55
کنز الدعاء المجلد الثالث

بِقَلبٍ قَد أوبَقَهُ جُرمُهُ ، أدعوكَ يا رَبِّ راهِباً راغِباً راجِياً خائِفاً ، إذا رَأَيتُ مَولايَ ذُنوبي فَزِعتُ ، وإذا رَأَيتُ كَرَمَكَ طَمِعتُ ، فَإِن عَفَوتَ فَخَيرُ راحِمٍ ، وإن عَذَّبتَ فَغَيرُ ظالِمٍ ، حُجَّتي يا أللَّهُ في جُرأَتي عَلى‏ مَسأَلَتِكَ مَعَ إتياني ما تَكرَهُ : جودُكَ وكَرَمُكَ ، وعُدَّتي في شِدَّتي مَعَ قِلَّةِ حَيائي : رَأفَتُكَ ورَحمَتُكَ ، وقَد رَجَوتُ ألّا تُخَيِّبَ بَينَ ذَينِ وذَينِ مُنيَتي ، فَحَقِّق رَجائي ۱ وَاسمَع دُعائي ۲ يا خَيرَ مَن دَعاهُ داعٍ وأَفضَلَ مَن رَجاهُ راجٍ ، عَظُمَ يا سَيِّدي أمَلي وساءَ عَمَلي ، فَأَعطِني مِن عَفوِكَ بِمِقدارِ أمَلي ولا تُؤاخِذني بِأَسوَءِ عَمَلي ، فَإِنَّ كَرَمَكَ يَجِلُّ عَن مُجازاةِ المُذنِبينَ ، وحِلمَكَ يَكبُرُ عَن مُكافاةِ المُقَصِّرينَ ، وأَنَا يا سَيِّدي عائِذٌ بِفَضلِكَ هارِبٌ مِنكَ إلَيكَ ، مُنتَجِزٌ (مُتَنَجِّزٌ) ما وَعَدتَ مِنَ الصَّفحِ عَمَّن أحسَنَ بِكَ ظَنّاً ، وما أنَا يا رَبِّ وما خَطَري ، هَبني بِفَضلِكَ وتَصَدَّق عَلَيّ‏َ بِعَفوِكَ ، أي رَبِّ جَلِّلني بِسِترِكَ وَاعفُ عَن تَوبيخي بِكَرَمِ وَجهِكَ ، فَلَوِ اطَّلَعَ اليَومَ عَلى‏ ذَنبي غَيرُكَ ما فَعَلتُهُ ، ولَو خِفتُ تَعجيلَ العُقوبَةِ لَاجتَنَبتُهُ ، لا لِأَنَّكَ أهوَنُ النّاظِرينَ إلَيَّ وأَخَفُّ المُطَّلِعينَ عَلَيَّ ، بَلِ لِأَنَّكَ يا رَبِّ خَيرُ السّاتِرينَ وأَحكَمُ الحاكِمينَ وأَكرَمُ الأَكرَمينَ ، سَتّارُ العُيوبِ غَفّارُ الذُّنوبِ عَلّامُ الغُيوبِ ، تَستُرُ الذَّنبَ بِكَرَمِكَ وتُؤَخِّرُ العُقوبَةَ بِحِلمِكَ ، فَلَكَ الحَمدُ عَلى‏ حِلمِكَ بَعدَ عِلمِكَ وعَلى‏ عَفوِكَ بَعدَ قُدرَتِكَ ، ويَحمِلُني ويُجَرِّئُني عَلى‏ مَعصِيَتِكَ حِلمُكَ عَنّي ، ويَدعوني إلى قِلَّةِ الحَياءِ سَترُكَ عَلَيَّ ، ويُسرِعُني إلَى التَّوَثُّبِ عَلى‏ مَحارِمِكَ مَعرِفَتي بِسَعَةِ رَحمَتِكَ وعَظيمِ عَفوِكَ .
يا حَليمُ يا كَريمُ ، يا حَيُّ يا قَيّومُ ، يا غافِرَ الذَّنبِ يا قابِلَ التَّوبِ ، يا عَظيمَ المَنِّ يا قَديمَ الإِحسانِ ، أينَ سِترُكَ الجَميلُ؟ أينَ عَفوُكَ الجَليلُ؟ أينَ فَرَجُكَ القَريبُ؟ أينَ غِياثُكَ السَّريعُ؟ أينَ رَحمَتُكَ الواسِعَةُ؟ أينَ عَطاياكَ الفاضِلَةُ؟ أينَ مَواهِبُكَ الهَنيئَةُ؟ أينَ صَنائِعُكَ

1.في الإقبال : «فصلّ على محمّد وآل محمّد وحقّق رجائي ...» .

