ وتَحكُمُ ما تُريدُ ، وأَنتَ عَلى‏ كُلِّ شَي‏ءٍ قَديرٌ .
اللَّهُمَّ حَمدي لَكَ مُتَواصِلٌ ، وثَنائي عَلَيكَ دائِمٌ ، مِنَ الدَّهرِ إلَى الدَّهرِ ، بِأَلوانِ التَّسبيحِ وفُنونِ التَّقديسِ ، خالِصاً لِذِكرِكَ ، ومَرضِيّاً لَكَ بِناصِعِ التَّوحيدِ ، ومَحضِ التَّحميدِ ، وطُولِ التَّعديدِ في إكذابِ أهلِ التَّنديدِ . لَم تُعَن في شَي‏ءٍ مِن قُدرَتِكَ ، ولَم تُشارَك في إلهِيَّتِكَ ، ولَم تُعايَن إذ حَبَستَ الأَشياءَ عَلَى الغَرائِزِ المُختَلِفاتِ ، وفَطَرتَ الخَلائِقَ عَلى‏ صُنوفِ الهَيئاتِ ، ولا خَرَقَتِ الأَوهامُ حُجُبَ الغُيوبِ إلَيكَ فَاعتَقَدَت مِنكَ مَحموداً في عَظَمَتِكَ ، ولا كَيفِيَّةَ

1.الوَخْز : الطَّعن بالرمح ونحوه ، ولا يكون نافذاً ، يقال : وَخَزَه بالخنجر . وقَرَفت القُرحَة : أي قشرتها ، وقَرفت الرجل : أي عِبته (الصحاح : ج ۳ ص ۹۰۰ «وخز» ، وج ۴ ص ۱۴۱۵ «قرف») . في بحار الأنوار : «ووَخَزَني بِغَربِ عَينهِ» . قال الجوهري : غرب كلّ شي‏ء حَدُّهُ (الصحاح : ج ۱ ص ۱۹۳ «غرب»).

2.في الطبعة المعتمدة للمصدر : «تنحل» ، والتَصويب من بحار الأنوار .

3.أكديت الرجلَ عن الشي‏ء : رددته عنه . وأكدى الرجل : إذا قلّ خيره (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۷۲ «كدى») .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 29992
صفحه از 666
پرینت  ارسال به