227
کنز الدعاء المجلد الثالث

فَأَصحَرَني ۱ لِغَضَبِكَ فَريداً ، وأَخرَجَني إلى‏ فِناءِ نَقِمَتِكَ طَريداً ، لا شَفيعٌ يَشفَعُ لي إلَيكَ ، ولا خَفيرٌ يَقيني مِنكَ ، ولا حِصنٌ يَحجُبُني عَنكَ ، ولا مَلاذٌ ألجَأُ إلَيهِ مِنكَ ، فَهذا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ النّارِ ، ومَحَلُّ المُعتَرِفِ لَكَ ، ولا يَضيقَنَّ عَنّي فَضلُكَ ، ولا يَقصُرَنَّ دوني عَفوُكَ ، ولا أكُن أخيَبَ وَفدِكَ مِن عِبادِكَ التّائِبينَ ، ولا أقنَطَ وُفودِكَ الآمِلينَ .
اللَّهُمَّ اغفِر لي إنَّكَ أرحَمُ الرّاحِمينَ ، فَطالَما أغفَلتُ مِن وَظائِفِ فُروضِكَ ، وتَعَدَّيتُ عَن مَقاماتِ حُدودِكَ ، فَهذا مَقامُ مَنِ استَحيا لِنَفسِهِ مِنكَ ، وسَخِطَ عَلَيها ورَضِيَ عَنكَ ، وتَلَقّاكَ بِنَفسٍ خاشِعَةٍ ورَقَبَةٍ خاضِعَةٍ وظَهرٍ مُثقَلٍ مِنَ الذُّنوبِ ، واقِفاً بَينَ الرَّغبَةِ إلَيكَ وَالرَّهبَةِ مِنكَ ، فَأَنتَ أولى‏ مَن وَثِقَ بِهِ مَن رَجاهُ ، وآمَنَ مَن خَشِيَهُ وَاتَّقاهُ ، اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وأَعطِني ما رَجَوتُ وآمِنّي مِمّا حَذِرتُ ، وعُد عَلَيَّ بِعائِدَةٍ مِن رَحمَتِكَ .
اللَّهُمَّ وإذ سَتَرتَني بِفَضلِكَ وتَغَمَّدتَني بِعَفوِكَ في دارِ الحَياةِ وَالفَناءِ بِحَضرَةِ الأَكفاءِ ، فَأَجِرني مِن فَضيحاتِ دارِ البَقاءِ عِندَ مَواقِفِ الأَشهادِ ، مِنَ المَلائِكَةِ المُقَرَّبينَ وَالرُّسُلِ المُكَرَّمينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحينَ ، فَحَقِّق رَجائي فَأَنتَ أصدَقُ القائِلينَ : ( يَعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ) ۲ .
اللَّهُمَّ إنّي سائِلُكَ القاصِدُ ، ومِسكينُكَ المُستَجيرُ الوافِدُ ، وضَعيفُكَ الفَقيرُ ، ناصِيَتي بِيَدِكَ وأَجَلي بِعِلمِكَ ، أسأَ لُكَ أن تُوَفِّقَني لِما يُرضيكَ عَنّي ، وأَن تُبارِكَ لي في يَومي هذَا الَّذي فَزِعَت فيهِ إلَيكَ الأَصواتُ ، وتَقَرَّبوا إلَيكَ عِبادُكَ بِالقُرُباتِ ، أسأَ لُكَ بِعَظيمِ ما سَأَلَكَ بِهِ أحَدٌ مِن خَلقِكَ مِن كَريمِ أسمائِكَ ، وجَميلِ ثَنائِكَ وخاصَّةِ دُعائِكَ بِآلائِكَ ، أن تُصَلِّيَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وأَن تَجعَلَ يَومي هذا أعظَمَ يَومٍ مَرَّ عَلَيَّ مُنذُ أنزَلتَني إلَى الدُّنيا بَرَكَةً في عِصمَةِ ديني ، وخاصَّةِ نَفسي ، وقَضاءِ حاجَتي ، وتَشفيعي في مَسائلي ، وإتمامِ النِّعمَةِ

1.صَحَرَني : أي جعلني تائِها في بيداء الضلال متصدّياً لحلول غضبك (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۱۰۱۱ «صحر») .

2.الزمر : ۵۳ .