2.في الإقبال : «ندائي» .


کنز الدعاء المجلد الثالث
54

اللَّهُمَّ إنّي أجِدُ سُبُلَ المَطالِبِ إلَيكَ مُشرَعَةً ، ومَناهِلَ الرَّجاءِ إلَيكَ مُترَعَةً ۱ ، وَالِاستِعانَةَ بِفَضلِكَ لِمَن أمَّلَكَ مُباحَةً ، وأَبوابَ الدُّعاءِ إلَيكَ لِلصّارِخينَ مَفتوحَةً ، وأَعلَمُ أنَّكَ لِلرّاجينَ ۲ بِمَوضِعِ إجابَةٍ ولِلمَلهوفينَ بِمَرصَدِ إغاثَةٍ ، وأَنَّ فِي اللَّهفِ إلى جودِكَ وَالرِّضا بِقَضائِكَ عِوَضاً مِن مَنعِ الباخِلينَ ومَندوحَةً ۳ عَمّا في أيدِي المُستَأثِرينَ ، وأَنَّ الرّاحِلَ إلَيكَ قَريبُ المَسافَةِ ، وأَنَّكَ لا تَحتَجِبُ عَن خَلقِكَ إلّا أن تَحجِبَهُمُ الأَعمالُ ۴ دونَكَ ، وقَد قَصَدتُ إلَيكَ بِطَلِبَتي وتَوَجَّهتُ إلَيكَ بِحاجَتي ، وجَعَلتُ بِكَ استِغاثَتي وبِدُعائِكَ تَوَسُّلي مِن غَيرِ استِحقاقٍ لِاستِماعِكَ مِنّي ولَا استيجابٍ لِعَفوِكَ عَنّي ، بَل لِثِقَتي بِكَرَمِكَ وسُكوني إلى صِدقِ وَعدِكَ ولَجَئي إلَى الإِيمانِ بِتَوحيدِكَ ، ويَقيني ۵ بِمَعرِفَتِكَ مِنّي ألّا رَبَّ لي غَيرُكَ ، ولا إلهَ إلّا أنتَ وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ .
اللَّهُمَّ أنتَ القائِلُ وقَولُكَ حَقٌّ ووَعدُكَ صِدقٌ : وَاسأَلُوا اللَّهَ مِن فَضلِهِ إنَّ اللَّهَ كانَ بِكُم رَحيماً ۶ ، ولَيسَ مِن صِفاتِكَ يا سَيِّدي أن تَأمُرَ بِالسُّؤالِ وتَمنَعَ العَطِيَّةَ ، وأَنتَ المَنّانُ بِالعَطِيّاتِ عَلى‏ أهلِ مَملَكَتِكَ وَالعائِدُ عَلَيهِم بِتَحَنُّنِ رَأفَتِكَ .
إلهي رَبَّيتَني في نِعَمِكَ وإحسانِكَ صَغيراً ونَوَّهتَ بِاسمي كَبيراً ، فَيا مَن رَبّاني فِي الدُّنيا بِإِحسانِهِ وتَفَضُّلِهِ ونِعَمِهِ ، وأَشارَ لي فِي الآخِرَةِ إلى‏ عَفوِهِ وكَرَمِهِ ، مَعرِفَتي يا مَولايَ دَلَّتني (دَليلي) عَلَيكَ ، وحُبّي لَكَ شَفيعي إلَيكَ ، وأَنَا واثِقٌ مِن دَليلي بِدَلالَتِكَ وساكِنٌ مِن شَفيعي إلى‏ شَفاعَتِكَ ، أدعوكَ يا سَيِّدي بِلِسانٍ قَد أخرَسَهُ ذَنبُهُ ، رَبِّ اُناجيكَ

1.المناهل : جمع المنهل ؛ وهو المشرَب ، والموضع الّذي فيه المشرَب . ومُترَعة من التَّرَع : الامتلاء (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۶۱ وج ۳ ص ۹) .

2.في المصدر : «للراجي» ، وما أثبتناه من المصادر الاُخرى ، إذ هو المناسب للسياق .

3.مندوحة : أي سعةً وفسحةً (النهاية : ج ۵ ص ۳۵) .

4.في الإقبال : «الأعمال السيئة» .

5.في المصدر : «ثقتي» ، وما أثبتناه من المصادر الاُخرى .

6.إشارة إلى قوله تعالى : ( وَسَْلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِ‏ّ شَىْ‏ءٍ عَلِيمًا ) (النساء : ۳۲) .

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 30119
صفحه از 666
پرینت  ارسال به