225
کنز الدعاء المجلد الثالث

بِلادِكَ ، الَّذينَ أمَرتَ بِمَوَدَّتِهِم وفَرَضتَ طاعَتَهُم عَلى‏ بَرِيَّتِكَ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيهِم صَلاةً دائِمَةً باقِيَةً . اللَّهُمَّ وصَلِّ عَلَى السُّيّاحِ وَالعُبّادِ وأَهلِ الجِدِّ وَالاِجتِهادِ ، وَاجعَلني في هذِهِ العَشِيَّةِ مِمَّن نَظَرتَ إلَيهِ فَرَحِمتَهُ ، وسَمِعتَ دُعاءَهُ فَأَجَبتَهُ ، وآمَنَ بِكَ فَهَدَيتَهُ ، وسَأَلَكَ فَأَعطَيتَهُ ، ورَغِبَ إلَيكَ فَأَرضَيتَهُ . وهَب لي في يَومي هذا صَلاحاً لِقَلبي وديني ودُنيايَ ومَغفِرَةً لِذُنوبي ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ .
أسأَ لُكَ الرَّحمَةَ يا سَيِّدي ومَولايَ وثِقَتي ، يا رَجائي ويا مُعتَمَدي ومَلجَئي وذُخري وظَهري وعُدَّتي وأَمَلي وغايَتي ، وأَسأَ لُكَ بِنورِ وَجهِكَ الَّذي أشرَقَت لَهُ السَّماواتُ وَالأَرضُ ، أن تَغفِرَ لي ذُنوبي وعُيوبي وإساءَتي وظُلمي وجُرمي وإسرافي عَلى‏ نَفسي ، فَهذا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ النّارِ ، هذا مَقامُ الهارِبِ إلَيكَ مِنَ النّارِ .
اللَّهُمَّ وهذا يَومُ عَرَفَةَ كَرَّمتَهُ وشَرَّفتَهُ وعَظَّمتَهُ ، نَشَرتَ فيهِ رَحمَتَكَ ومَنَنتَ فيهِ بِعَفوِكَ ، وأَجزَلتَ فيهِ عَطِيَّتَكَ ، وتَفَضَّلتَ فيهِ عَلى‏ عِبادِكَ ، اللَّهُمَّ وهذِهِ العَشِيَّةُ مِن عَشايا رَحمَتِكَ ومِنَحِكَ ، وإحدى‏ أيّامِ زُلفَتِكَ ، ولَيلَةُ عيدٍ مِن أعيادِكَ ، فيها يُفضي إلَيكَ ما يَهُمُّ ۱ مِنَ الحَوائِجِ مَن قَصَدَكَ مُؤَمِّلاً راجِياً فَضلَكَ ، طالِباً مَعروفَكَ الَّذي تَمُنُّ بِهِ عَلى‏ مَن تَشاءُ مِن خَلقِكَ ، وأَنتَ فيها بِكُلِّ لِسانٍ تُدعى‏ ولِكُلِّ خَيرٍ تُبتَغى‏ وتُرجى‏ ، ولَكَ فيها جَوائِزُ ومَواهِبُ وعَطايا تَمُنُّ بِها عَلى‏ مَن تَشاءُ مِن عِبادِكَ ، وتَشمُلُ بِها أهلَ العِنايَةِ مِنكَ ، وقَد قَصَدناكَ مُؤَمِّلينَ راجينَ ، وأَتَيناكَ طالِبينَ نَرجو ما لا خُلفَ لَهُ مِن وَعدِكَ ، ولا مَترَكَ لَهُ مِن عَظيمِ أجرِكَ ، قَد أبرَزَت ذَوُو الآمالِ إلَيكَ وُجوهَهَا المَصونَةَ ، ومَدُّوا إلَيكَ أكُفَّهُم طَلَباً لِما عِندَكَ لِيُدرِكوا بِذلِكَ رِضوانَكَ ، يا غَفّارُ يا مُستَراشُ مِن نَيلِهِ ومُستَعاشُ مِن فَضلِهِ ، يا مَلِكُ في عَظَمَتِهِ ، يا جَبّارُ في قُوَّتِهِ ، يا لَطيفُ في قُدرَتِهِ ، يا مُتَكَفِّلُ يا رازِقَ النَّعّابِ ۲ في

1.في الطبعة المعتمدة : «لهم» بدل «ما يَهُمُّ» ، وفي طبعة دار الكتب الإسلامية : «ما لهم» ، والتصويب من بحار الأنوار . وهَمَّ الأمرُ فلاناً : أحزنه وأقلقه .

2.النَّعّابُ : الغُراب (النهاية : ج ۵ ص ۷۹ «نعب») .