کنز الدعاء المجلد الثالث
226

عُشِّهِ ، يا أكرَمَ مَسؤولٍ ويا خَيرَ مَأمولٍ ، ويا أجوَدَ مَن نَزَلَت بِفِنائِهِ الرَّكائِبُ ، وطُلِبَ عِندَهُ نَيلُ الرَّغائِبِ ، وأَناخَت بِهِ الوُفودُ ، يا ذَا الجودِ ، يا أعظَمَ مِن كُلِّ مَقصودٍ .
أنَا عَبدُكَ الَّذي أمَرتَني فَلَم أئتَمِر ، ونَهَيتَني عَن مَعصِيَتِكَ وزَجَرتَني فَلَم أنزَجِر ، فَخالَفتُ أمرَكَ ونَهيَكَ لا مُعانَدَةً لَكَ ولَا استِكباراً عَلَيكَ ، بَل دَعاني هَوايَ وَاستَزَلَّني عَدُوُّكَ وعَدُوّي ، فَأَقدَمتُ عَلى‏ ما فَعَلتُ عارِفاً بِوَعيدِكَ ، راجِياً لِعَفوِكَ ، واثِقاً بِتَجاوُزِكَ وصَفحِكَ ، فَيا أكرَمَ مَن اُقِرَّ لَهُ بِالذُّنوبِ ، ها أنَا ذا بَينَ يَدَيكَ صاغِراً ذَليلاً خاضِعاً خاشِعاً خائِفاً مُعتَرِفاً عَظيمَ ذُنوبي وخَطايايَ ، فَما أعظَمَ ذُنوبِيَ الَّتي تَحَمَّلتُها ، وأَوزارِيَ الَّتِي اجتَرَمتُها ! مُستَجيراً فيها بِصَفحِكَ لائِذاً بِرَحمَتِكَ ، موقِناً أنَّهُ لا يُجيرُني مِنكَ مُجيرٌ ولا يَمنَعُني مِنكَ مانِعٌ ، فَعُد عَلَيَّ بِما تَعودُ بِهِ عَلى‏ مَنِ اقتَرَبَ مِن تَغَمُّدِكَ ، وجُد عَلَيَّ بِما تَجودُ بِهِ عَلى‏ مَن ألقى‏ بِيَدِهِ إلَيكَ مِن عِبادِكَ ، وَامنُن عَلَيَّ بِما لا يَتَعاظَمُكَ أن تَمُنَّ بِهِ عَلى‏ مَن أمَّلَكَ لِغُفرانِكَ لَهُ ، يا كَريمُ ارحَم صَوتَ حَزينٍ يُخفي ما سَتَرتَ عَن خَلقِكَ مِن مَساويهِ ، يَسأَ لُكَ في هذِهِ العَشِيَّةِ رَحمَةً تُنجيهِ مِن كَربِ مَوقِفِ المَسأَلَةِ ، ومَكروهِ يَومِ هَولِ المُعايَنَةِ ، حينَ تَفَرَّدُهُ عَمَلُهُ ويَشغَلُهُ عَن أهلِهِ ووَلَدِهِ .
فَارحَم عَبدَكَ الضَّعيفَ عَمَلاً ، الجَسيمَ أمَلاً ، خَرَجَت مِن يَدي أسبابُ الوُصُلاتِ إلّا ما وَصَلَهُ رَحمَتُكَ ، وتَقَطَّعَت عَنّي عِصَمُ الآمالِ إلّا ما أنَا مُعتَصِمٌ بِهِ مِن عَفوِكَ ، قَلَّ عِندي ما أعتَدُّ بِهِ مِن طاعَتِكَ ، وكَبُرَ عِندي ما أبوءُ بِهِ مِن مَعصِيَتِكَ ، ولَن يَضيقَ عَفوُكَ عَن عَبدِكَ وإن أساءَ ، فَاعفُ عَنّي فَقَد أشرَفَ عَلى‏ خَفايَا الأَعمالِ عِلمُكَ ، وَانكَشَفَ كُلُّ مَستورٍ عِندَ خُبرِكَ ، ولا يَنطَوي عَلَيكَ دَقائِقُ الاُمورِ ، ولا يَعزُبُ عَنكَ غَيِّباتُ السَّرائِرِ .
وقَدِ استَحوَذَ عَلَيَّ عَدُوُّكَ الَّذِي استَنظَرَكَ لِغِوايَتي فَأَنظَرتَهُ ، وَاستَمهَلَكَ إلى‏ يَومِ الدّينِ لِإِضلالي فَأَمهَلتَهُ ، وأَوقَعَني بِصَغائِرِ ذُنوبٍ موبِقَةٍ وكَبائِرِ أعمالٍ مُردِيَةٍ ، حَتّى‏ إذا قارَفتُ مَعصِيَتَكَ ، وَاستَوجَبتُ بِسوءِ فِعلي سَخَطَكَ ، تَوَلّى‏ عَنّي بِالبَراءَةِ مِنّي وأَدبَرَ مُوَلِّياً عَنّي ،

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 29612
صفحه از 666
پرینت  ارسال به