کنز الدعاء المجلد الثالث
224

مُعَقِّبَ لِحُكمِكَ ، ولا يَخيبُ سائِلُكَ ، أحَطتَ كُلَّ شَي‏ءٍ بِعِلمِكَ ، وأَحصَيتَ كُلَّ شَي‏ءٍ عَدَداً ، وجَعَلتَ لِكُلِّ شَي‏ءٍ أمَداً ، وقَدَّرتَ كُلَّ شَي‏ءٍ تَقديراً . بَلَوتَ فَقَهَرتَ ، ونَظَرتَ فَخَبَرتَ ، وبَطَنتَ وعَلِمتَ فَسَتَرتَ ، وعَلى‏ كُلِّ شَي‏ءٍ ظَهَرتَ ، تَعلَمُ خائِنَةَ الأَعيُنِ وما تُخفِي الصُّدورُ ، ولا تَنسى‏ مَن ذَكَرَكَ ، ولا تُخَيِّبُ مَن سَأَلَكَ ، ولا تُضَيِّعُ مَن تَوَكَّلَ عَلَيكَ .
أنتَ الَّذي لا يَشغَلُكَ ما فِي جَوِّ سَماواتِكَ عَمّا في جَوِّ أرضِكَ ، تَعَزَّزتَ في مُلكِكَ وتَقَوَّيتَ في سُلطانِكَ ، وغَلَبَ عَلى‏ كُلِّ شَي‏ءٍ قَضاؤُكَ ، ومَلَكَ كُلَّ شَي‏ءٍ أمرُكَ ، وقَهَرَت قُدرَتُكَ كُلَّ شَي‏ءٍ ، لا يُستَطاعُ وَصفُكَ ، ولا يُحاطُ بِعِلمِكَ ، ولا مُنتَهى‏ لِما عِندَكَ ، ولا تَصِفُ العُقولُ صِفَةَ ذاتِكَ . عَجَزَتِ الأَوهامُ عَن كَيفِيَّتِكَ ، ولا تُدرِكُ الأَبصارُ مَوضِعَ أينِيَّتِكَ ، ولا تُحَدُّ فَتَكونَ مَحدوداً ، ولا تُمَثَّلُ فَتَكونَ مَوجوداً ، ولا تَلِدُ فَتَكونَ مَولوداً . أنتَ الَّذي لا ضِدَّ مَعَكَ فَيُعانِدَكَ ، ولا عَديلَ لَكَ فَيُكاثِرَكَ ، ولا نِدَّ لَكَ فَيُعارِضَكَ ، أنتَ ابتَدَأتَ وَاختَرَعتَ وَاستَحدَثتَ ، فَما أحسَنَ ما صَنَعتَ !
سُبحانَكَ ما أجَلَّ ثَناءَكَ ، وأَسنى‏ فِي الأَماكِن مَكانَكَ ، وأَصدَعَ بِالحَقِّ فُرقانَكَ ! سُبحانَكَ مِن لَطيفٍ ما ألطَفَكَ ، وحَكيمٍ ما أعرَفَكَ ، ومَليكٍ ما أسمَحَكَ ! بَسَطتَ بِالخَيراتِ يَدَكَ ، وعُرِفَتِ الهِدايَةُ مِن عِندِكَ ، وخَضَعَ لَكَ كُلُّ شَي‏ءٍ ، وَانقادَ لِلتَّسليمِ لَكَ كُلُّ شَي‏ءٍ . سَبيلُكَ جَدَدٌ ، وأَمرُكَ رَشَدٌ ، وأَنتَ حَيٌّ صَمَدٌ ، وأَنتَ الماجِدُ الجَوادُ ، الواحِدُ الأَحَدُ ، العَليمُ الكَريمُ ، القَديمُ القَريبُ المُجيبُ ، تَبارَكتَ وتَعالَيتَ عَمّا يَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّاً كَبيراً .
تَقَدَّسَت أسماؤُكَ وجَلَّ ثَناؤُكَ ، فَصَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ عَبدِكَ ورَسولِكَ ، الَّذي صَدَعَ بِأَمرِكَ وبالَغَ في إظهارِ دينِكَ ، وأَكَّدَ ميثاقَكَ ونَصَحَ لِعِبادِكَ وبَذَلَ جُهدَهُ في مَرضاتِكَ ، اللَّهُمَّ شَرِّف بُنيانَهُ وعَظِّم بُرهانَهُ .
اللَّهُمَّ وصَلِّ عَلى‏ وُلاةِ الأَمرِ بَعدَ نَبِيِّكَ ، تَراجِمَةِ وَحيِكَ ، وخُزّانِ عِلمِكَ ، واُمَنائِكَ في

  • نام منبع :
    کنز الدعاء المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    محمدی‌ ری‌شهری، با همکاری رسول افقی
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 30022
صفحه از 666
پرینت  ارسال به